تعديل المناهج .. نقاش سياسي ومجتمعي والوزارة تكتفي ببيان
تعديل المناهج .. نقاش بصبغة سياسية
أثار تعديل المناهج جدلا واسعا في الشارع الأردني خلال الأيام الماضية، لتفتح الباب على مصراعيه لنقاش "عمق التعديلات أو سطحيتها"، وأهمية مواكبة المناهج للاستراتيجية الوطنية للتنمية البشرية وتنفيذ توصيات مؤتمر التطوير التربوي.
نقاش لم يخل من الصبغة السياسية، لطبيعة التغييرات، وانشغال الساحة بالانتخابات البرلمانية التي دخلت في بعض أروقتها لساحة مناقشة التعديلات، وما يحيط بالأردن من أخطار أكبرها خطر الإرهاب بمفهومه الواسع، بحسب مراقبين.
منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" فاخر دعاس، يؤكد أن التغيرات على المنهاج تتم منذ توقيع اتفاقية وادي عربة مع الجانب الإسرائيلي.
ويشير دعاس إلى سيطرة الوكالة الأمريكية للإنماء USAID Jordan على كافة مفاصل العملية التعليمية والتي وصلت حد الإشراف الكامل على دورات تأهيل المعلمين، موضحا أن أي تعديل على المناهج يجب أن ننظر له بتمعن كبير أبعد من شكليات الهدف منها حرف النقاش عن الأسباب الرئيسية لصالح الثانوي، على حد تعبيره.
فيما يرى خبير علم النفس التربوي باسل الحمد أن "النقاش حول المناهج خاطئ "، ففي الوقت الذي تنشغل فيه منصات التواصل الإجتماعي وأعمدة الصحف بنقاش الفرضية التي تقول "مناهجنا تصنع الإرهاب"، يؤكد الحمد أن المناهج لا تفعل ذلك، وإنما الظلم والتمييز الطبقي وغياب العدالة وعدم سيادة القانون.
ويضيف الحمد بسخرية، أنه ضد إضافة المقررات للمناهج "فقد تعددت الأصوات التي تريد منهاج يدرس حقوق الإنسان ومنهاج يدمج الأشخاص ذوي الإعاقة وآخر عن الصحة الإنجابية والبيئة، فيما يطالب المتدينون بإضافة مباحث دينية عديدة إلى المناهج"، وهكذا تتوالى الدعوات، وقد نضيف قريباً منهاجاً لمكافحة الإرهاب.
المدارس والجامعات يجب أن تعلم العلوم الأساسية التي تمكن الفرد من تحقيق جزء من نفسه من خلال تطوير المهنة، أما الأمور الأخرى فيجب أن تكون من مهمة المنظمات التطوعية والأسرة والمسجد، فخلط وظيفة المدرسة والجامعة بوظيفة الحكومة والمجتمع المدني والأسرة والمسجد هو الذي أدى إلى تخريب التعليم، وأوصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من خريجين أميين، بحسب الحمد.
المؤيدون والمعارضون .. كيف تبنى المواقف؟
ووسط تراشق البيانات "حادة اللهجة" بين نقابة المعلمين ووزارة التربية والتعليم وغيرهما من الجهات، بدفاع كل مؤسسة منهما عن وجهة نظره في تعديل المناهج، يبدو السؤال الذي يوجه المعلم نارت قاخون في محلّه.
يسأل قاخون كلّ مَن "يعارض" التغييرات التي طرأت على "المناهج" أو "يؤيّدها: هل هناك "دراسة" أو "دراسات" جادّة وصادقة وعميقة قامت بمقارنة "شاملة" بين "القديم" و"الجديد" تم الاعتماد عليها لاتّخاذ موقف "معارض" أو "مؤيِّد" ؟ أم اكتفيتم بما يُتداول من "صور" عبر "وسائل التواصل الاجتماعيّ"؟
فالكثيرون ممن خاضوا حرباً "مسعورة" لم يتحققوا من المناهج بحسبه، ليأخذ "الهجوم" المتكئ على "الصور الجزئيّة" دوره في "صراع المصالح واستثارة الجماهير".
ويرى الكاتب ماجد توبة أن التعديلات الـ 22 التي تحدثت عنها النقابة من "تشوهات وحذف نصوص قرآنية وأحاديث نبوية ونزعا لأسماء ورموز ومصطلحات ذات دلالات دينية وثقافية ووطنية واستبدالها بما هو تغريبي مميع فارغ"، غير واقعية، "فأغلب المواضيع المذكورة تتعلق بكتب اللغة العربية للصفين الخامس والسادس، وليس بكتب الدين أو الثقافة الوطنية أو التاريخ".
ويدعو توبة النقابة لإجراء دراسات تحليلية بأيدي مختصين للتعديلات، بعيدا عن الاجتزاء المضر بالجميع.
ويقول دعاس "لن أنجر إلى معركة "الأم المحجبة والأب الملتحي" في تعديلات المناهج التي تم تطبيقها لهذا العام الدراسي"، مشيرا إلى أن هنالك من يحاول تقزيم القضية بتبديل صورة هنا أو إزالة كلمة هناك"، فالقضية أكبر من ذلك.
فـ"المضمون الأكاديمي في تراجع مستمر، والقضية لا يجوز حصرها بحذف آية من اللغة العربية وإضافتها للتربية الإسلامية، فهناك ضعف واضح في اللغة الإنجليزية والرياضيات وغيرها من المناهج"، يضيف دعاس.
النقابة: الوزارة لا تلتفت لنا
من جهته، يؤكد الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين أحمد الحجايا أن اجتماعا اطارئا عقدهمجلس النقابة للتباحث حول ما طرأ من تعديلات على المناهج مؤخرا، والتي تم تداولها بشكل كبير عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والالكتروني، تمخض عنه تشكيل لجنة أزمات خاصة تعنى بمتابعة التعديلات على المناهج".
ويشدد الحجايا على أن اللجنة بدأت عملها لجمع المعلومات حول التعديلات من فروع النقابة والميدان، حيث أنهت المرحلة الأولى، مطالبا كل من ينتقد بيان النقابة بمراجعة موقعها الإلكتروني الذي نشر كل التعديلات من جميع المناهج بأرشفتها "وإن لم تذكر في البيان".
ويشير إلى أن اللجنة رفعت إلى الوزارة نتائج المرحلة الأولى من التدقيق بـ 34 تعديلا، مضيفا بأن النقابة لا تعول كثيرا على تفاعل الوزارة مع جهودها، كونها "لا تحترم النقابة ولا تلتفت لها كمستشار أو رقيب وجزء من العملية التعليمية"، على حد تعبيره.
وحول إمكانية فتح حوار فاعل حول التعديلات والتدخلات في صياغة المناهج، يقول فاخر دعاس "إن ذلك ممكن لو استجابت الحكومة التي تمضي في إجراءاتها، ولن يثنيها أحد عن ذلك سوى الرقابة وفضح التعديلات التي تؤثر بقيم ومعلومات الطلبة".
الوزارة تكتفي بالبيان الصحفي
بدورها أصدرت وزارة التربية والتعليم، بيانا حول ما تداولته وسائل الإعلام ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي عن الكتب المدرسية الجديدة، قالت فيه إن "متخصصين في الوزارة قاموا بدراسة كل ما أفرزته تلك الوسائل ومراجعته".
وأوضحت الوزارة في بيانها الوحيد، أن الكثيرين ممن تناولوا موضوع المناهج والكتب المدرسية، قد وقعوا في خطأ كبير حين قاموا بمقارنة الكتب المدرسية بطبعتها الجديدة مع الكتب التي طبعت العام الماضي وتم إلغاؤها، إذ ظهر أن الأغلبية منهم لم يقرأوا تلك الكتب ولم يطلعوا على ما فيها من مادة علمية، وأنهم "اكتفوا بالشائعات والأحكام المسبقة التي أطلقها البعض أو الأقاويل التي تداولتها بعض وسائل التواصل الاجتماعي، لتمرير أهداف أصحاب هذه الأقاويل".
وأكد البيان أن هذه الكتب جديدة بالكامل، وأن ما جرى ليس تعديلات هنا وهناك، كما زعم البعض دون أن يعودوا إلى إدارة المناهج للاستفسار".
هذا وحاول موقع "عمان نت" التواصل مرارا مع مسؤولي المناهج والناطق الإعلامي بالوزارة دون تلقي أي رد.