تضاعف الانتهاكات الاسرائيلية للمقدسات بين الوصاية الاردنية والسيادة الفلسطينية
تتزايد الانتهاكات الاسرائيلية بحق المسجد الاقصى والمقدسات في مدينة القدس المحتلة دون قدرة عملية لصاحبة الوصاية القانونية متمثلة بالحكومة الأردنية أو صاحبة السيادة متمثلة بالسلطة الفلسطينية بوقفها (وإن كانت تحت الاحتلال).
الانتهاكات المتزايدة للمسجد الأقصى بلغت أوجها قبل أيام باقتحام جيش الاحتلال الاسرائيلي للمسجد القبلي لاول مرة منذ 45 عاما
وفي شهر واحد فقط تضاعف عدد المتطرفين اليهود الذين اقتحموا باحات المسجد الأقصى 4 أضعاف، من 267 متطرفاً في شهر تموز من العام الحالي إلى 1169 متطرفاً في شهر آب من العام ذاته والعدد مرشح للزيادة في ظل الإنتهاكات المتلاحقة وفقاً لتصريحات الأوقاف لـ "عمان نت".
هذا التزايد المطرد للإنتهاكات بحق الحرم القدسي يتم بحراسة من شرطة الإحتلال الإسرائيلي، إذ تشير الإحصائيات ذاتها الى دخول نحو 7642 سائحاً خلال الشهر آب من العام الحالي بزيادة مئتي سائح عن الشهر الذي يسبقه، ناهيك عن "ضيوف" جنود الشرطة والمخابرات الإسرائيلية وعددهم 12 شخصاً.
اقتحامات في ظل الوصاية الأردنية
يرابط في القدس نحو 600 موظف أعزل تابعين للإدارة العامة لأوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، مئتا موظف يحرسون الأقصى على مدار 24 ساعة، يقفون على الأبواب ويتابعون المتطرفين الإسرائيلين الذين يواصلون محاولات الدخول إلى الاقصى.
ولم يصادف أن تعرض حارس أردني للقتل من قبل سلطات الإحتلال ، لكنهم تعرضوا للضرب مراراً، فيما ابعد ستة موظفين عن الأقصى بحجة أنهم رشقوا قوات الإحتلال بالحجارة، بحسب مدير شؤون الأقصى في وزارة الأوقاف الأردنية عبد الله العبادي
يشير مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني المسؤول عن الحراس الأردنيين للمسجد إلى وجود ثلاث ورديات متناوبة على مدار اليوم لضمان حماية الأقصى.
ولا تميز الشرطة الإسرائيلية بين فلسطيني وأردني أو مصلٍ وموظف بحسب الكسواني عندما تهم بإقتحام المسجد الأقصى وتطلق النار والقنابل المسيلة للدموع عشوائياً، يتبعها خرق للسيادة الأردنية من خلال التحكم بأبواب المسجد الأقصى.
مدير عام اوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب التميمي حذر من دعوات الجهات اليمينية المتطرفة لأداء الصلوات التلمودية في الأقصى كونها تحول القدس إلى ثكنة عسكرية اسرائيلية في دقائق وتعمل على إغلاق أبواب المسجد امام المصلين المسلمين وتستفز مشاعرهم.
يذكر أن الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى وثقت بإتفاقية وقعها الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2013 أعادت التأكيد على السيادة الأردنية للمقدسات وسيادة دولة فلسطين عليها.
مطامع اليمين المتطرف
يمارس اليمين الإسرائيلي المتطرف الضغط على حكومته بإستمرار لتغيير الواقع الحالي للمسجد الأقصى وفتح ملف السيادة الأردنية، آخرها دعوة النائب اليميني المتطرف موشي فيغلين لنقل السيادة من الأوقاف الأردنية إلى السلطات الإسرائيلية، رد عليها 47 نائباً أردنياً بإقتراح يطالب بالغاء معاهدة السلام مع اسرائيل، فيما هرعت السلطة الفلسطينية وقتها للمجتمع الدولي مطالبة اياه بالتدخل.
وتشمل أطماع اليمين تقسيم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان، ومنهم من يطالب بهدم المسجد الأقصى كله كجماعة أمناء الهيكل، وهناك من يطالب بمنع المسلمين من دخول المسجد من ناحية دينية، ومنهم من يريد تأصيل إقامة الصلوات التلمودية بحرية في حائط البراق.
مدير عام اوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب التميمي اعتبر الوصاية الأردنية على الأقصى بمثابة "صمام الأمان" لهوية المسجد الأقصى، مؤكداً أن اسرائيل لا تجرأ السعي الحقيقي لإلغاء السيادة الأردنية كونها مرهونة بمعاهدة السلام مع إسرائيل.
وتنص معاهدة وادي عربة في مادتها التاسعة على أن يمنح كل طرف للآخر حرية الوصول للاماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية، وأن تحترم اسرائيل وفق اعلان واشنطن، الدور الأردني في الأماكن المقدسة في مدينة القدس.
حفريات مستمرة
حتى اللحظة، الحفريات التي تنتهك حرمة المسجد الأقصى مستمرة في محيطه وممراته وفي ساحة البراق ومنطقة القصور الأموية بحسب مدير شؤون الأقصى في وزارة الأوقاف عبد الله العبادي، يرافقها أعمال هدم لمبانٍ وإنشاء مبانٍ أخر خلال عامي 2013-2014 فيما تظل الحفريات أسفل المسجد الأقصى عصية عن الكشف.
وتوصد الأبواب في وجه الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى عند الحديث عن الحفريات أسفل المسجد الأقصى، فالجدران التي أقامتها سلطات الإحتلال تخفي خلفها حفرياتها وتشويهاتها للمسجد ومرافقه حتى عن الجميع بحسب العبادي.
مؤسسة الأقصى للوقف والتراث حذرت في بيان لها الخميس 2/10/2014 من مواصلة الاحتلال الاسرائيلي حفرياته أسفل وفي محيط المسجد الأقصى، وبالتحديد في المنطقة الواقعة أسفل منطقة المطهرة وتمتد عرضا الى أسفل حوش العسيلة وبابي الحديد والسلسلة.
وأكدت المؤسسة أن الاحتلال يعمل على مدار 24 ساعة لاستكمال هذه الحفريات وعزمه افتتاح قاعات واسعة، بعد تهويد مسمى ومضمون هذه الأبنية إسلامية الأصل، ويقوم على مشاريع الحفريات والتهويد المذكورة كل من ما يسمى “صندوق الحفاظ على ما يسمونه إرث بالإضافة الى ما يسمى بـ “سلطة الآثار الإسرائيلية”.
وترصد المؤسسة مجريات تطور الحفريات من خلال مشاهدات قريبة، والتي أكدت أن الاحتلال يواصل وبسرعة كبيرة عمليات الحفريات في المنطقة، ويقوم باستخراج كميات كبيرة من الأتربة، كما يواصل العمل على مدار الـ 24 ساعة في كثير من الأحيان، إذ رصدت المؤسسة أعمالاً في الساعة العاشرة ليلاً ، وأحيانا قبل صلاة الفجر، وهو الأمر الذي أكده سكان الحي المقدسيين لطاقم.
تراشق المسؤوليات
لا يتحمل الأردن وحده الدفاع عن المقدسات في مدينة القدس باعتباره صاحب الوصاية القانونية، كون السلطة الفلسطينية تتحمل جزءا من هذه المسؤولية بصفتها صاحبة السيادة على مدينة القدس كاملة بحسب تصريحات وزارة الأوقاف لـ "عمان نت".
فيما اعتبر المدير السابق للمركز الإعلامي في الحكومة الفلسطينية غسان الخطيب، أن السلطة الفلسطينية لا تتمتع “بصلاحيات فعلية” لوقف الانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات كونها دولة تحت الاحتلال، مشيرا إلى عملها المستمر مع الأردن ودول عربية أخرى للحد من هذه الانتهاكات.
ودعا الخطيب في حديث لـ”عمان نت” الجانب الفلسطيني لعدم تحميل المسؤولية للأردن في ظل الانتهاكات الإسرائيلية في القدس، داعيا في ذات الوقت الجانب الأردني إلى عدم “الإحساس” بتقصير الجانب الفلسطيني.
يذكر أن وزارة الأوقاف الأردنية تنفذ حالياً مشاريع ترميمية بقيمة 3 ملايين دولار، أهمها ترميم الزخارف الجصية والفسيفسائية في قبة الصخرة والمسجد الأقصى والتي مضى عليها أكثر من 800 عام دون ترميم.