المواقع الالكترونية: خرق القانون حين تحضر المنفعة

المواقع الالكترونية: خرق القانون حين تحضر المنفعة
الرابط المختصر

تملأ بعض المواقع الدنيا ضجيجا ضد الفساد وخرق القانون،لكنها ستكون اول من يخرق القانون عندما سيكون في ذلك مصلحة لها.

وهذا الامر ينطبق الان على قانون الانتخابات الذي تواصل الكثير من المواقع خرق مواده الخاصة بالدعاية الانتخابية.

خلافا للقانون الذي حدد بدء الحملة الانتخابية قبل شهر من موعد الاقتراع، اي في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، بدأت مواقع الكترونية باكرا بنشر دعايات للمرشحين بعضها بشكل واضح ومكشوف وبعضها الاخر بشكل موارب.

عمدت مواقع عديدة الى نشر صور عشرات “المرشحين” المفترضين على صفحاتها الاولى، فموقع مثل اخبار الاردن، نشر اكثر من 30 صورة لمرشحين من مختلف محافظات المملكة.

وخصص، مثل غيره، صفحة خاصة، للمرشحين، بعض هؤلاء نشرت صورهم بافتراض انهم سوف، او انهم يطرحون ترشيحهم لانتخابات مجلس النواب السابع عشر، فيما البعض الاخر بدأ بنشر دعاية انتخابية بشكل مكشوف.

وليس هذا الموقع الوحيد الذي عمد الى بدء الحملة الاعلانية للمرشحين خلافا للقانون، بل تشاركه عشرات المواقع الاخرى.

واللافت للنظر ان هذه المواقع تقوم، احيانا لوحدها بنشر صور المرشحين، على امل ان تغريهم بالاعلان من خلال صفحاتها مع بدء الحملة، وهذا نوع من العلاقات العامة الذي بدأت تسلكه مواقع الكترونية في كل مرة تجري فيها الانتخابات النيابية.

وبحسب صحفي عامل في احد هذه المواقع، رفض ذكر اسمه، فان موقعه يجول على الكثير من المرشحين، خاصة الجدد منهم، ومن لا يمتلك القدرة منهم على صياغة البيانات والشعارات يعرض عليه خدمات متكاملة تشمل اخبار المرشح وتحركاته وكتابة البيانات والشعارات.

ويقول ان الانتخابات تشكل فرصة نادرة لا تتكرر كل عام من اجل تحسين دخل الموقع عبر تقديم هذه الخدمات للمرشحين.

لا ينقص المتابع ملاحظة كل ما سبق من خلال تصفح عشرات المواقع الاردنية، وقد عمد بعض النشطاء الى رصد بعض هذه المخالفات سواء من خلال مواقع جديدة تم اطلاقها لمراقبة الانتخابات مثل موقع “تقصي” او من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.

لكن هناك ما هو اخطر من ذلك، فقد صار معروفا ان بعض المواقع الالكترونية هي ملك نواب سابقين، مرشحين حاليين، وهذه المواقع لا تعلن عن اسم مالكها، وتواصل نشر اخبار واعلانات لهذا “المرشح” على شكل اخبار عن نشاطاته واعماله.

وهنا يبرز دور ما صار يعرف عندنا بـ”المال السياسي” حيث يلاحظ ان “المرشحين” من فئة رجال الاعمال تعطى اهتمام خاص من قبل بعض المواقع او من خلال الموقع الذي يمتلكون.

وفي هذا يبرز الخلط بين الدعاية لشركات هؤلاء المرشحين والدعاية لهم شخصيا، ويرى المتابع اهتمام كبير مثلا بشركة سياحة او بشركة طيران اعلن اصحابها ترشحهم للانتخابات.

وتعمد مواقع، وبعض الصحف احيانا، الى نشر اعلانات لهذه الشركات على شكل اخبار مع صور لأصحابها. ويجري هذا بشكل موارب للتلاعب في المتلقي دون الاشارة الى ان هذه “الاخبار” هي تقارير اعلانية مدفوعة او دون الاعلان عن ان صاحب الشركة مرشح للانتخابات.

وبالطبع فان “الاخبار” هذه التي تنشر بشكل شبه يومي عادة ما تكون مرفقة بصور “المرشح” والتركيز على اقواله ومشروعاته وخططه.

وفي كل هذا، فان المواقع لا تفصل بين الاخبار، مثل اخبار الترشح، وبين الدعاية للمرشحين انفسهم وهكذا تمرر على المتلقي اعلاناتها كما لو كانت موادا اعلامية تخضع للمعايير المهنية.

وفي ضوء امتلاك نواب سابقين ومرشحين حاليين من المقتدرين ماليا لمواقع الكترونية باتت معروفة للعاملين في الوسط الصحفي، صار بالامكان ملاحظة دور “المال السياسي” في الحملة الاعلانية، التي صارت شبه محتكرة لمن يملك المال لانشاء هكذا موقع وتوظيف صحفيين، إما لتنظيم حملته الاعلانية او لكتابة بياناته وشعاراته.

هذه التركيبة بين المال السياسي والاعلام يجعل من حملات المرشحين غير متكافئة مطلقا، فالمرشح غير المقتدر ماليا لن يمتلك اي مساحة تذكر في المواقع الالكترونية، وربما يؤثر هذا على حظوظه في النجاح وبغض النظر عن برنامجه وشعاراته.

وعليه، فان السؤال الذي صار مطروحا: هل تعزز المواقع الالكترونية وبعض الصحف ظاهرة المال السياسي وتشجع المرشحين على خرق القانون والتلاعب بالمتلقي من خلال خلق انطباعات وهمية عن المرشحين خاصة من تتولى عنهم كتابة البيانات والبرامج والشعارات.

مزيد من تقارير عين على الاعلام هنـا

أضف تعليقك