المناطق الصناعية المؤهلة..رقعة الانتهاكات بتوسع

المناطق الصناعية المؤهلة..رقعة الانتهاكات بتوسع

"والله لولا الحاجة والفقر ما رضيت بهذا الشغل.. صاروا يتفننوا بأشكال الظلم الوظيفي.. أنا من سنين بعمل في المصنع على نظام المياومات حتى ما آخد أي حق من حقوقي"، هكذا وصف الشاب عمر (24 عاما) من منطقة الضليل عمله  في أحد مصانع الألبسة في المنطقة الصناعية في الزرقاء.

وعمر ليس العامل الوحيد الذي يعاني ظروف عمل غير لائقة على حد وصفه تجبره "لقمة العيش" على الاستمرار به؛ فسهام (28 عاما) عاملة في مصنع في المنطقة الحرة في الزرقاء حالها ليس أفضل بكثير من حال زميلها وتروي "لعمان نت" الظلم الواقع عليها على حد قولها "عقودنا تكون لأقل من 3 شهور ثم يعود صاحب العمل لتجديد العقد لثلاثة شهور أخرى وهكذا الحال حتى لا يضطر إلى تثبيتنا وبالتالي نطالب بحقوقنا".

"النساء يعانين ظلما مضاعفا فلا يتم قبول المرأة المتزوجه وبالأخص الحامل في العمل وفي حال معرفتهم بحمل موظفة يتم فصلها وعدم تجديد العقد" تقول سهام.

أحد العاملين أيضاً في مصانع الألبسة ويدعى محمود (18 عاماً) من محافظة المفرق يروي ما يتم من انتهاكات بحق العمال داخل مصانع الألبسة بقوله "لا يوجد إجازات ومن يطالب بأي حق يفصل من العمل لأنه غير مثبت، ليس لدينا حقوق أساسية مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي ولا تصل رواتبنا للحد الادنى للاجور، وفي بعض المصانع ساعات العمل الاضافية اجبارية  وبدون مقابل مع عدم مراعاة ظروف البعض".

ازدياد رقعة الانتهاكات 

ما رواه العاملون "لعمان نت" جاء مطابقاً لدراسة أعدها المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أكدت ازدياد رقعة الانتهاكات بحق العمال في المناطق الصناعية المؤهلة، وقيام بعضهم بتنفيذ اضرابات احتجاجاً على ظروف عمل غير لائقة يعاني منها العمال.

ووفقاً لمدير المرصد العمالي أحمد عوض فإن عدد العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة (62191) عامل وعاملة، عدد الأردنيين منهم (16599) عاملاً وعاملة منهم (12427) من الإناث، في حين يبلغ عدد العمال الأجانب (45592) عاملاً وعاملة منهم (32428).

ويوضح عوض "لعمان نت" أشكال الانتهاكات التي تتم في المصانع بقوله "يعاني البعض من تعرضهم لإهانات لفظية وجسدية وأحيانا جنسية، ومن طول ساعات العمل وعدم احتسابها بالشكل الصحيح، حيث يعملون لمدة ما بين 12- 16 ساعة عمل متواصلة، يأخذون خلالها استراحة غداء، واستراحة أخرى لمدة عشر دقائق".

ويضيف عوض أن العامل في المناطق الصناعية المؤهلة لا يعطى خيار العمل لساعات إضافية حيث يجبر عليها، إضافة إلى العطل الأسبوعية والإجازات والأعياد.

"بعض العمال يعانون من عدم استلام الأجر في موعده ومنعه لشهور أحيانا، حيث أكد بعض العمال أن أجورهم تتأخر أحيانا حتى العاشر من الشهر، وفي حالات أخرى أكد بعض العمال أن رواتبهم تأخرت لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم يستلموها إلا بعد أن هددوا بالتوقف عن العمل وعدد كبير لا يزالون يتقاضون الحد الادنى للاجور منذ اكثر من 6 سنوات بدون اي زيادات" يقول عوض.

هذه الانتهاكات التي جاءت في دراسة المرصد العمالي قد تتضح بشكل واضح في حالة العاملة نايفة التي تعمل في مصنع في مجمع الضليل الصناعي التي توضح ما يتم من انتهاكات "أنا أعمل في المصنع منذ 16 عاما، وبدأت براتب 60 دينار، أصحاب المصانع يقومون بتعديل الرواتب فقط لتصل الحد الادنى للجور بدون أي زيادات سنوية تذكر، وأنا منذ تعديل الأحد الأدنى للأجور قبل 5 سنوات بدأت اتقاضى 190 دينارر لأن صاحب العمل مجبر على تعديله فقط، أتمنى أن يتم تعديل الحد الأدنى ليصل إلى 300 دينار أردني، "شو بتكفي الـ 190 دينار؟!".

 

وحسب "الاتفاقية رقم 81 بشأن تفتيش العمل في الصناعة والتجارة"  والتي صادق عليها الأردن ونشرت في الجريدة الرسمية فإن كل دولة عضو في منظمة العمل الدولية عليها أن تقيم نظاماً للتفتيش في أماكن العمل الصناعية، لضمان تنفيذ الأحكام القانونية المتعلقة بظروف العمل وحماية العمال في أماكن عملهم.

وزارة العمل تؤكد سعيها لتوفير فرص عمل لائقة

بدوره قال مدير مديرية التفتيش المركزي في وزره العمل عبدالله الجبور لعمان نت "أن الوزارة تسعى جاهدة إلى توفير فرص عمل لائقة لجميع الاردنيين والعمالة الوافدة وتطبيق معايير العمل اللائق في كافة أماكن العمل خصوصاً في المناطق الصناعية المؤهلة".

وتابع الجبور "أن الوزراة تنفذ بالشراكة مع منظمة العمل الدولية  "مشروع العمل الأفضل" وهو يسعى للحد من الفقر في البلاد من خلال تعظيم فرص العمل للشباب في المناطق الأقل حظا وتحسين القدرة التنافسية وتعزيز القدرة الاقتصادية لهذه المؤسسات في مصانع الألبسة تحديداً في المناطق الصناعية المؤهلة".

وأضاف "تعمل الوزارة من خلال شراكتها مع منظمة العمل الدولية على تطبيق معايير العمل اللائق في المناطق الصناعية المؤهلة وخصوصا في مصانع الألبسة بحيث تسعى لتأمين بيئة عمل سليمة وآمنة تضمن أجور عادلة وتأمين صحي وضمان اجتماعي بهدف استقطاب الشباب الاردنيين والتقليل من توجه الشركات الى استخدام العمالة الوافدة بدلا من المحلية".

وحسب الجبور فإن الوزارة تشترط على أصحاب المصانع في المناطق الصناعية بتأمين ظروف عمل جيدة للجميع أردنيين ووافدين من سكن ووجبات وأجور عادلة وبدل مواصلات وعمل اضافي وتأمين صحي وضمان اجتماعي.

وتطرق الجبور إلى دور مديرية التفتيش بمخالفة الشركات التي تخالف معايير العمل وتقديم النصح والمشورة والارشاد لأصحاب العمل لضمان ظروف عمل لائقة إضافة إلى تشجيعهم على تشغيل أردنيين بدلاً من العمالة الوافدة من خلال تقديم المزايا والتسهيلات.

توفير فرص عمل لائق

أما وزير العمل علي الغزاوي فقال في تصريحات صحفية سابقة أن "الوزارة تسعى إلى تحقيق ثلاث أولويات؛ تتمثل بتوفير فرص عمل لائق، وظروف وشروط عمل أفضل تخلو من التمييز، وتعزيز الحقوق المتساوية في العمل".

وأكد الغزاوي إن "حماية الحقوق العمالية وتعزيز فرص العمل اللائق، يشكلان أبرز الأهداف الأساسية للوزارة، والتي تجسد تطلعات الأفراد في حياتهم المهنية وآمالهم المعلقة على الفرص والمداخيل والحقوق، بكافة أشكالها الهادفة إلى تحقيق الاستقرار والتطور والعدالة والمساواة بين الجنسين، ورغبتهم في إيصال صوتهم والاعتراف بدورهم".

واستنادا إلى تقارير صادرة عن النقابة العامة للعاملين في صناعة الغزل والنسيج، شهدت  المدن الصناعية خمسة إضرابات خلال السبعة أشهر الماضية من عام 2016، شارك فيها (1377) عاملا وعاملة، ليكون مجموع الأيام التي توقف فيها العمال عن العمل في هذه الإضرابات (44) يوما.

وحسب نقيبها فتح الله العمراني فإن النقابة تلقت خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام (21) شكوى جماعية تخص (3080) عاملا وعاملة، تراوحت شكواهم ما بين حجز جوازات السفر، تأخير في استلام الرواتب أو الامتناع عن دفعها، بالإضافة إلى الاختلاف على آلية احتساب العمل الإضافي، وغيرها من الشكاوى.

وقال التقرير "رغم أن المصانع، من المفترض أن تخضع لآليات دقيقة قبل انضمامها إلى هذه القائمة الذهبية التابعة لوزارة العمل، إلا أن رصداً أولياً أجراه القائمون على إعداد هذا التقرير، أن بعض المصانع التي تتصدر أسماؤها القائمة الذهبية وعلى مدى عدة سنوات، يتعرض عمالها وعاملاتها لعدة انتهاكات، وبعض هذه المصانع خاض عمالها  وعاملاتها إضرابا عن العمل العام قبل الماضي، ومع ذلك بقي اسمها ضمن القائمة الذهبية".

هذا وتنص المادة السابعة من العهد الدولي الخاص للحقوق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ضمان الحق في أجر يوفر أحوال العيش الكريم للعمال واسرهم، ويوجد نص مماثل في المادة 23 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان كما ابرمت منظمة العمل الدولية الاتفاقيات الكفيلة بتنظيم الحد الأدنى للاجور وبيئة عمل لائقة، حيث يجب أن ترتبط قيمة الأجر مع ساعات العمل الأسبوعية وأن يتمتع العامل بمستوى معيشي كاف وكريم له ولأسرته.

أعد هذا التقرير ضمن مشروع "انسان".

أضف تعليقك