الغائب عن جدل صندوق الاستثمار الأردني‎

الغائب عن جدل صندوق الاستثمار الأردني‎

لولا الضجة التي حدثت على قضية السماح للشركات الاستثمارية الإسرائيلية بالمشاركة في الشركة التي تنشأ بموجب قانون صندوق الاستثمار الأردني، لكان القانون عبر دون أن يسمع فيه الغالبية من أبناء الأردن.

 

حمل القانون الكثير من المواد الخلافية والحساسة، لكنه لم يكن محط اهتمام المواطنين "الذين لا يهتمون بالتشريعات غالبا" حتى بعد الجدل حول السماح لإسرائيل، ناقش الناس على مواقع التواصل الاجتماعي جانب واحد فقط من القانون دون الالتفات للمواد الكثيرة فيه.

 

القانون يؤسس لصندوق سيادي استثماري، وهو ما يعرّفه صندوق النقد الدولي بأنها "صناديق للإستثمار ذات غرض خاص تملكها الحكومة، وهي تحتفظ بالأصول وتتولى توظيفها وإدارتها لتحقيق أهداف ماليه مستخدمة في ذلك استراتيجية الاستثمار في الأصول المالية الأجنبية" وكان أول صندوق سيادي في العالم تأسس عام 1953 في الكويت.

 

وتهدف الصناديق لاستيعاب الفوائض المالية في موازنات الدولة التي تحقق أرباحا كبيراً من النفط أو الخدمات والسلع والاستثمار فيها، بهدف تحقيق عوائد جديدة عبر تشغيل تلك الأموال بدلاً من تركها تتراكم دون الاستفادة منها، لكن الوضع في الأردن مختلف كون البلاد تعاني من مديونية ضخمة تبلغ 25 مليار دينار، فمن أين ستأتي بالأموال التي سيديرها الصندوق السيادي؟.

 

الحكومة تستهدف بقانونها الجديد أموال السعودية في الأساس، كي تكون هي الرافعة المالية للمشاريع التي سيقوم الصندوق بتنفيذها، حيث يختص بالمشاريع التنموية الكبرى والمتعلقة بالبنية التحتية الكبرى، وهي مشاريع تحتاج لأموال ضخمة جداً كي يتم العمل عليها.

 

منحت الحكومة الصندوق الحقوق الحصرية بالتملك والإستثمار والتطوير بمشاريع كبيرة، وهي السكك الحديدية الوطنية والربط الكهربائي مع السعودية وأنبوب نقل النفط الخام والمشتقات النفطية إلى مصفاة البترول ومواقع الاستهلاك والتخزين، ومشروع تطوير البنية التحتية في مدينة خادم الحرمين، ومشروع المطل/ المدينة الترويحية الذي سيقام في العقبة، وأي مشاريع إضافية يوافق عليها مجلس الوزراء.

 

كما منح القانون الصندوق الحق بالمساهمة في أي مشاريع اقتصادية في قطاعات الطاقة والنقل والمياه والبنية التحتية بقرار من مجلس الوزراء.

 

الآلية التي سوف تستقطب فيها الأردن أموال الدول الأخرى هي بدعوة الصناديق الاستثمارية مؤسسات الاستثمار لتأسيس شركة أو أكثر للاستثمار في حقوق التطوير والاستثمار في المشاريع المذكورة في القانون، بالإضافة إلى طرح أسهم الشركة للاكتتاب، ولضمان سلاسة أكثر لهذه الشركة، حيث نشأ بأحكام خاصة ونظام خاص بعيداً عن قانون الشركات وقانون الشركات والأوراق المالية، ومُنحت هذه الشركة امتيازات ضخمة منها الإعفاءات الضريبية الكاملة والرسوم.

 

لكن القانون يمنع من تقل نسبة استثماره بالشركة بالأصالة أو بالوكالة عن 1% من حضور اجتماعات الشركة، قد تبدو للوهلة الأولى نسبة 1% قليلة لكن بمشاريع تقدر بمليارات الدنانير فإن الرقم سيكون مرتفع جداً مما يعني أن الكثير من المكتتبين في الشركة سوف يُحرمون من مناقشة أمور أموالهم مع الشركة.

 

كما أن تعليمات توزيع الأرباح ونفقات الصندوق سوف توضع وفق نظام خاص بعد نفاذ أحكام القانون، ولم يتم النص عليها في القانون، مما يعني أنه تركت في يد الحكومة تحديد نسبة الأرباح التي سيتم توزيعها على المكتتبين والمساهمين وتعديل النسب وفقاً لرؤيتها وبشكل غير ثابت.

 

ومنح القانون الصندوق حق الاستملاك لأراضي وأملاك لمواطنين وفق أحكام قانون الاستملاك وبقرار من مجلس الوزراء لغايات استخدام الأملاك في مشاريع تعود بالنفع العام بالمعنى المقصود في قانون الاستملاك.

 

ويرأس إدارة الصندوق كل من رئيس الوزراء وبعضوية وزراء التخطيط والصناعة والمالية والطاقة، وثلاثة أعضاء يحددهم مجلس الوزراء، دون أن يحدد القانون أي ملامح أو شروط لاختيار الأعضاء الثلاثة.

 

هذا ومنح القانون الصندوق الحق في التصرف والإدارة بأموال الخزينة وأراضي الحراج، مما يضع المساحات الخضراء الحرجية تحت خطر إنشاء أي مشاريع عليها، بالإضافة إلى تهديد أموال الخزينة في حال فشل أي مشروع تم استثمارها في مشاريع الصندوق.

أضف تعليقك