العنف بالتأديب.. طريق قصير بعواقب جسيمة

العنف بالتأديب.. طريق قصير بعواقب جسيمة
الرابط المختصر

لم يكن وقع حادثة مقتل فتى في الرابعة عشر من عمره على يد والده بصعقة كهربائية، أمرا سهلا على الشارع الأردني، فالضرب المفضي إلى الموت من أقصى انواع العقوبات التي قد يتلاقاها الأطفال الذين لا يدركون حتى معنى ما قد يرتكبونه من أخطاء.

 

وكان الوالد قد اعترف خلال التحقيق معه، بأنه قام بصعق ابنه بقصد تأديبه، ليوجه له مدعي عام الجنايات الكبرى تهمة "القتل القصد".

 

وتشير أرقام أصدرتها منظمة اليونيسيف، إلى أن  66% من الأطفال في الأردن يتعرضون للضرب التأديبي، وأن 23% منهم يتعرضون للتأديب العنيف، فيما يتعرض 90% من الأطفال لأحد أشكال التأديب العنيف في منازل ذويهم.

 

الخبير التربوي علي الحُشكي يصف الضرب المفضي إلى الموت للأطفال بالمؤسف، معتبرا أن مختلف أشكال الضرب لا تساهم بتقويم سلوكهم.

 

فـ"العديد من الأسر تفتقد إلى مفهوم الحوار الإيجابي، فيما بينهم وبين أطفالهم، حيث يجدون الضرب وسيلة سهلة لتربتهم دون الأخذ بعين الاعتبار عواقب ذلك"، يضيف الحشكي.

 

"كما يبرر البعض لجوءهم إلى الضرب إلى ما يعانوه من ضغوطات نفسية وعصبية تدفعهم إلى تفريغها بضرب أبنائهم الذين يعدون الحلقة الأضعف في سلسلة تلك الضغوطات.

 

ويذهب الخبير في مجال حماية الأطفال والأسرة الدكتور سيد عادل الرطروط ، إلى أن هناك العديد من الأسر التي تعاني من فجوة كبيرة فيما بين الوالدين من جهة وأبنائهم من جهة أخرى.

 

ويعتبر الرطروط  أن ممارسة القسوة والعقاب بالضرب لغايات التأديب، قد تؤدي تدريجيا إلى تحول تلك العائلات إلى أسر معنفة لأطفالهم.

 

وتعاملت وزارة التنمية الاجتماعية ضمن مكاتب الخدمة الاجتماعية في إدارة حماية الأسرة العام الماضي مع 2719 حالة عنف غالبيتها تصنف كعنف جسدي، ليشكل ذلك ارتفاعا عما كان عليه في أعوام سابقة.

 

وينتقد الرطروط المادة القانونية التي تجيز للآباء ضرب أبنائهم، وقد يتخذها البعض مبررا لممارسة الضرب دون تعرضهم للعقاب.

 

ويجيز قانون العقوبات في مادته الـ62، أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاءً أو ضرراً لهم، ووفق ما يبيحه العرف العام.

 

وكانت اللجنة الدولية لحقوق الطفل، قد طالبت ضمن توصياتها، بإلغاء هذه المادة، ومنع العقاب البدني، فضلا عن تشجيع البرامج التوعوية للمجتمعات المحلية للحد من ظاهرة ضرب الأطفال.

 

ويرى الحشكي أن وسيلتي الضرب أو الصراخ لا تعدان ناجعتين بتصحيح السلوك الخاطيء لدى الأطفال، بل من الممكن أن يعرض العديد منهم للانحراف.

 

"فالنشأة السليمة تبدأ من السنوات الأولى للطفل، يؤكد الحشكي، الذي يوضح بأنه في حال عدم تجاوبه لا بد من البحث عن الأسباب الحقيقة لذلك ومعالجة تلك السلوكيات الخاطئة بعيدا عن استخدام الضرب، الأمر الذي يتطلب إلى وقت طويل.

 

ويلفت الحشكي إلى ضرورة مراجعة المناهج الدراسية ودمج اسس التربية الحديثة لتدريب الطلبة وذويهم، بهدف إنشاء جيل واع ومجتمع سليم خال من الاضرابات النفسية.

 

 

وحول بدائل العقاب البدني، يشير الرطروط  إلى إمكانية استخدام حرمان الأطفال من أمور يحبونها، واعتماد الحوار الإيجابي، إضافة إلى تأمين احتياجاتهم الأساسية وتعزيز مداركهم بحيث يصبح أكثر إدراكا بالأمور الخاطئة والصحيحة .

 

كما تقع مسؤولية كبيرة على الدولة، وذلك بتشديد العقوبات ضد المعنفين لأبنائهم، وتأهيل الأسر وتوعيتهم بطرق العناية والتربية السليمة بعيدا عن الموروث الاجتماعي الذي يعتبر الضرب وسيلة للتأديب، يقول الرطروط.

 

ويشير مسح السكان والأسرة في المملكة للعام 2012 إلى تعرض طفلين من كل 3 أطفال للعنف الجسدي من قبل الكبار.