الصحف اليومية وفقدان النصاب لجلسات النواب

الصحف اليومية وفقدان النصاب لجلسات النواب

اهتمام لا يحظى بالأولوية ولا يحقق المسؤولية الرقابية للإعلام

 

يلاحظ التفاوت الواضح في اهتمام الصحف اليومية في تغطياتها وتركيزها على قضية فقدان النصاب القانوني لجلسات مجلس النواب؛ ففي الوقت الذي أبدت فيه جميع الصحف اليومية الأردنية اهتماما واضحا بفقدان نصاب جلسة المناقشة العامة واستخدمت ذلك في عناوينها الرئيسية سواء في الصفحات الداخلية أو في ملخصات الصفحات الأولى فإننا نلمس تغييبا لهذه المشكلة في الجلستين التاليتين خاصة في جلسة الثلاثاء الماضي التي فقدت فيها نصابها، إذ لم تبد الصحف أي اهتمام بمشكلة فقدان النصاب القانوني بالرغم من أنها الجلسة الثالثة التي تفقد نصابها في غضون أسبوعين فقط، واكتفت التغطيات بالإشارة إليها داخل التقارير.

 

منذ أن بدأ مجلس النواب أعمال جلساته في الدورة العادية الثالثة في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني من العام الماضي وحتى اليوم فقد المجلس نصاب جلساته القانوني عدة مرات كان آخرها فقدان النصاب لثلاث جلسات متتالية بدأت في الجلسة التي خصصت لمناقشة السياسات الاقتصادية الحكومية وتلتها جلسة ثانية مباشرة للجلسة السابقة لم يستطع المجلس فيها التصويت لفقدان النصاب، والجلسة الثالثة كانت يوم الثلاثاء الماضي أثناء مناقشة المجلس لمشروع قانون معدل لقانون الأجانب والحدود.

 

وتعتبر قضية فقدان النصاب القانوني للجلسات من أهم المشكلات التي تواجه المجلس تاريخيا، ولم يستطع حلها سواء لجهة تعديل الدستور الذي يشترط أن يكون النصاب القانوني لإنعقاد أية جلسة رسمية توفر النصف زائد واحد من العدد الكلي لأعضاء المجلس، أو لجهة تعديل النظام الداخلي الذي يلتزم هو الآخر بالنص الدستوري بضرورة توفر النصف زائد واحد كشرط أساسي لإعتبار الجلسة منعقدة دستوريا.

 

وتكشف مشكلة فقدان النصاب القانوني وتكرارها عن جملة مواقف وسياسات للنواب الذين يعملون إما على تهريب النصاب القانوني أو يعملون على عدم توفره أصلا، فهناك من يملك مواقف تجاه قضية في المجلس ولا يريد للمجلس مناقشتها أو اتخاذ قرار بشأنها كما حصل في تهريب نصاب جلسة المناقشة العامة لسياسات الحكومة الاقتصادية.

 

ويحدث تهريب النصاب وإفقاد الجلسة لنصابها القانوني لأسباب أخرى من بينها قيام كتل نيابية بعدم توفير النصاب لجلسة ما لكونها ترفض تمرير قرار معين كما حصل في الجلسة التالية لجلسة مناقشة السياسات الاقتصادية، أو يتم تهريب النصاب بإيعاز غير ظاهر من الحكومة مع حلفائها من الكتل والنواب المقربين منها، أو لعدم اكتراث النواب بالالتزام بحضور الجلسة حتى نهايتها، ويساعدهم في ذلك عدم وجود نصوص قانونية في النظام الداخلي تعالج ظاهرة الغياب المتعمد من خلال إخضاع النائب لسلسلة عقوبات تكفل التزامه بحضور الجلسات وعدم التغيب عنها إلا بعذر قاهر.

 

إن المطالع للصحف الصادرة يوم الأربعاء السادس من كانون الثاني الجاري والتي حملت تغطيات متفاوتة لمجريات جلسة الثلاثاء نلاحظ أن الاهتمام بفقدان الجلسة لنصابها القانوني لم يكن في سلم أولويات التغطيات، وبالتالي لم تظهر قضية فقدان النصاب في العناوين الرئيسية سواء في ملخصات الصفحات الأولى أو في الصفحات الداخلية إلا في صحيفتين فقط "الرأي والدستور".

 

رصد برنامج "عين على الإعلام" معلومة فقدان الجلسة لنصابها القانوني في خمس صحف يومية صدرت الأربعاء وهي صحف الغد، الرأي، الدستور، السبيل، والأنباط لمعرفة الأولويات التي فرضت نفسها على تغطيات الجلسة ومكانة فقدان النصاب القانوني فيها.

 

لم تبد جريدة الغد أدنى اهتمام في عناوينها الرئيسية لفقدان النصاب لجلسة الثلاثاء مكتفية بعنوان واحد رئيسي هو(النواب يمنح الداخلية صلاحية إدخال الأجنبي للمملكة)، مكتفية بالإشارة في الفقرة الثانية إلى فقدان الجلسة لنصابها القانوني" مما تعذر على المجلس استكمال جلسته، بعد ما يقرب الساعتين من انعقادها، الأمر الذي حال بينهم وبين استكمال مناقشة باقي مواد القانون المعدل".

 

واكتفت الغد بالاشارة في ملخصها على الصفحة الأولى إلى فقدان النصاب للجلسة، بينما منحت عنوانا فرعياً لمذكرة برلمانية حول منظمة لاهافا الصهيونية في تقريرها الداخلي ولم تخصص أي عنوان فرعي لفقدان النصاب.

 

واهتمت جريدة الدستور بفقدان النصاب للجلسة بعنوان فرعي في الصفحات الداخلية إلا أنها لم تشر نهائياً إلى فقدان النصاب في ملخصها على صفحتها الأولى.

 

وتميزت الدستور بكونها خصصت ثلاث فقرات من تقريرها لتقديم معلوماتها حول فقدان النصاب ففي الفقرة الأولى من الفقرات الثلاث أشارت إلى فشل المجلس في مواصلة مناقشة القانون وإقراره بسبب فقدان النصاب، وفي الفقرة الثانية أشارت إلى أن النصاب القانوني بقي على الحافة بالرغم من دعوة رئيس المجلس للنواب المتواجدين خارج القبة للدخول لاستكمال المناقشة، وفي الفقرة الثالثة أشارت إلى أن استمرار غياب النواب لم يمكن المجلس من التصويت مما دفع برئيس المجلس لرفع الجلسة بسبب فقدانها لنصابها القانوني.

 

وأبدت جريدة الرأي اهتماما متاخراً بفقدان الجلسة لنصابها القانوني فقد أشارت إلى ذلك في ختام تقريرها في الصفحات الداخلية قائلة (ورفع النائب الأول لرئيس المجلس مصطفى العماوي الجلسة بسبب فقدان النصاب) دون أن تقدم أي تفاصيل أخرى، بالرغم من أنها خصصت في تقريرها الداخلي عنواناً فرعياً "مفتاحا" لتقريرها تحت عنوان (فقدان النصاب يتكرر في الجلسات) لكنها لم تشر إلى عدد المرات التي تكرر فيها فقدان النصاب.

 

ولم تشر الرأي في ملخصها على الصفحة الأولى إلى فقدان الجلسة لنصابها القانوني مكتفية بالتركيز على منح النواب لوزير الداخلية صلاحية إدخال الأجنبي، وهو عنوان رئيسي يتشابه تماماً مع عنوان جريدة الغد.

 

وأظهرت جريدة الأنباط عدم اكتراث أو اهتمام بفقدان الجلسة لنصابها القانوني، فلم تشر نهائياً إلى ذلك سواء في ملخصها على الصفحة الأولى أو في تقريرها الكامل في الصفحات الداخلية مما يبقي "الأنباط" الصحيفة الأقل اهتماما بفقدان نصاب جلسة مجلس النواب الثلاثاء الماضي.

 

وتقاطعت "الأنباط" مع جريدة الدستور في اهتمامها الرئيسي بموقف مجلس النواب من الأزمة السعودية الإيرانية، فقد نشرت الأنباط في عنوانها الرئيسي (النواب يتضامن مع السعودية في مواجهة شر إيران)، بينما كان عنوان جريدة الدستور (النواب يحذر إيران من خطورة التصعيد وتأجيج المواقف الطائفية).

 

ولم تهتم جريدة السبيل بفقدان الجلسة لنصابها القانوني مكتفية فقط بالإشارة في متن تقريرها الداخلي إلى فقدان النصاب مقدمة معلومة انفردت بها عن باقي الصحف الأخرى قائلة أنها المرة الثالثة على التوالي التي تفقد الجلسة نصابها القانوني، وهي معلومة في مكانها ولم تشر إليها باقي الصحف الأخرى.

 

واهتمت السبيل بالصلاحيات التي منحها المجلس لوزير الداخلية في ملخصها على صفحتها الأولى واكتفت بالإشارة إلى فقدان الجلسة لنصابها القانوني.

 

لقد تراوح اهتمام الصحف اليومية الخمس بفقدان جلسة الثلاثاء الماضي لنصابها القانوني ولم تقدم الصحف الخمس معلومات للجمهور حول تاثير ظاهرة فقدان النصاب على أعمال المجلس، ولم توليها الأولوية في تغطيتها اليومية، بالرغم من أن العمل الرقابي للإعلام على مجلس النواب يستدعي الإهتمام بمثل هذه الظاهرة ومنحها الأولوية استنادا للمسؤولية الرقابية والإجتماعية لوظيفة لإعلام.

أضف تعليقك