" السكك الحديدية " على سكة النقابات المستقلة
في الوقت الذي كان فيه وزير العمل عاطف عضيبات يتباحث مع ممثلة منظمة العمل الدولية ندى الناشف بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي وقضايا العمال والمواثيق التي صادق عليها الأردن.
كانت تتعالى أصوات العاملين في قطاع السكك الحديدية معلنة رسميا عن تأسيس « النقابة المستقلة للعاملين في قطاع السكك الحديدية »، لتكون عاشر نقابة تعلن عن تأسيسها رسميا.
ويأتي تأسيس النقابة للوقوف على همومهم ومشكلاتهم الحقيقية، وللدفاع عن حقوقهم وتحسين شروط عملهم وأوضاعهم المعيشية. بحسب الناطق الإعلامي بإسم النقابة المستقلة للعاملين بسكك الحديد، هشام العزب.
أوضاع العمال ليست في أحسن أحوالها، ما أن يفض اعتصام طوعا أو كرها، أو تبرم إتفاقية بين أطراف عملية الإنتاج لوقف إضراب الموظفين حتى نسمع عن ميلاد إضراب في قطاع آخر.
إضرابات تواجه بلجان حوار يطول إصدار قرارها، ووعود لا يمكن الجزم بتنفيذها. لا تخلو الإحتجاجات العمالية من التهديد بالفصل القادم على لسان كبار المسؤولين في المؤسسات التي تحدث فيها الإضرابات. كما يؤكد عاملون في مؤسسة الموانئ وموظفو دائرة الأراضي والمساحة.
رغم من حق العمال في الإضراب سندا للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمادة (8/1/د) منه. حيث نصت (تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي: (د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعنى.
يبيّن تقرير للمرصد العمالي الأردني "أن التحولات التي عاشها المجتمع الأردني خلال العقود الماضية وعلى وجهة الخصوص الحركات والقوى العمالية ما هي إلاّ نتيجة للسياسات الاقتصادية التي تم تنفيذها في الأردن، وعدم تطوير التشريعات العمالية بما يتوافق مع متطلبات وحاجات قطاعات عمالية واسعة وبما ينسجم مع التزامات الأردن مع القانون الانساني الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات العلاقة بحرية التنظيم النقابي".
يضاف الى ذلك انسداد آفاق اصلاح النقابات العمالية القائمة وتصويب أوضاعها، وفي الوقت الذي لم تتمكن مختلف القيود القانونية الأردنية من منع القوى الاجتماعية والعمالية الناشئة من التحرك للدفاع عن مصالحها وتنظيم نفسها.
وقد أعطت التعديلات الدستورية الجديدة ومبدأ سمو المعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها على التشريعات المحلية في حال تعارضها، هذه القوى والحراكات العمالية "دفعة قوية لتنظيم نفسها بشكل ديمقراطي ولتبني منظمات نقابية فعالة وفق أسس ديمقراطية". بحسب المرصد العمالي.
رئيس إتحاد النقابات العمالية المستقلة عزام الصمادي يقول: "أعلنا عن تأسيس الإتحاد بـ 6 نقابات مستقلة بتاريخ 29 من نيسان 2012، وشهدنا تدشين النقابة العاشرة في أيلول 2012"، مما يضع وزارة العمل وأرباب العمل والنقابات "الأصلية أو التقليدية" كما يصفها أمام الأمر الواقع، "وعليها التعاطي معها شائت أم أبت".
يرى الصمادي أن سبب توجه العمال إلى نقابات مستقلة "يدلل على فشل النقابات العمالية في تعاطيها مع قضايا العمال"، بالإضافة إلى أن "أنظمتها وتعليماتها قديمة لا تحقق أي نوع من الديمقراطية" ويتسائل عن سبب وجود 17 نقابة عمالية منذ العام 1976 مقارنة مع 47 نقابة لأصحاب العمل وإعطائهم مطلق الحرية بتأسيس النقابات !
ويرى العزب أن "إتحاد النقابات العمالية يخدم مصالح فئات معينة وأن تعديل القانون الأخير يصب في مصلحة هذه الفئات وعلى رأسها أصحاب العمل الذين باتت تربطهم بالنقابات علاقات وثيقة".
يوما ما ذهب العزب إلى اتحاد النقابات العمالية طالبا النظام الداخلي لنقابته وإتحاد النقابات العمالية، فكان الرد من الموظف في حينه "مستحيل تحصل عليه"، مما دفعه للتساؤل عن منعه من الحصول على النظام الداخلي، وعدم عقد الإجتماع السنوي للهيئة العامة للنقابة واستعراض تقريرها السنوي. حيث يؤكد العزب عدم عقد الإجتماع منذ أن سجل عضويته بالنقابة قبل 18 عاما، ويقول: "هذه أحد أسباب قيامنا بإعلان نقابة مستقلة للعاملين في سكك الحديد".
مجمل النقابات المستقلة ترى النور بعد سلسلة من الإحتجاجات وسط غياب ملحوظ لدور وزارة العمل والنقابات العمالية لحل هذه الأزمات. حلول تراعي مصلحة صاحب العمل أو الجسم النقابي كما يؤكد عدد من العاملين الذين قرروا الإنتساب إلى النقابات المستقلة بسبب شعورهم "بالإتفاف والتحايل على مطالبهم".
فقد "وصل عدد المنتسبين للنقابة المستقلة للعاملين في سكك الحديد بعد يومين من الإعلان عنها 165 طلب"، بحسب العزب.
وتبقى هنالك فرصة حقيقية للعمال في تنظيم أنفسهم في نقابات من اختيارهم في حال تم حماية حق التنظيم النقابي وإيجاد تشريعات تحافظ على هذا الحق.
ويجدر الاشارة إلى أن الاردن صادق على 24 اتفاقية دولية من بينها سبع اتفاقيات مشمولة بإعلان المبادئ، ومن ثم فإن الأردن مطالب بالتصديق على الاتفاقية الدولية رقم 87 "اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم"، التي لم يصادق عليها إلى الآن.