الزرقاء تستحوذ على أعلى نسب الزواج المبكر في المملكة

الزرقاء تستحوذ على أعلى نسب الزواج المبكر في المملكة
الرابط المختصر

تتساءل الدكتورة رغدة عواد من جمعية تنظيم وحماية الأسرة باستهجان: كيف لطفلة ان تربي اطفالا؟، في اشارة الى “ظاهرة” تزويج القاصرات التي لا تزال تثير الكثير من الجدل وتستحوذ محافظة الزرقاء على اعلى نسبها في المملكة.

وبحسب بيانات دائرة قاضي القضاة لسنة 2011، فقد بلغ عدد حالات الزواج في الزرقاء 9669 حالة من بينها 1636 لقاصرات تحت سن 18، وبما نسبته 16 بالمئة.

وجاءت بعدها محافظة العاصمة التي سجلت 24342 حالة زواج من بينها 3067 لقاصرات وبنسبة وصلت الى 12,6 بالمئة. وتبلغ نسبة زواج القاصرات في المملكة عموما نحو 12 بالمئة.

وحسب التشريعات الدولية والمحلية فان كل من هو دون سن الثامنة عشرة يعد قاصرا، وضمن فئة الطفولة.

الدكتورة عواد لا تتردد في وصف زواج القاصر بانه “ظلم” لها، لانه يعرضها لمخاطر صحية ونفسية بعضها تظهر اثاره في الامد القصير والاخر مع تقدمها في العمر.

ولأن جسد القاصر قد لا يكون مستعدا، كما تقول عواد، فان ذلك يزيد من فرص الاجهاضات لديها، كما ان جهلها بصحتها الانجابية وباهمية المباعدة بين الاحمال يجعلها عرضة للاصابة بفقر الدم.

وتضيف ان من تتزوج مبكرا تعاني مع تقدم السن من ضعف المفاصل وامراض هشاشة العظام والضغط والسكري.

وفي الجانب النفسي والاجتماعي، تؤكد عواد ان القاصر لا تكون مهيأة للقيام باعباء تربية الاطفال، لانها هي نفسها طفلة.

سلب للحقوق

ويخلص تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان الى ان زواج القاصرات يسلبهن حقوقهن ويعرضهن للخطر، ويقف عائقاً أمام تعليم وصحة وإنتاجية أغلبهن، فضلا عن حرمانه لهن من اتخاذ قرارات تخص حياتهن كوقت الزواج واختيار الزوج.

وينتشر زواج القاصرات في المناطق الريفية وفي اوساط غير المتعلمات وفق ما تؤكده دراسة لجمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”.

ويشترط قانون الاحوال الشخصية في اهلية الزواج ان يكون كلا الخاطبين قد اتما الثامنة عشرة إلا انه يجيز للقاضي تزويج من اتم الخامسة عشرة “وكان في مثل هذا الزواج مصلحة تحدد اسسها تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية”.

وتعتبر “تضامن” ان الاستخدام الواسع لمفهوم المصلحة في القانون يشكل احد عوام استمرار “ظاهرة” زواج القاصرات.

وتصف الاخصائية الاجتماعية في مركز التوعية والارشاد الاسري آمال العموش تزويج القاصرات بانه نوع من العنف الاسري، مستشهدة بالاعداد الكبيرة للمعنفات منهن ممن يتعاطى المركز مع حالاتهن.

ووصل عدد تلك الحالات الى 86 خلال عام واحد كما تذكر العموش التي تتوقع ان يكون ما خفي اعظم.

نتائج مدمرة

ومن جهتها ترفض مها سنان الأخصائية الاجتماعية في الجمعية الأردنية لتنظيم وحماية الأسرة، وصف زواج القاصرات في الزرقاء بانه ظاهرة، وان كانت لا تقلل من تداعياته المدمرة على نفسية الفتاة.

وتشير سنان الى ان قرار تزويج القاصر تقف وراءه عوامل اقتصادية ابرزها الفقر الى جانب مفاهيم اجتماعية ترى في زواج الفتاة مبكرا حماية لها، رغم انها تكون غير مؤهلة لتحمل واجباتها الزوجية والاجتماعية.

وتبين الاخصائية الاجتماعية ان غالبية الزوجات القاصرات يجهلن أساليب وطرق المباعدة بين الأحمال، لدرجة انه تحضر الى عيادة الجمعية احيانا امهات بعضهن في العشرين ولديها اربعة ابناء.

وتقول سنان ان اغراق الفتاة في هذه السن الصغيرة بمسؤوليات البيت والاطفال وخدمة الزوج يحرمها من طفولتها ويشكل اعباء وضغوطا قد لا تستطيع تحملها وربما تدفعها احيانا الى الانتحار.

وفي المجمل، تكون للاهل الكلمة الفصل في امر تزويج الفتاة القاصر، ولا يخلو ذلك من الاكراه احيانا، وهو ما يشدد محمد بني طه رئيس قسم الفتوى في مديرية إفتاء الزرقاء، على عدم جوازه.

ويقول بني طه ان في الاكراه على الزواج “تدمير ليس لشخص او شخصين، بل لمجتمع بأكمله، لأنه إذا دخل الخلل إلى الأسرة دخل إلى المجتمع بأسره”.

ويؤكد ان “ديننا الحنيف حرص على بناء أسرة مستقيمة قائمة على الرضا والمودة والسكن”، مضيفا انه “لو أردنا إجراء دراسة عن أسباب الطلاق المتزايدة سنجد أن الإكراه في الزواج هو أحد أهم أسباب التشرذم والتفكك الأسري”.

حُرمت طفولتي

من وحي تجربتها، تقول ام منير التي تزوجت وعمرها 15 عاما، انها لن تقبل بتزويج بناتها في سن مبكرة، لان ذلك سيحرمهن من طفولتهن وتعليمهن كما حصل معها.

وتضيف انها انجبت ثمانية ابناء على التتابع لجهلها بطرق المباعدة بين الأحمال، وحملت بابنها الاول عندما كانت على مقاعد الدراسة، وهو ما جعلها محط سخرية زميلاتها واضطرها لاحقا الى ترك المدرسة.

وتقول ام منير التي يكبرها زوجها بتسع سنوات، وهو ابن عم لها، انه عندما جاءها خاطبا لم تكن تعرف عن الزواج سوى انه عبارة عن “فستان ابيض وملابس جديدة وذهب وبيت مستقل”، لكنها اكتشفت لاحقا انه “مسؤولية وأولاد”.

ومع ذلك تجد ام منير بعض الايجابيات في الزواج المبكر، ومنها انه جعلها تشعر بحميمية اكبر مع ابنائها نظرا لتقارب عمرها معهم.

أم انس(48 عاما)، تزوجت وهي في الرابعة عشرة، لكن زواجها لم يدم كما هو الحال مع ام منير، حيث انفصلت عن زوجها بعد 15 عاما انجبت خلالها ثلاثة أولاد وبنت.

من تقارير هنا الزرقاء