التحسس الربيعي.. الوقاية أفضل من العلاج
يتحول الربيع، رغم جمال خضرته وأزهاره ودفئه الذي يبعث الحياة في الأوصال، إلى فصل مرض ومعاناة لنحو ربع سكان الأردن، والذين يصابون خلاله بحساسية تتباين في طول فترتها وشدة أعراضها.
وتتواكب الإصابة بالحساسية مع بدء تفتح أزهار الشجر آواخر شهر شباط، وخصوصا الزيتون الذي ينتشر بكثرة في الشوارع وحدائق البيوت في الزرقاء، كما يبين استشار الأمراض الصدرية الدكتور عبدالله الصمادي.
ويصف الصمادي حساسية الربيع بأنها مرض "مزعج يعكر الحياة، ولكن لا يعطلها"، مبينا أن "أكثر من يعانون منها هم الأشخاص الذين يتعرضون لزهر أشجار الزيتون المتواجدة في كل مكان تقريبا".
وقال إن مرضى التحسس الربيعي الذين تشهد أعدادهم تزايدا مضطردا في كل عام، يكونون بحاجة إلى تدخلات علاجية في حالات كثيرة، لكنه شدد على أن الوقاية تظل أفضل، حيث ينصح المصابون بهذا المرض بالابتعاد عن العوامل المثيرة له.
وتتشكل الحساسية عند تفاعل جهاز المناعة بطريقة غير طبيعية مع مواد يتعرف عليها باعتبارها أجساما غريبة يجب رفضها.
وتشمل الأعراض الشعور بالإجهاد وبانحطاط الجسم، واحتقان الأنف المترافق مع رائحة كريهة في الفم وانعدام لحاسة الشم، والرشح المصحوب بالسعال والعطاس، إضافة إلى الصداع والألم الناجم عن التهاب الحلق والأذن الوسطى.
وقد تظهر الأعراض لدى بعض الأشخاص من خلال ظهور طفح جلدي يصاحبه الحاح الرغبة في الحكاك.
ويضيف الطبيب العام قصي عبدالفتاح التميمي أعراضا أخرى، ومنها إصابة البعض بالرمد الربيعي واحمرار العين، مشيرا إلى أن المريض يصبح أحيانا في حاجة إلى تناول أدوية مضادة للتحسس تعطى على شكل حقن أو حبوب أو قطرات للعين والأنف.
ونصح عبدالفتاح المصابين بالتحسس بالابتعاد عن العوامل التي تثير المرض لديهم، وتجنب الخروج من المنزل ما أمكن خلال فترة تفتح الأزهار، وأيضا ارتداء كمامات الأنف والفم الواقية.
وعزا ازدياد أعداد الأطفال المصابين بالتحسس الربيعي إلى تراجع مناعتهم نتيجة قلة خروجهم للعب وتعرضهم لأشعة الشمس والهواء الطلق.
وتشير الأبحاث العلمية إلى أن الوراثة تؤدي دورا في تطوير الجسم للحساسية، وبما يصل إلى نحو 80 بالمئة من الحالات، في حين تظهر الأعراض لدى الغالبية في سنوات الطفولة، ولكن ذلك قد يحصل لدى البعض في سن متقدمة.
ومن هؤلاء عدنان الجعبري، وهو صاحب محل تجاري، والذي قال إن معاناته مع التحسس الربيعي بدأت منذ عامين فقط، ودون أن يعرف السبب، وهل هو عائد إلى تغيرات طرأت على الجو أو على نمط حياته.
وأوضح الجعبري أن أعراض المرض لديه تتمثل في الصداع الشديد والتحسس والعطاس، مبينا أنه راجع الأطباء ولكن دون أن يحصل على علاج شاف، وإنما فقط أدوية لتخفيف تلك الأعراض.
وقالت ربة المنزل ابتسام عبدالله إن أول مرة أصيبت فيها بالتحسس الربيعي كانت العام الماضي، وقد تكرر الأمر معها خلال الفصل الحالي، حيث تعاني من رشح وسعال شديد وضيق في التنفس يجعلها غير قادرة على ممارسة حياتها بشكل طبيعي.
وأضافت أنها تحاول تخفيف الأعراض من خلال تناول علاجات بعضها تأخذه على شكل حقن، ولكنها لا تخفي خشيتها من أن يتطور التحسس لديها إلى مرض مزمن.
ومن جانبها، تقول الطالبة هداية طه، والتي بدأت معاناتها مع التحسس قبل ثلاث سنوات، إن الأعراض لديها تتمثل في الرمد الربيعي المصحوب باحمرار وشعور بالحرقة في العين، والتي لا تلبث أن تزول مع انقضاء فصل الربيع.
وأضافت هداية أنها لجأت إلى استخدام كريمات وقطرات لتخفيف الأعراض، إضافة إلى الوصفات الشعبية مثل تقطير العين بالشاي المر، ولكنها لم تستفد كثيراً.
إستمع الآن