الاحتجاج على رفع الاسعار.. الصخب و الهدوء
مع إنتهاء يوم الجمعة الماضي تراجعت وتيرة الإحتجاجات على قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، والتي بدأت يوم الثلاثاء بمسيرات رافضة للقرار قبل إنتهاء رئيس الوزراء عبد الله النسور من كلمته التوضيحية حول أسباب إتخاذ الحكومة لهذا القرار.
التصعيد الذي وجه بالقوة الأمنية بدأ بالمسيرات والإحتجاج فجر الأربعاء على دوار الداخلية مما زاد احتقان الشارع، متزامنا مع اعلان نقابة المعلمين إضرابهم عن العمل.
واتسمت الأيام الـ 4 الاولى للإحتجاج بزخم كبير على امتداد رقعة الوطن، غابت عنها الأحزاب والحركة الإسلامية، ولم تغب عنها شعارات وهتافات طالبت بإسقاط النظام واعتقالات بالجملة طالت أطفالا تم توقيفهم أمام محكمة أمن الدولة.
ويلاحظ مراقبون أن الإحتجاجات كانت في المحافظات أقوى منها في العاصمة عمان، خصوصا مع فرض قوة أمنية منعت المحتجين من الوصول إلى مبتغاهم بالتجمع عددا ومكانا.
“مفتاح استمرار الإحتجاجات الشعبية على قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية لا تملكه أي قوة سياسية أو حزبية أو نقابية” بحسب ما أكده منسق التيار القومي التقدمي خالد رمضان.
ويرى رمضان بأن العمل الشعبي الأردني انتقل خلال الأيام الماضية من القبول بقرارات مفروضة من الحكومة إلى قضايا أساسية تركز على ضرورة أن تمثل الحكومات إرادة الشعب مشددا على ان الجوهري في هذه المرحلة هو إنتشار الإحتجاجات على مستوى الوطن.
في ظل وجود ما نسبته 73 % من مكونات الشعب الأردني تحت سن 30 عاما، وغياب للعمل الحزبي والسياسي لغالبية عظمى من الشباب، يرى رمضان بأن الإحتجاجات تعكس رغبة الشباب بتغيير مواقعهم من خاضعين لقرارات إلى صانعي قرار.
مشددا على وقوع كل من يراهن على الوقت لتهدئة الشارع بالخطأ، مبررا ذلك بأن الأزمة الإقتصادية وتبعاتها تعصف بكل بيت أردني من كافة المنابت أو الطبقات.
وأضاف رمضان لـ"عمان نت" أن الإحتجاجات في الشارع الأردني تبدأ من القاع لترتفع وليس من القمة لتنخفض، متوقعا أن تتزايد أشكال الإعتراض على قرار الحكومة في الشارع رغم انخفاضها تدريجيا خلال الأيام الستة التي مضت على قرار رفع الأسعار.
وفور دخول الأحزاب والقوى السياسية على خط الإحتجاج، ظهر الإختلاف جليا في وجهات النظر حول سقف الشعارات والمطالبات. وتراجعت أعداد المحتجين بالشارع مصحوبة باليأس الذي يرى محللون أن الظهور الإعلامي المكثف للنسور وتراجع الضغط الأمني وتجميد قرار الإضراب لنقابة المعلمين أحد أبرز أسبابه.
من جهة أخرى، يقول الكاتب والمحلل السياسي عمر كلاب "أن الأردنيين يبدأون من النهايات ولا يقبلون بالتدريج". مستشهدا بأحداث عام 1989 حيث بدأ الإحتجاجات بتخريب وانتهت بالهتاف للملك الحسين بن طلال فور ظهوره عليهم.
ووصف نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد الإحتجاجات التي شهدتها المملكة "بالإنتفاضة الشعبية الأردنية العظيمة". لم يختلف عما أدلى به رئيس الجبهة الوطنية للإصلاح أحمد عبيدات خلال مؤتمر صحفي بأن الإحتجاجات "إنتفاضة الشعب الأردني الغير منظمة".
فيما يرى عمر كلاب، أن ردة الفعل الأولى للشارع الأردني يوم الأربعاء لم ترتق لمعنى الإنتفاضة الشعبية مبررا قسوة الإحتجاجات وعنفها، بأن ردة فعل الأردنين كانت كذلك في أي مشاجرة جامعية أو عشائرية على حد وصفه.
ويذهب كلاب إلى أن دخول القوى السياسية الناضج والأحزاب والنقابات على خط الإحتجاجات بعد يومين من قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، إضافة إلى ظهور رئيس الوزراء عبد الله النسور مرارا عبر وسائل الإعلام لتوضيح قرار الحكومة ساهم بشكل ملحوظ "بإستعادة الشارع لرشده".
وشدد كلاب في حديثه لـ"عمان نت" على أن غضب المواطن الأردني ليس فقط لرفع الأسعار، وإنما لـ"غياب منظومة النزاهة الوطنية والمحاسبة واستسهال الدولة مد يدها في جيب المواطن".
ويتفق معه رمضان بقوله بأن "ما يحرك الناس للإحتجاج في الشارع، رغبتهم في أن يتوحدوا ويعيشوا بحرية وكرامة وأن يشعروا بالعدالة الإجتماعية والوصول بالأردن إلى بلد المواطنة المتساوية".
ويتوقع كلاب أن تنتهي الإحتجاجات الشعبية بإستيقاظ ما وصفه "بالضمير الجمعي للمواطنين"، في وقت يرى فيه خالد رمضان أن "الأمور لا يمكن أن تعود للخلف" خصوصا مع توجيه الناس هتافات مباشرة طالبت بإسقاط النظام في مناطق مختلفة في الأردن.
في الوقت ذاته انسحبت بعض النقابات المهنية من مسيرة احتجاجية خرجت من مجمع النقابات بإتجاه رئاسة الوزراء ضد قرارت الحكومة لإختلافها حول الشعارات. قالت الحركة الإسلامية أن هذا الشعار لم يأت إلاّ بتعطل مسيرة الإصلاح، ويراه رمضان رسالة شديدة اللهجة لا أكثر.
تعليق إضراب المعلمين عن العمل أنبأ بعودة الهدوء للشارع، في وقت يشدد فيه بني ارشيد أن تنوع أنواع الإحتجاجات خلال يومي السبت والأحد وتوزعه في مناطق مختلفة وبأعداد قليلة وبشكل نهاري وليلي ما هو إلاّ تكتيت يقوم به الحراكيون لإستمرارية الضغط حتى تحقيق مطالبهم.
إستمع الآن