الاحتجاجات على تعديل المناهج : كيف تدحرجت ككرة الثلج؟

الاحتجاجات على تعديل المناهج : كيف تدحرجت ككرة الثلج؟
الرابط المختصر

بدأت الاحتجاجات على تعديل المناهج الأردنية تتدحرج ككرة الثلج، إلى أن وصلت لإحراق معلمين وطلاب في مدينة معان (جنوب الأردن) المناهج الجديدة، ومن بينها كتاب التربية الإسلامية، ليخرج وزير التربية والتعليم الأردني محمد الذنيبات في مؤتمر صحفي متوعدا حارقي الكتب بأشد العقوبات.

وأثارت التعديلات حفيظة معلمين وأولياء أمور يعتقدون أنها "استهداف للدين الإسلامي" و"علمنة رسمية للمناهج"، حيث يتحدثون عن حذف آيات قرآنية ومظاهر دينية، واستبدال أسماء وأماكن ذات طابع إسلامي، وحذف نصوص تتعلق بالقضية الفلسطينية.

وأخذت وتيرة الاحتجاجات بالارتفاع مع بداية الفصل الدراسي في أيلول/ سبتمبر الماضي، عندما التحق الطلاب بمدارسهم وعادوا لبيوتهم بالكتب المدرسية الجديدة، لتبدأ حملة مناهضة للمناهج عبر صفحات التواصل الاجتماعي، قبل أن تنتقل فيما بعد إلى الميدان، إذ نفذ معلمون وطلاب سلسلة اعتصامات في مختلف محافظات المملكة احتجاجا على التعديلات.

من جانبه، رصد المكتب الإعلامي لنقابة المعلمين الأردنيين التعديلات التي أجرتها وزارة التربية والتعليم الأردنية على المناهج، وأرفقت النقابة صورا للمناهج الجديدة، وقالت إنها تضمنت حذف آيات قرآنية وصور نساء محجبات.

في المناهج الأردنية فاطمة لن تسافر إلى مكة!

ومن التعديلات التي أجريت على كتاب اللغة العربية للمرحلة الأساسية، عبارة "سافرت فاطمة إلى مكة" لتصبح "سافرت سامية إلى لبنان"، وهي تعديلات وُصفت "بالسطحية" وأثارت سؤالا لدى المناهضين حول أسباب هذا التغيير.

ولم تقف احتجاجات المعلمين عند الجانب الديني، إنما شملت حذف مصطلحات ودروس حول القضية الفلسطينية، ففي كتاب الصف السادس الابتدائي استبدلت محفوظات قصيدة يافا بقصيدة بعنوان "الإنسانية سبيلنا"، وحذفت الأسئلة المتعلقة بقصيدة يافا حول القضية الفلسطينية، كما تم حذف عبارة "مجازر الاحتلال الصهيوني" ليحل مكانها تعبير "الممارسات الإسرائيلية".

ويعتقد سياسيون أن المناهج الأردنية تمت "غربلتها" تاريخيا بعد توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 1994، إذ شطبت الحكومة الأردنية دروسا لرموز أردنية حاربت على أرض فلسطين، كالشهيد الطيار فراس العجلوني الذي استشهد في قصف الطيران الإسرائيلي للقاعدة الجوية في المفرق عام 1967، استجابة لبنود المعاهدة التي دعت إلى عدم "التحريض" بين الطرفين.

"تعاطٍ سطحي"

من جهته، يصف منسق حملة "ذبحتونا" للدفاع عن حقوق الطلبة، فاخر دعاس، حالة التعاطي مع موضوع تعديل المناهج بأنها "لا تمت بصلة بتطوير العملية التربوية"، سواء كانت من نقابة المعلمين أو الحكومة الأردنية، وفق قوله.

ويقول لـ"عربي21" إن "ردة فعل نقابة المعلمين بفروعها، أو الحكومة ممثلة بوزارة التربية، لم تكن تربوية أو أكاديمية، إذ كانت ردة فعل النقابة شعبوية أكثر من أنها تهدف لإنقاذ العملية التعليمية".

وأضاف: "لا يمكن فهم استخدام الأطفال لتحقيق اهداف المعلمين، حيث غابت الرؤية الأكاديمية والنهج العلمي السليم عن النقابة في تحليل هذه التعديلات وكانت تتسم بالسطحية المطلقة، بينما استخدم وزير التربية والتعليم الخطاب الديني نفسه في الرد على الانتقادات، ولم يقدم طرحا أكاديميا حول جوهر التعديلات في مؤتمره الصحفي"، كما قال.

هجمة حكومية مرتدة

وشنت الحكومة في تشرين الأول/ أكتوبر؛ هجوما مزدوجا من خلال وزير التربية والناطق باسم الحكومة، في مؤتمر صحفي، واتهما جهات لم يسمها "بشن حملة ظالمة لتضليل الرأي العام من قبل أشخاص متهمون في بقضايا فساد مالية".

فقد قال وزير التعليم محمد الذنيبات في المؤتمر الصحفي؛ إن ما "نشر على "فيسبوك" مزور ولا يوجد بمناهجنا"، معتبرا أن "هناك حملة ظالمة لتضليل الرأي العام تستهدف قطاع التعليم"، وأن "البعض يريد هدم منظومة التعليم في الأردن"، وفق تعبير الوزير الأردني.

أما وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، والناطق باسم الحكومة، محمد المومني، فقد قال إن "هناك فئة ناقشت المناهج بطريقة علمية سنحاورها ونناقشها، في حين أن فئة أخرى ناقشتها بطريقة غير مقبولة"، على حد وصفه.

وردا على التصريحات الحكومية الجديدة، قام طلاب في مدينة الزرقاء بحرق المناهج مرة أخرى، كما أثارت التصريحات الحكومية حفيظة نقابة المعلمين، ليخرج الناطق باسمها أحمد الحجايا، في تصريح صحفي، وليتحدث عن "موقف النقابة المستهجن والرافض للطريقة التي تم فيها عرض الموقف الشعبي والنقابي حول التعديلات على المناهج بطريقة اتهامية خلال المؤتمر الصحفي".

واعتبر الحجايا أن "طريقة العرض خلال المؤتمر اعتمدت بمجملها على انتقاء واعتماد فن الاجتزاء وعرض الجديد في الكتب دون عرض القديم منها"، واصفا ذلك بأنه "تضليل وخداع للرأي العام"، بحسب تعبيره.

مواجهة مرتقبة تحت القبة

بدورها، لم تر العضو السابقة في نقابة المعلمين والنائبة في البرلمان الأردني، هدى العتوم، ما جرى "تطويرا في المناهج"، وقالت لـ"عربي21": "نتحدث فقط عن تغيير الآيات المدرجة والأحاديث، وتغيير الأسماء، وتغيير الدروس، وتغيير المسببات، وتغيير القيم الموجودة"، معتبرة هذه التغييرات "أمورا ألزمت المنهاج باتجاه مع تخفيف العقيدة".

وتسعى العتوم، التي أحالها الذنيبات للاستيداع عندما كانت معلمة، لمواجهة وزير التربية تحت القبة من خلال القنوات التشريعية والدستورية، مؤكدة أن "لجنة التعليم التي ستشكل في المجلس ستطرح موضوع المناهج بكل تأكيد".

مدافعون

وفي المقابل، يرى الخبير التربوي ذوقان عبيدات، في الضجة التي أثيرت حول تعديل المناهج، "تحريضا من جهات سياسية"، معتبرا أن "استبدال أسماء بأخرى قضية هامشية".

وعبّر عبيدات عن تأييده للتعديلات التي أجرتها الوزارة، وقال في حديث لـ"عربي21"؛ إن "التعديلات لا يوجد فيها شيء ضد الإسلام أو ما يمس الإسلام، أو يؤيد التطبيع".

نهاية هذا السجال حول المناهج قد يفضي إلى إعادة وزارة التربية النظر في بعض التعديلات تحت وقع الضغط والاحتجاجات. فقد أرسلت الوزارة عقب المؤتمر الصحفي للوزير؛ إشارات لإمكانية العودة عن المناهج الجديدة، فقد أرسل وزير التربية إلى إدارات المدارس كتابا يطلب فيه تقديم مقترحاتهم وآرائهم حول التعديلات الأخيرة على الكتب المدرسية كونها "طبعة تجريبية". عربي 21