الأطفال المثقلون بالعمل.. تنامي الظاهرة وضعف المراقبة

الأطفال المثقلون بالعمل.. تنامي الظاهرة وضعف المراقبة
الرابط المختصر

استنادا إلى الأرقام الأخيرة للدراسة المسحية لعمل الأطفال، والتي سبقتها دراسة منذ 9 سنوات، تعتزم وزارة العمل باتجاه تعديل بعض المواد والتشريعات القانونية بجانب تغليظ العقوبات والغرامات من قانون العمل خلال الفترة القادمة، في محاولة للحد من تلك الظاهرة، بحسب الناظق باسمها محمد الخطيب.

 

وأظهرت الأرقام الجديدة لمسح عمل الاطفال للعام الحالي،والتي أجرتها الوزارة بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ومنظمة العمل الدولية، إلى تضاعف الأعداد مقارنة بالمسح الذي أجري عام 2007، ليتجاوز 69 ألف طفل، 44 ألفا منهم يعملون في اعمال خطرة.

 

وبين المسح أن معظم الأطفال يعملون في تجارة الجملة والتجزئة، فضلا عن الزراعة والحراج وصيد السمك، مشيرا إلى أن معظم الأطفال يعملون أكثر من 33 ساعة أسبوعيا.

 

ويؤكد الخطيب أنه ورغم محدودية أعداد المفتشيين المتخصصين لضبط عمل الأطفال، إلا أن كوادر الوزارة نفذت منذ بداية العام نحو 4200 زيارة تفتيشية، تعاملت خلالها مع 1200 حالة عمل أطفال معظمهم من الأردنيين، وتاليا السوريون.

 

وأوضح أن أعداد الأطفال المنخرطين في سوق العمل تتضاعف خلال العطلة الصيفية، نتيجة دفع بعض الأسر لأبنائهم إلى سوق العمل بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى أن بعض أصحاب العمل يرغبون باستقطاب الأطفال الذين يقبلون بأجرة أقل.

 

وبحسب قانون العمل، يمنع تشغيل أي طفل يقل عمره عن 16عاما، واشتراط العمل لـ 6 ساعات فقط تتخللها ساعة استراحة، فيما يسمح بعمل الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16و18عاما، شريطة ألا تكون أعمالا غير خطرة، مع ضرورة موافقة أولياء أمورهم.

 

فيما لا ينص القانون على أي عقوبات تجاه الأطفال العاملين أو ذويهم، وإنما تقتصر على محاسبة أصحاب المنشآت، التي تتدرج من الإنذار وتوجيه المخالفات وصولا إلى الإغلاق وفرض الغرامات في بعض الحالات.

 

ويشدد الخطيب على ضرورة نشر التوعوية والتثقيف بمخاطر تلك الظاهرة، وتعاون كافة الجهات الرقابية ووسائل الإعلام ووزارة التربية والتعليم  لمكافحة عمل الأطفال.

 

من جانبه يرى الخبير في مجال حماية الطفل والأسر الدكتور سيد عادل الرطروط، أنه برغم صدور تلك الأرقام المسحية، إلا أنه هنالك أرقاما لا تزال مجهولة ولا يمكن الوصول إليها في الواقع، وذلك بسبب القصور في عمليات الرصد، ما يؤشر على وجود أعداد كبيرة من الأطفال العاملين الذين لم يشملهم المسح.

 

ويعتبر الرطروط قلة عدد مفتشي وزارة العمل إخفاق وضعفا واضحين، لعدم تمكنها من مواجهة تلك الأعداد الضخمة من الأطفال في سوق العمل والقضاء على هذه الظاهرة.

 

"وفي ظل هذا القصور، تزيد احتمالية ارتفاع تلك الأعداد وتناميها خلال الأعوام المقبلة، إضافة إلى ازدياد نسب الفقر والبطالة، واستغلال بعض أصحاب العمل لحاجة هؤلاء الأطفال وأسرهم، وفي ظل استمرار تدفق اللاجئين"، بحسب الرطروط.

 

ويرجع انتشار الظواهر الاجتماعية في المملكة إلى ما وصفه بالصمت المطبق عنها، واتباع النظرة المجتمعية باعتبار الطفل رجلا ويستطيع المساعدة وتوفير احتياجات أسرته، دون إدراك للمخاطر الكبيرة التي يمكن ان يتعرض لها، بجانب حرمانه من حقه بالتعليم، الأمر الذي يهدد مستقبله.

 

كما أن عدم وجود استراتيجات واضحة لمواجهة عمل الأطفال، وضعف الإجراءات المتبعة أثناء ضبطهم كتحويلهم لمراكز تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، ومن ثم تكفيلهم والعودة إلى منازلهم، وهو ما يرى الرطروط أنه إجراء لا يساهم بمعالجة تلك الظاهرة، بل ويساهم بارتفاع أعدادها.

 

ولمعالجة تلك الظاهرة يجب إعداد برامج تأهيلية واقعية فعلية، وتدريب الأطفال غير الراغبين بالدراسة أو ممن لديهم ظروف معيشية صعبة على مهنة يستطيعون الاستفادة منها بعد تجاوز عمر 18 عاما، للعمل بها وضمان مستقبلهم.

 

ويشير الرطروط إلى الدور الكبير الذي يقع على  وزارة التربية والتعليم من خلال إبراز المخاطر المترتبة على عمل الأطفال في المناهج الدراسية خاصة بالمراحل الأولى، وتوعية الأسر وتأهيلهم للتعامل مع العديد من القضايا التي قد يواجهونها لضمان عدم خروج أطفالهم إلى سوق العمل.

 

وللمساهمة في الحد من تلك الظاهرة تعمل منظمة العمل الدولية على برنامج دعم حقوق الأطفال من خلال التعليم والفن والإعلام  تحت عنوان "سكريم"، من خلال البرنامج الدولي للقضاء على عمل الأطفال (آيبك) على أساس التعليم والتغيير الاجتماعي.

 

وتعمل المنظمة على تدريب فريق من أطفال المجلس البلدي التابع لأمانة عمان الكبرى وطلاب من جامعتي الهاشمية والبلقاء على البرنامج لإبراز أهمية دور الشباب وزيادة الوعي المجتمعي.

 

وتقول مديرة برامج عمل الأطفال في المنظمة نهاية دبدوب، إن البرنامج يستهدف فئة الشباب لغايات تمكينهم وتحميلهم المسؤولية وإشراكهم في عملية التغيير لحل مشكلة عمل الأطفال.

 

من جانبها، تؤكد منسقة مبادرة حملة "أطفال مش حملة أثقال" شروق النعيمات أن الحملة تهدف إلى تسليط الضوء على ما يعانيه هؤلاء الأطفال من مخاطر جسدية ونفسية واجتماعية.

 

وتشير النعيمات إلى أن المبادرة تسعى إلى إعداد دراسات للوقوف على الأسباب التي دفعت هؤلاء الأطفال إلى العمل، من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية.

 

هذا وأظهرت نتائج المسح الوطني لعمل الأطفال للعام الحالي، أن 1.89% من الأطفال للفئة العمرية (5 – 17) عاما عاملون، منهم 3.24% من الذكور، و.45% من الإناث، وهي ذات النسبة العامة للأطفال العاملين التي أظهرتها نتائج الدراسة السابقة.

أضف تعليقك