احتواء المواقع: من الذهبي حتى الطراونة

احتواء المواقع: من الذهبي حتى الطراونة
الرابط المختصر

المحاولات الحكومية لتقييد وضبط المواقع الالكترونية لم تكن وليدة اللحظة اذ مرت بعدة حكومات بدأت منذ حكومة نادر الذهبي مرورا بحكومات سمير الرفاعي ومعروف البخيت وعون الخصاونة حتى الاخيرة حكومة فايز الطراونة التي تمخض عنها مشروع القانون المعدل للمطبوعات والنشر لعام 2012.

الذهبي: مقاطع المواقع

محاولات احتواء المواقع بدأت مع حكومة الذهبي إثر حملة التراشق بين مدير المخابرات الاسبق محمد الذهبي و مدير الديوان المكي باسم عوض الله حينه من خلال المواقع الالكترونية.

ومارس الرئيس الذهبي تضييقا على المواقع حين استثناها من دعواته ولقاءاته الاعلامية الامر الذي دفع عددا من المواقع لمقاطعة نشاطات الرئيس احتجاجا على ما اسمته "التهميش المتعمد "

الرفاعي: سنضع حدا لتجاوزات الاعلام

وهذه المحاولات تطورت لاحقا مع تسلم سمير الرفاعي رئاسة الوزراء ليلعن صراحة بتاريخ 27 / 12 / 2010 بأن الحكومة “ستضع حدا للإعلام الذي يتهجم على الدولة لحماية المواطن من القدح والذم”.

وبعد هذه التصريحات بيومين، خرج وزير الدولة لشؤون الاعلام آنذاك علي العايد ليؤكد عدم وجود نية لدى الحكومة بفرض قيود على الإعلام.

العدوان يستقيل احتجاجاً

وبقي الحال بين مد وجزر حتى قدم وزير الإعلام طاهر العدوان إستقالته من حكومة البخيت احتجاجا على قوانين مقيدة للإعلام معتبرا ان تلك القوانين ضد حرية التعبير وتشكل مخالفة للاستراتيجية الإعلامية وتوجهات الدولة الإصلاحية.

إلا ّ أن رئيس الوزراء معروف البخيت نفى أن تكون القوانين التي أرسلت من قبل الحكومة إلى مجلس النواب في حينه تتضمن عقوبات تفرض على الإعلام وتقيّد الحريات.

وشدد البخيت في حديثه لعدد من ناشري الصحف الإلكترونية أن الهدف من التعديلات، فقط تنظيم عمل الصحافة الإلكترونية.

وكانت الحكومة قد أحالت بتاريخ 17 من تموز 2011 لمجلس النواب مشروع قانون معدل لقانون المطبوعات والنشر يتضمن الاعتراف بالوسائل الالكترونية او الرقمية او التقنية بانها مطبوعات صحفية، ويعطي الخيار للمواقع الالكترونية بالترخيص.

وجاء في مشروع القانون بان المطبوعات الالكترونية لا تستفيد ومالكها والقائمون عليها والكاتب فيها من مزايا هذا القانون ما لم تكن المطبوعة الالكترونية مرخصة او مسجلة وفقاً لاحكام هذا القانون.

عبد الله ابو رمان الذي جاء خلفا للوزير العدوان أكد خلال مناقشة لجنة التوجيه الوطني النيابية لمشروع قانون المطبوعات والنشر أن الحكومة ملتزمة للمواقع التي ستسجل اختياريا بكل الحوافز التي تحصل عليها باقي المطبوعات الصحفية الصادرة سواء كانت يومية أو أسبوعية.

وفي خطوة اعتبرها العديد تكميماً ﻷفواه الصحفيين وتحصيناً للفساد. جرم مجلس النواب بتاريخ 27 من ايلول 2011 النشر أو الحديث بأي وسيلة علنية عن الفساد، من خلال موافقة 56 نائباً من أصل 96 حضروا الجلسة للمادة 23 من مشروع قانون هيئة مكافحة الفساد كما وردت من الحكومة.

إلا أن موافقة النواب اصطدمت باحتجاجات كبيرة، ما أدى إلى إرجاء مجلس الأعيان لمناقشة القانون وترحيل المشكلة.

تزامن مع ذلك نشر ويكليكس تقريرا يفيد بأن الملك غاضب من تقارير وتعليقات على الانترنت، وبـأن الوسط الصحفي عبر عن غضبه الشديد من الحكم بإخضاع الإعلام الإلكتروني لقانون المطبوعات والنشر المعمول به في البلد.

وفي الــ 17 من تشرين أول 2011 صدرت تعليمات جديدة لتسجيل المواقع الالكترونية عن طريق المطبوعات والنشر يتم يموجبها معاملة المواقع الإلكترونية كمطبوعة صحفية تؤهل العاملين فيها إلى عضوية نقابة الصحفيين من خلال التنسيق والتعاون مع النقابة .

ومع ازدياد مسيرات الحراك الشعبي والسياسي في نهاية العام 2011 ارتفعت أصوات محرري المواقع الإلكترونية المنادية بالتخفيف من الضغوط الأمنية على وسائل إعلام لحذف أخبار الإعتداءات على ناشطين ومشاركين في مسيرات تنادي بالإصلاح.

الخصاونة:  حل وسط

وفي شباط من عام 2012 قال رئيس الوزراء عون الخصاونة في حوار أجرته معه “الغد” بأن الحكومة تتجه لوضع قانون منظم لعمل المواقع الالكترونية، لكنه لفت إلى أنه “لم يكتب” في هذا المشروع بعد أي حرف.

وقال الخصاونة في المقابلة إن “ملامح القانون، كما نفكر به هو الوصول إلى حل وسط، ومعادلة مقبولة بين حرية التعبير وحقوق الأشخاص، وصيانة حرماتهم وأعراضهم من القذف والتشهير”.

الناطق الاعلامي راكان المجالي أكد في حينها أن الحكومة تركت موضوع تنظيم عمل المواقع الالكترونية للمواقع نفسها، معلنا ان الحكومة طلبت من المواقع وضع تصور خاص لهذه الغاية.

وكشف المجالي عن توجه الحكومة لإزالة التشوهات الموجودة في قانون المطبوعات والنشر، بحيث يتم إلغاء المواد التي تتضمن غرامات مالية، أو عقوبات جزائية، والتي حصرها المجالي بخمسة مواد. وأشار إلى أن التوجه لتعديل القانون يهدف إلى احتواء المواقع الالكترونية في قانون المطبوعات والنشر، موضحا بأن التعديلات المقترحة تضمن لناشري المواقع عدم المساس بسقف الحرية.

حكومة الطراونة تقر القانون رغم الرفض

تغير الحكومات بعد ذلك لم يغير من السياسة المتبعة للتعامل مع ملف المواقع الإلكترونية وقانون المطبوعات والنشر وبقي انخفاض الحريات الإعلامية عابر للحكومات، حتى إقرار قانون المطبوعات والنشر من قبل حكومة فايز الطروانة بتاريخ 22/8/2012.

وما لبثت الحكومة حتى واجهت احتجاجا كبيرا من مواقع الكترونية ونقابة الصحفيين معلنين رفضهم للصيغة التي أقرها مجلس الوزراء، بل وطالب ناشرو مواقع الكترونية بإحالة وزير الدولة لشؤون الاعلام سميح المعايطة الى المجلس التأديبي في نقابة الصحفيين التي هو عضو فيها تمهيداً لفصله بسبب مشاركته في صياغة تعديلات القانون.

الاحتجاجات ستنتقل في الغالب إلى مجلس النواب الذي سيستقبل القانون في الفترة القادمة لمناقشته وإقراره في الدورة الاستثنائية التي تبدأ أعمالها في 26/8/2012.

مواضيع ذات صلة

أضف تعليقك