إيكونوميست: الأردن أمام مأزق.. هجرة الحلفاء وتزايد العقبات

نشرت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير تقريرا، تحت عنوان "قلة من الأصدقاء ومزيد من المشكلات"، تتحدث فيه عن الوضع الذي يجد فيه الأردن نفسه وسط تغيرات في التحالفات ومشكلات مستعصية.

 

ويشير التقرير، إلى أن الملك عبد الله الثاني يخشى من أن الحلفاء القدماء يتخلون عنه أيضا، وليس الولايات المتحدة الأمريكية فحسب. 

 

وتلفت المجلة إلى احتفالات المملكة بمناسبة عشرين عاما على تولي الملك عبد الله الحكم، والشعار الذي رفع في الاحتفال "كلنا الملك عبد الله"، قائلة إنه "في المناسبة التي حلت في السابع من شباط/ فبراير لم يتفق الكثيرون مع هذا الشعار، وحتى أطباق المنسف المكدسة باللحم واللبن لم تكن قادرة على جذب أعداد كبيرة من الناس، وبعد شهرين من المناسبة فإن المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي عقد في منتجع البحر الميت لم ينجح في جذب الجمهور العالمي المطلوب. 



وينقل التقرير عن مسؤول أردني سابق، قوله إن الملك يخسر "مكانته" في الداخل والخارج، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي ميز الله فيه دولا شرق أوسطية أخرى بالنفط فإن الله منح الأردن الموقع الاستراتيجي ليكون على مفترق طرق، ولهذا السبب حرصت القوى الغربية والإقليمية على استقراره، ففي أثناء الحرب الباردة أدى الأردن دور الحليف الموثوق للغرب، في وقت تحولت فيه دول عربية أخرى نحو الاتحاد السوفييتي. 

 

وتفيد المجلة بان الأردن كان بمثابة القناة لإسرائيل الجارة له، التي وقع معها معاهدة سلام، في وقت ابتعدت فيه الدول العربية الأخرى عن الدولة اليهودية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة استخدمت الأراضي الأردنية لشن عمليات القوات الخاصة في العراق، وليكون قاعدة لتنسيق عمل جماعات المعارضة السورية في الحرب الأهلية. 

 

ويقول التقرير: "يبدو اليوم أن الأردن لم يعد ضروريا، فالكثير من الدول العربية تتعامل مباشرة مع إسرائيل، وبعضها غاضب من الملك عبد الله، الذي لم يتبع مسارها في المسائل الإقليمية، فقد حافظ على علاقاته مع دولة قطر التي حاصرتها دول الخليج، وتردد في المشاركة في حرب اليمن التي تقودها السعودية والإمارات، وأظهر أنه متسامح مع جماعة الإخوان المسلمين، التي منعت في دول الخليج ومصر، بل إن الملك صافح الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي تمقت القوى العربية بلاده". 

 

وتنوه المجلة إلى أن "الولايات المتحدة، التي تسحب قواتها من المنطقة، فقدت الاهتمام بالأردن، واشتكى الملك عبد الله من تجاهل إدارة دونالد ترامب له، خاصة في الخطة السلمية التي تعد لها لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، ويخشى الملك من أن الخطة قد تجبره على توفير موطن دائم لملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في المملكة بأعداد كبيرة، وبالتالي تحويل المملكة إلى موطن فعلي لهم، كما يخشى الملك من تجاهل الخطة للرعاية التاريخية التي يقدمها الأردن للأماكن الإسلامية والمسيحية في القدس، ويخشى أيضا أن يصبح للدول، وتحديدا السعودية، دور في هذه المدينة". 

 

ويبين التقرير أن "الولايات المتحدة والسعودية والإمارات تستطيع ممارسة الضغط على الأردن من خلال وقف الدعم، فأمريكا تقدم للمملكة مليار دولار سنويا، فيما قدمت دول الخليج مليارات أخرى في أثناء الربيع العربي وبعده، إلا أن السعودية لم تجدد رزمة المساعدات عام 2017، وهي خطوة رأى فيها المسؤولون الأردنيون عقابا لهم بسبب عدم اتباع السياسات الخليجية، وبعد أشهر قال الملك عبد الله إنه واجه ضغوطا لتخفيف حدة معارضته ونقده لقرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وفي الوقت الذي واجه فيه الأردن مصاعب اقتصادية، فإن دول الخليج، بينها السعودية، وعدت بتقديم 2.5 مليار دولار على شكل قروض للأردن، ولم يصل منها إلا جزء بسيط". 

 

وتقول المجلة إن "الملك عبد الله يحتاج للمساعدة، ففي مملكته ملايين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والعراقيين، وهو عبء كبير كما يقول الملك، ويصل الدين العام إلى 95% من الناتج المحلي العام، وقامت الحكومة بقطع الدعم وزادت الضريبة ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، ويعاني أكثر من مليون أردني من بين 10 ملايين نسمة من الفقر، وتصل نسبة البطالة بين الشباب إلى 41%، ولأن البحث عن وظيفة ملح فإن إعلانا للسفارة الأمريكية عن وظيفة سكرتير أدى إلى فراغ المطاعم والمحال ومراكز التسوق". 

 

وبحسب التقرير، فإن "الشعب اعتاد على تحميل الوزراء الجشعين الفاسدين مسؤولية بؤسه، وتطلع للملك ليقدم لشعبه حلولا، واليوم عندما يتظاهرون، كما يفعلون دائما، فإنهم ينادون الملك باسمه، فقالوا في هتاف: (الأسعار ترتفع وعبد الله يلعب البوكر)، وقال شيخ من بني حسن: (لا يمكن للأردن تحمل نفقات العائلة المالكة)، طالبت رسالة مشتركة تم توزيعها على نطاق واسع للوزير السابق أمجد المجالي، طالبت الملك بـ(ملاحقة الدائرة الفاسدة القريبة منك)". 

 

وتقول المجلة إن "الغضب شديد بين البدو الذين يهيمنون على الأمن والمخابرات، ويوقع الضباط المتقاعدون رسائل يقولون فيها إنهم لم يعودوا يتعاملون مع الملك وزوجته الفلسطينية رانيا على أنهما ملكهم وملكتهم، فيما يهدد البعض بحمل السلاح". 

 

ويشير التقرير إلى أن الملك قام بعزل وزير الداخلية ومدير المخابرات، وسط تقارير عن مؤامرات انقلابية عليه، لافتا إلى أن الوزير والمدير الجديدين قاما باعتقال قادة عشائر بشكل زاد من مشاعر الغضب. 

 

وتبين المجلة أن بعض قادة العشائر ينظرون للأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك، الذي عزل من ولاية العرش عام 2004 ليحل محله ابن الملك الحالي، ولأن الامير حمزة يتحدث لغة عربية قريبة من البدو؛ بسبب اختلاطه وعيشه معهم فإنه يجذب البدو إليه، على خلاف الملك الذي نشأ يتحدث اللغة الإنجليزية، فبعد سنوات من الحياة بعيدا عن الأضواء عاد الأمير إلى وسائل الإعلام. 

 

ويورد التقرير نقلا عن سياسي، قوله: "فقط أجهزة المخابرات هي التي تصادق على هذا الأمر"، أي ظهوره. 

 

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إنه "في الوقت الذي تتزايد فيه المطالب باختيار الحكومة عن طريق انتخابات، وليس بموجب مرسوم ملكي، فإنه من الأفضل التشارك في السلطة بدلا من خسارتها".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

أضف تعليقك