أردنيات متزوجات من آسيويين: عندما تصبح معاناتهن مضاعفة

أردنيات متزوجات من آسيويين: عندما تصبح معاناتهن مضاعفة
الرابط المختصر

انتعشت مدينة الضليل منذ تسعينيات القرن الماضي اقتصاديا بإنشاء عشرات المصانع هناك، لتضم آنذاك عشرات المصانع والتي جلها متخصصة بالغزل والنسيج، لتنعكس بكاملها على النسيج الاجتماعي لمدينة الضليل من ذوي الدخل المحدود وما دون.

 

يظهر أن غالبية العمالة الوافدة الآسيوية، تعمل في المناطق الصناعية المؤهلة أو ما تعرف بQIZ، وتعتبر منطقة الضليل، أحد أبرزها،والتي اندمج العديد من العمال هناك مع أبناء المجتمع المحلي، وكان ذلك من خلال السكن مع أبناء المجتمع في مناطقهم.

 

مع تواجد العمالة الأسيوية في منطقة الضليل، زاد من حالات زواج أردنيات من جنسيات آسيوية عدة، وأبرزها البنغالية ثم الهندية والباكستانية. ويصل مجموع العمال الوافدين الآسيويين في 13 مصنع بمنطقة الضليل وحدها إلى 17 ألف و572 عاملا.  

 

بعض حالات الزواج مضى عليها 22 عاماً وأقل،وخلالها نشأت عائلات ممتدة، وفيها تعاظمت إشكالية نساء من عدم قدرتهن على إدماج عائلتهن في المجتمع.

 

الحصول على عمل أحد أكثر أشكال الانتهاكات تكرراً بين العائلات هناك، حيث يفقد الزوج فرصة عمله ويبقى عاطلا عن العمل لا يستطيع الحصول على عمل خارج المصنع،وبمجرد إنتهاء عمله في المصنع يبقى أسيرا لمجتمع يحكم عليه بمجرد أنه من جنسية آسيوية؛ويتعداه إلى لوم زواجه من أردنية.

 

بلا عمل ولا تصريح

 

كانت سميرة تعمل في أحد المصنع عندما تعرفت على زوجها البنغالي، ليرتبطا منذ 7 سنوات، وأنجبا ولدين خمس سنوات وثلاث سنوات.لا تشعر سميرة بأمان،حيث يساورها قلق دائم من قدوم حافلة توقيف الوافدين في منطقة الضليل واعتقال زوجها.

 

ترك زوجها العمل في المصنع ويعمل إلى جانبها في بقالة تبيع مواد أساسية، لكن لا يوجد استقرار على حد قولها. "بعد أن ترك زوجي العمل في المصنع، صار الخوف لا يفارقنا، توقيفه وتسفيره كابوس نعيشه يومياً لأني أعلم سوف يحطم مستقبلنا".

 

"نذهب إلى الدكانة يوميا خائفين، رغم أنه زوج أردنية لكنه يبقى دائم الشعور بأنه عامل لا عائلة له. ببساطة نريد المساواة في أبسط الحقوق، مثلا أتمنى أن يتعاملوا مع أزواجنا بدون تصريح،فليس لدينا القدرة المالية على تحمل تكاليف التصريح، مبلغ 600 دينار صعب وأنا عندي 4 اطفال وبيت إيجار وقرض فتحت فيه الدكان صعب من وين اجيب".

 

لم تفكر أم حمدي يوما أن الزواج من غير الأردني "كابوس" إلا عندما أقدمت على الخطوة، ودخلت في مرحلة الأكثر معاناة في حياتها، "لم أفكر أبدا بهكذا حياة، فيها أشخاص ينبذوني لزواجي من جنسية آسيوية".

 

تلك السيدات، يجتمعن إلى جانب عشرين سيدة، بشكل دائم يتبادلن دائما تجاربهن وحوادث وقعت معهن. والمؤكد أنهن دائما المحاولة في حماية أزواجهن حال قدوم فرق تفتيش وزارة العمل، من خلال دخولهن على الخط بالعمل بدلا منهم حيث يتوار الأزواج عن العمل في بقالات صغيرة منتشرة على جوانب مصانع.

 

أم سارة ترى أن هناك قصدية في ملاحقة أزواجهن رغم معرفة بعض المفتشين هناك أنه قد يكون متزوجمن أردنية، لكنهم يتعاملون معه وكأنه مرتكب جريمة.

 

وهل هناك خصوصية للعائلة الأردنية الأسيوية؟ تقول أم سارة، أن حياتها ممتلئة بالأحداث، بدءا من عمل في المصنع مرورا بالدكان إلى جانب زوجها ثم إلى ساعات متأخرة في المنزل حيث الأطفال هم الضحية للتقصير جراء هذا الوضع. "أنا مقصرة تجاه أطفالي حيث ظروف الحياة إلى جانب مراجعات دائمة في الوزارة والإقامة والحدود".

 

تزوجت تالا منذ 6 سنوات من بنغالي الجنسية لها طفلان )ست سنوات وأربع سنوات) تملك وزوجها بقالة صغيرة، تعمل لمدة 4 ساعات وهي توقيت خروج العمالة الوافدة من المصانع.

 

تقول تالا أن فرق التفتيش تتعامل مع زوجها وكأنه هارب ولا تعلم أنه زوج أردنية، كما تقول "نعم أنا أطلب حقوقنا،واتمنى من إعفاء زوجي من تصريح عمل، مكلف جدا علينا".

 

زوج تالا، بنغالي الجنسية، يقول لنا أنه دائم التوقيف من قبل أفراد الشرطة، ودائما ما يسألونه عن شرعية وجوده بالأردن ومن ثم يوقفونه لفترة وأنه دائم الشرح بلغته العربية الركيكة بأنه غير مذنب.

 

تتدخل تالا مقاطعة زوجها، وتقول أنها تذهب مباشرة إلى المركز الأمني، لإخلاء سبيله. "يكفينا شعور المجرم الذي يضعونه فيه، عند ربط يديه ويقتادونه للسيارة.  

 

مرام، متزوجة من هندي منذ 13سنه  ليس لديها اطفال، وتصريح عمله منتهي، والذي عليه دفع مبلغ 600 دينار، وهو غير متوفر، ويعيشان خوف من فرق التفتيش.

 

تبدأ العمل في أحد المصانع من الساعة السابعة والنصف صباحا وحتى الرابعة عصراً، ومن ثم يترافقان في عمل ببقالة، "لا اريد سوى معاملة حسنة معنا، نريد فقط حلا لتصريح العمل".

 

تتمنى مرام أن ترى اليوم الذي فيه تكون حياتها طبيعية وتطلب من الحكومة تسهيلاً على حياتهم من خلال تصريح عمل ذوي قيمة مقبولة، :لا نريد خوف وقلق دائم، هذا تعذيب".

 

وزارة العمل وتسهيلات

 

مدير مكتب عمل الضليل، جمعه ابو مسيمير يؤكد إلتزام مديرية العمل بأداء واجبها تجاه تطبيق أحكام قانون العمل فيما يخص بالعمالة الوافدة،من خلال إعفائهم من تكاليف الإقامة وهي "ميزة" على حد قوله لزوج الأردنية شريطة عدم العمل، وأن تكون الإقامة موثقة ب "لا" وإذا ما رغب العمل، عندها، يعُامل كالأجانب بالنسبة لتصاريح العمل.

 

لكن هذه الميزة، لا تجدها مديرة مركز تمكين، لندا كلش إلا تقييدا على مجمل العائلة. حيث أنه يحق له الحصول على الإقامة. وفيما يتعلق بتصريح العمل، ويطبق عليه ما يطبق على غير الأردنيين حيث ليس أمامه العمل إلا في مهن مفتوحة.

تلفت كلش إلى ثمة حاجة إلى حملات لرفع الوعي بحقوق العمال الآسيويين لتحسين صورتهم، ومناهضة التمييز ضدهم وحيث أن على المنظمات الحقوقية إيلاء الاهتمام بهذا الملف.

 

استنادا لأحكام قانون العمل، تعفي العمالة الوافدة باستثناء عمال المنازل والنظافة في العمارات ومن لديهم الرغبة بتجديد تصاريح العمل لدى صاحب العمل نفسه، تعفى بنسبة 50%من رسوم تصريح العمل عن المدة التي تسبق تاريخ تجديد تصريح العمل.

 

في حال رغب العامل مغادرة الاردن نهائيا فإنه يعفى من رسوم تصاريح العمل والمبلغ الإضافي المستحق عن أي فترة سابقة بنسبة 60%من المبالغ المستحقة.

 

عن الحملات التفتيشية، يؤكد أبو مسيمير أنه ولكون الوافد زوج أردنية هذا لا يعني عدم حصوله على تصريح.

 

يقول عضو بلدية الضليل محمود بلاسمه انهم في بداية كل عام تقوم لجنة خاصة بالتفتيش على ترخيص المحلات وعادة تبدأ الحملة التفتيشية من الشهر الاول حتى الثالث  وفي الشهر الرابع يعطى انذار وقد يغلق المحل ان لم يرخص او يجدد الترخيص أن المحلات التي يعمل فيها العمال الوافدين بعضها مرخص بإسم زوجاتهم الاردنيات.

 

يشار إلى أن العام 2014 شهد ارتفاعا في عدد زواج الأردنيات من الجنسيات الأسيوية حيث وصلت حالات الزواج إلى 34 حالة زواج، شكلت محافظة العاصمة الأعلى رقما بمعدلات زواج بلغت 52 تليها البلقاء 43 حالة وبالمرتبة الثالثة كانت محافظة الزرقاء ب 38  في حين محافظة جرش ومعان ومادبا لم تشهد أي حالة زواج في السنوات السبع الاخيرة، وفق دائرة قاضي القضاة.

فئات الأكثر هشاشة

 

يدعو رئيس مركز الأمان لحقوق الإنسان، عمر الجراح، إلى ضرورة النظر بأوضاع تلك الفئة من العمال على

المستويين القانوني والاجتماعي، ويقول أن وضع العمال المتزوجين من أردنيات في منطقة الضليل، يستدعي

على الدولة الالتفات إلى أوضاعهم، وبما يلزم أصحاب العمل إلى تصويب أوضاع العمالة الوافدة والعمل على

تحسين البيئة الوظيفية والقانونية لهم بما يتناسب مع الكرامة الانسانية.

 

إحدى السيدات لم تخف قلقها في حال دفع بهن الحال إلى مغادرة الأردن وفي الوقت الذي فيه لا يتحدث أولادها اللغة البنغالية، وهو ما يؤرق فاطمة التي تود أن يتعلم أبنائها لغة أبيهم إلى جانب العربية لكي لا يوجه مصاعب في حال عادوا إلى بلد أبيهم في المستقبل.

 

لا يختلف وضع الأردنيات المتزوجات من آسيويين عن غيرهن ممن تزوجن من جنسيات أخرى، لكن ثمة ألم مضاعف لتلك النساء اللاتي لا يتوقفن عن مقاومة الصورة النمطية المقللة من شأنهن وذلك بتوحيد مطلبهم بأحقية المساواة مع الرجل كحل لمصاعب حياتهن.

 

*بدعم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR

 

أضف تعليقك