آراء حول خطر "داعش" على الأردن.. بين التهويل والسطحية الإعلامية والواقع
لا يزال الحديث عن تنظيم الدولة الإسلامية (أو ما كان يعرف بـ"داعش")، يشغل مساحات بين آراء كتاب المقالات، قبل وبعد إعلان التنظيم قيام "الخلافة" في المناطق التي يسيطر عليها في مدن العراق وسورية، وانعكاس ذلك على الحدود الأردنية.
النائب جميل النمري يرى أن سؤال الساعة بين الناس هو عن تنظيم "داعش" وخطره على الأردن، مشيرا إلى أن الأجوبة عن هذا السؤال تراوح بين حدّي التهوين "الرسمي غالبا"، والتهويل "الصحفي غالبا".
ويؤكد النمري أن خبر مغادرة قوات عراقية لحدود الأردن والسعودية، وتصريح ضابط عراقي بأنهم تلقوا أوامر بترك أسلحتهم في المكان والمغادرة "إن صح"، يعطي جوابا خطيرا عن انتصارات "داعش".
وجوابا على التساؤل حول إمكانية تهديد "داعش" للأردن"، "لا يغامر" النمري بالجواب، ليبسط المعطيات التي يمكن أن تبنى عليها إجابة منطقية مقنعة.
ويستبعد النمري الخطر العسكري المباشر، لأن المسافات الصحراوية الطويلة بين الحدود والمناطق المدنية المأهولة، ستعرض أي قوة عسكرية تدخل للتدمير الكامل قبل أن تصل إلى العمران الذي يوفر لها أرضا ملائمة لمعارك الميليشيات، مشيرا إلى ما يمتلكه الأردن من التسليح والقدرات العسكرية الأرضية والجوية حسنة التعبئة والتأهيل.
أما نوع التهديد المحتمل الوحيد في المدى المنظور، فهو التهديد "الإرهابي"؛ بالتسلل من الخارج، أو إحياء خلايا نائمة للقيام بتفجيرات انتحارية أو غير انتحارية، حيث سيكون المشهد مخيفا ومرعبا لو اعتُمدت هكذا استراتيجية تُسخر لها كل إمكانات التنظيم، مؤكدا على ضرورة التحوط بأقصى أشكال الاستنفار الأمني والاستخباراتي لهذا الاحتمال.
"إلا أن المرجح أن التنظيم المنشغل كثيرا بمعاركه المباشرة والحاسمة في سورية والعراق، لا حاجة له إلى فتح جبهة ثالثة في الأردن بلا مردود أو نتائج مباشرة".
سطحية إعلامية:
يصف الكاتب محمد أبو رمان معظم ما يرد من المواد والمقالات والتقارير المحلية الإعلامية الأردنية عن تنظيم "داعش"، وما حققه من تقدم عسكري ملحوظ في العراق خلال الأيام الماضية، بـ"السطحية" وغياب الموضوعية وضعف المهنية.
ويشير أبو رمان إلى أن نسبة كبيرة من هذه المادة الإعلامية إما أنها عبارة عن ترجمات من الصحف الغربية، من دون النظر أو التدقيق حتى في جودة تلك التقارير والمقالات.. أو أنها تقارير وكالات أنباء عالمية، في جزء كبير منها تضخيم وتهويل في صورة هذا التنظيم ومستوى قدراته.
أما عن التداعيات المتوقعة لأحداث العراق على الأردن، فقد وقع الإعلام الأردني، بحسب أبو رمان في الفخّ نفسه؛ من تكرار تقارير تخلو من معلومات إضافية حقيقية أو من سبق صحفي، مشيرا إلى أن الحديث الدائم عن سيطرة "داعش" على الحدود، وتصريحات مسؤولين باستعداداتنا لمواجهة أي مخاطر، أعطى صورة غير صحيحة عن طبيعة التحدي أو التهديد المتوقع على المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة.
ويخلص الكاتب إلى أن "الفشل في الاختبار الإعلامي، تبدّى بصورة واضحة في الحديث عن "داعش الأردن"، إذ بدلاً من تحري الكتاب والتقارير الإعلامية الدقة والموضوعية والجدية في دراسة هذا التيار وحجمه، حيث نجد من ينظر إلى كل من يطلق لحيته أو يتبنى موقفاً دينياً من أي مسألة بوصفه "داعشيّاً". وإذا كان هذا التصنيف موضوعياً، فلا ريب أنّنا أصبحنا في "قبضة داعش"، في ضوء هذا التصنيف الإعلامي الساذج!".
وكان الكاتب فهد الخيطان، قد كتب في مقال سابق، بأن أطرافا عربية وإقليمية تحاول من منطق الترهيب والتخويف، توظيف خطر تنظيم “داعش” بعد انتصاراته في العراق، لجر الأردن إلى خندق هذا المحور أو ذاك، مشيرا إلى أن هناك تنافسا شرسا على الدور الأردني في مرحلة ما بعد إعلان “دولة الخلافة”.
وأكد الخيطان أن على الأردن أن لا يتأثر بحملة التخويف، وأن لا تجذبه في الوقت ذاته إشارات الغزل؛ ففي الحالتين المطلوب هو توريط الأردن في حالة الفوضى المدمرة. هناك بالفعل من يغيظه استقرار المملكة، ويتمنى أن يراها غارقة في دمها.
أما الكاتب عريب الرنتاوي فرأى أن لبنان، وليس الأردن، هو المرشح لأن يكون الحلقة التالية في مسلسل توسع تنظيم داعش، مشيرا إلى تجانس الأردن من الناحية المذهبية، معربا عن عن اعتقاده بأن المبالغات بتصوير الخطر المحيط بالأردن، تنبع أساسا إما عن جهل بفهم جدلية العلاقة بين هذه القوى وبيئاتها الاجتماعية والسكانية الحاضنة، وإما عن غرض، كما في الحالة الإسرائيلية، التي تريد إشاعة مناخات من القلق والخوف، في المنطقة لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.