مشاريع إنتاجية لذوي الإعاقة ..مساحات اقتصادية لدخول سوق العمل
تقدم المشاريع الإنتاجية للأشخاص ذوي الإعاقة فرصة مهمة لدخول سوق العمل والإنتاج ، تعد صورة غير مألوفة تجاه أنفسهم والمجتمع، تخلق حالة جديدة من الوعي لديهم حول طاقاتهم الداخلية.
شح الدعم والإرادة
يقول مؤسس مشروع "ذيب الأردن" خالد العمر من ذوي الإعاقة الحركية أن مشروعه عبارة عن تصنيع دراجات لذوي الإعاقة وكبار السن من الصفر، وبأسلوب غير مألوف في الأردن.
ويؤكد أنه أول عربي يصنع الدراجات من نوع "كوستم بايسكل" دون دمج قطع غربية أو مستوردة، وأن هذا النوع يمتاز بمواصفات معينة، وطريقة تصنيع لا يتقنها كل صانع دراجات.
ويشير العمر أنه بدأ مشروعه منذ عام 2017، عندما كان يحتاج لدراجة من هذا النوع لأنه يمنع من قيادة دراجات نارية ولم تكن موجودة في الأردن، فقام بتقديم طلب منحة للاتحاد الأوروبي "أوكسفام" وحصل عليها وبدأ مشروعه الخاص إلى جانب وظيفته في مجلس الأعيان.
ويضيف أنه لم يتم دعمه من أي جهة إطلاقاً، بل استطاع من خلال إخلاصه بالتصنيع وجودة ما يقم به الوصول إلى إنتاج دراجات بمواصفات عالية إلى أمراء وشخصيات كبيرة خارج الأردن.
ثورة الإعلام وأدواته
ويلفت صاحب فكرة "برنترز.جو" مهند حجازين من ذوي الإعاقة الحركية، أن مشروعه بدأ منذ عام 2015 بالطباعة على "المجات والطواقي والملابس".
ويستعرض كيفية الطباعة على الملابس أنه يكتبها في مكان ويطبعها في مكان آخر، وأن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدته بنشر أعماله وأزاحت المعوقات التي وضعها المجتمع أمام الأشخاص من ذوي الإعاقة، وأدرك الأمر بعد أن برز مشروعه عبر صفحتيه "الانستغرام" و"الفيسبوك"، وأن "فزع الشمري" أحد المشاهير الأردنيين قام بدعمه لتنشيط التفاعل على مشروعه.
ويركز حجازين على أهمية إنشاء وإيجاد مشاريع كهذه للأشخاص من ذوي الإعاقة، لأنها تعكس همم وإرادة إيجابية للمجتمع عنهم، ويلفت أنه من خلال المشاريع "نؤكد للمجتمع أننا نستطيع أن نكون فاعلين".
وتقول والدة سيف الدين الحمود صاحب مشروع "خرز وخيط" من ذوي الإعاقة العقلية، أن فكرة إيجاده لمشروعه جاءت من طريقة علاجه بحد ذاتها، حيث تمت توصيته باللعب بالخيط والخرز لمضاعفة تواصله البصري وتخفيف أعراض مرضه "التوحد".
رسائل السعادة
وتضيف أن هذه التوصية كانت السبب في صنع سيف لمنتجاته وهي عبارة عن أساور خرز بصنع يدوي أسماها "أساور السعادة" لأنه يقدمها بطريقة مميزة بحيث يرفق رسالة توعوية حول مرضه مع كل "أوردر" تشرح طبيعته وتوعي المجتمع فيها.
وتركز والدة سيف على أن الربح المادي بسيط، لكن الهدف المنشود هو تعزيز شخصية سيف وشعوره بالإنجاز، وأن والدته تدير صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي عبر "الانستغرام" و"الفيسبوك"، رغم عدم دعم أي جهة حكومية.
وتؤكد الناشطة في حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة وصاحبة مؤسسة "بيسان الحياة" للخدمات الاجتماعية لانا خروشة، أن المشاريع التي يقيمها الأشخاص من ذوي الإعاقة تعزز اندماجهم بالمجتمع من خلال إبراز صوتهم وحضورهم وشخصياتهم، مما يضاعف اختلاطهم بغيرهم من غير ذوي الإعاقة، وتحسين صورتهم أمام أنفسهم.
وترى أنه إذا كان الشخص من ذوي الإعاقة ولديه مشروعه الخاص أو ذو مهنة أو موظف في قطاع معين، فهو يعكس صورة مشرقة مليئة بالإرادة حول الأشخاص من ذوي الإعاقة، ويشعره باستقلالية مما يؤدي إلى تعزيز فكرة التساوي الاجتماعي في الحياة العملية.
وتلفت خروشة أن أحد المشاكل التي يواجهها عوائل الأشخاص من ذوي الإعاقة، هي فكرة مصاريف ذوي الإعاقة بعد رحيلهم، وأن مهنتهم تريح الأهل نفسياً من مستقبلهم.
وتوضح أن المشاريع تحد من فكرة تهميش المجتمع لفئة كبيرة منه، وتوصي بأن يكن هناك صرامة في تطبيق القانون ليخرج نتائج جيدة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الاجتماعي حسام عايش أن المجتمع المتحضر هو الذي يعتني بذوي الإعاقة ويوفر لهم كل ما يجعل حياتهم تتميز بالجودة والفاعلية والحضور، ولا يتعامل معهم كقاصرين عن بعض المهن.
ويواصل أنه كلما زاد حضور الأشخاص من ذوي الإعاقة في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في أي بلد كلما زادت درجة التحضر، بالتالي هذا يؤثر إيجاباً على صورة المجتمع أمام نفسه، ويوفر حالة من الألفة بين المواطنين.
ويقول عايش أن مشاريعهم بإمكانها توفير نهج جديد من التصنيع في مخلتف القطاعات، بسبب ريادة تفكيرهم وإبداعهم، وأنه على مستوى الحرف والمهن فإن هذه الأعمال تساهم في إثراء الحياة الاقتصادية.