"النواب" يحاصر الحكومة بسبب سياساتها الاقتصادية‎

"النواب" يحاصر الحكومة بسبب سياساتها الاقتصادية‎
الرابط المختصر

فاجأ مجلس النواب رئيس الوزراء عبد الله النسور بقرار إرجاء مناقشة بيان الحكومة حول السياسات الاقتصادية المتبعة، إلى يوم الأحد بدلاً من استكمال النقاش في الجلسة التي عقدت يوم الثلاثاء.

 

القرار الذي جاء باقتراح من النائب سعد هايل السرور، سيمنح النواب الفرصة لقراءة الأرقام التي تلاها النسور خلال الجلسة، ومقارنتها بالواقع، والبحث في الادعاءات التي قدمها لهم، كعدم وجود عجز في المديونية منذ ثلاثة سنوات.

 

لم يكن رئيس الوزراء مستعداً لهذا القرار؛ حيث حاول استباق رفع الجلسة بتوضيحه أن البيان جاهز للتوزيع خلال دقيقة واحدة على النواب، إلا أن السرور طالب بتفريغ حديث النسور وتوزيعه على النواب ليصار إلى مناقشته يوم الأحد، وهو ما لم يكن في حسابات النسور على ما يبدو، حيث أبدى استياءه من القرار.

 

تأجيل النقاش إلى يوم الأحد يعني أن نواباً بارعين في البحث والتحليل سوف يأخذون وقتهم لقراءة أرقام الخطاب وتمحيصها، وكتابة ردودٍ تُحرج الحكومة وتضعها في مواجهةٍ مع الشارع الأردني بطريقة أكثر تأزيماً من الحالة الحالية.

 

جرت الرياح بما لا تشتهي الحكومة

 

النسور حاول السعي لإنهاء النقاش وإغلاق الملف خلال الجلسة يوم الثلاثاء، حيث أطال حديثه بشكلٍ ملحوظ مما أثار ململة بين النواب، في حين حاول ثني المجلس عن قرار تأجيل الجلسة عبر تجهيز نسخ عن البيان كان ينوي توزيعها فور الانتهاء من تلاوته، الأمر الذي سيجنّبه القيام بمباحثات بين النواب وتشكيل كتلة ضغط تدعم رأي الحكومة تحت القبة، والعمل على تجهيز بيّنات وردود أكثر قوة لإقناع النواب خلال جلسة الأحد، لكن موافقة النواب على مقترح تأجيل الجلسة جاء بما لا يشتهيه النسور.

 

وتطرّق النسور في حديثه المطوّل أمام النواب إلى أمور مختلفة ليثبت فيها أن الحكومة بريئة من التهم الملصقة بها ابتداءً من أنها ليست حكومة جباية وانتهاءً من أنها لم تكن سبباً بزيادة المديونية مروراً بأنها حافظت على هيبة الدولة عبر الكثير من الإجراءات المتخذة منذ ثلاثة أعوام إلى اليوم.

 

وأعاد النسور استخدام معادلة الأمن والأمان لتبرير السياسات الاقتصادية الحكومية قائلاً "نحن لسنا في ناقوس زجاجي مغلق، إنما لدينا ظروف محيطة بنا، هناك إرهاب، وأمن، وحدود، وكل هذه تؤثر على الاقتصاد"، مضيفاً أنه "لا يمكن تجاهل أزمة اللجوء السياسي والعبء الذي ألقته على الخزينة والحروب المحيطة بنا من انسدادات في شرايين الاستيراد والتصدير".

 

"ليست حكومة جباية"

 

وألقى النسور الضوء على انخفاض النشاط السياحيّ، وحركة الطيران، والنقل، والزراعة، والتجارة والأسواق الحرة في المنطقة، وتضرر الكثير من القطاعات بشكل عام، خصوصاً بعد حادثة حرق الطيار معاذ الكساسبة.

 

وفيما يتعلق بوصف الحكومة بأنها تنتهج نهج الجباية اعتبر النسور أنه "ما هو الا نهجٌ من أجل الاستقرار المالي والمادي والذي من دونه سيخسر المواطن الأردني قدرته الشرائية وسندخل في معدلات تضخم خيالية وسنخسر القروض من الدول المانحة والسياسة المنح التي يحتاجها الاقتصاد الأردني".

 

وطرح النسور تساؤلات حول قانون ضريبة الدخل، مستغرباً إطلاق وصف الجباية على إبقاء ضريبة الدخل على الصناعة إلى مستوى 14% ورفع الإعفاء على الأفراد من 24 ألف إلى 28 ألف في السنة، وعدم فرض ضريبة دخل على القطاع الزراعي نهائياً، وتخفيض ضريبة الدخل على قطاع تكنولوجيا المعلومات.

 

"مسوغات" قرارات رفع الدعم

 

أما صافي المديونية، فقال السنور إنها ارتفعت من 16.6 مليار دينار عام 2012 وأصبحت في نهاية تشرين أول 22.6 مليار؛ أي زادت المديونية 6 مليار، مرجعاً سبب ارتفاعها إلى ثلاثة أمور، هي دعم المياه ودعم الخبز، بالإضافة إلى الكهرباء، مستثنياً عجز موازنة الحكومة والوحدات الحكومية المستقلة من عوامل رفع المديونية حيث أن الموازنة لم تعاني من العجز خلال السنوات الثلاث الماضية، على حدّ قوله.

 

ودافع النسور عن قرارات رفع الدعم عن المشتقات النفطية وصرفها نقداً للمواطنين بأن وصف الطريقة السابقة القائمة على دعم السلعة بالمجمل بدلاً من المواطن بـ"الدعم العشوائي"، والذي كان لا يصل إلى 90% من مستحقيه، على حد قوله.

 

وبرر النسور قرار رفع تعرفة المياه بنسبة 66 قرشاً في الشهر بشكل مقطوع على الفاتورة، ودينارين شهرياً على الشريحة ذات الاستهلاك الأعلى، بأنه يأتي لتقليل خسائر سلطة المياه مستقبلاً، والتي ستصل إلى 300 مليون دينار هذا العام.

 

رفع رئيس المجلس عاطف الطراونة الجلسة إلى يوم الأحد وسط شبهة دستورية أثارها النائب عبد الكريم الدغمي، مما يفتح باباً للجدل والتكهنات حول تطورات العلاقة بين الحكومة والمجلس، وحول صحوة المجلس في دورته العادية الأخيرة على القرارات غير الشعبوية التي بدأت منذ عام 2012 حتى اليوم.