الموازنة تعبر من "النواب" بعد أسبوع من الصخب
أقر مجلس النواب مساء الخميس قانون الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية بموافقة أغلبية أعضاء المجلس.
وجاء التصويت بعد مناقشات مطوّلة امتدّت منذ يوم الأحد وحتّى الخميس تحدّث فيها النواب عن آرائهم حول مشروع الموازنة، محمّلين الحكومة في كلماتهم مسؤولية الأعباء الاقتصادية التي يعاني منها المواطن الأردني وواصفيها بالكثير من الأوصاف اللاذعة، كلماتٌ ذهبت أدراج الرياح حينما باشر المجلس بالتصويت على بنود الموازنة.
لم يتجاوز عدد النواب الذين لم يوفقوا على الموازنة الـ35 نائباً، منهم "خليل عطية وخميس عطية وسعد الزوايدة وخالد البكار وعبد الجليل العبادي ومحمد القطاطشة وعلي السنيد وعبد الهادي المجالي وعساف الشوبكي وسمير عويس وخلود الخطاطبة ومحمود الخرابشة ومفلح الرحيمي ورولى الحروب وطارق خوري وأمجد المجالي وعبد المنعم العودات وتامر بينو وسعد البلوي و وهند الفايز ومحمد الرياطي وبسام البطوش ويحيى السعود ورائد حجازين وميسر السردية وأمجد المجالي وعدنان الفرجات وعبد الكريم الدغمي ومحمد الظهراوي وقاسم بني هاني وسليمان الزبن ومحمد السعودي وسعد هايل السرور وزكريا الشيخ ومعتز أبو رمان".
في حين غاب عن الجلسة كل من "مصطفى الشنيكات وفلك الجمعاني و بسام المناصير وكمال الزغول وضرار الداود وأحمد الرقيبات ورائد الخلايلة"
أزمة الأصول والمنابت
تجلّى الحديث عن المكونات للنسيج الاجتماعي الأردني في الكثير من كلمات الجلسة الصباحية من يوم الخميس، حيث بدأها النائب تامر بينو الذي كشف عن تعرّضه للشتم من أحد الأشخاص على مواقع التواصل للاجتماعي على خلفية انتقاده لدائرة المخابرات العامة وتدخلها في عمل مجلس النواب.
ووفقاً لبينو فإن الرسالة التي وصلته على فيسبوك وصفته بأنه "عبد من عبيد القوقاز"، وأنه أصلاً ليس أردني كي يتحدث عن الأجهزة الأمنية.
بينو شدد تحت القبة على أنه أردني من أصول شيشانية ولا يقبل بالتشكيك بأردنيته، داعياً إلى تشريع القوانين الرادعة المانعة لبث الفرقة بين الأردنيين على أساس اصولهم او منابتهم او لونهم او دينهم أو عرقهم، ومؤكداً على ضرورة صون الوحدة الوطنية.
ثم تبعه في الحديث عن الأصول النائب محمد هديب الذي تحدّث بصراحة عن كونه جزءاً من "المكون الفلسطيني" في الأردن قائلاً "نعرف كمكون فلسطيني في هذا البلد بأن ما حصل عليه الفلسطيني في هذا البلد لا يقارن بما حصل عليه البقية في الدول الأربعة التي استقبلت الفلسطينيين".
حديث هديب جاء كمقدّمة لتطرّقه لقضية تصاريح العمل المفروضة على أبناء قطاع غزة واستمرار معاملتهم كالأجانب، بالإضافة إلى انتقاده للأنباء التي تتحدث عن نية الحكومة حل اللجنة المعنية بدراسة تظلّمات سحب الأرقام الوطنية، مطالباً وزير الداخلية بعقد اجتماعات هذه اللجنة.
شبهات فساد
هاجم النائب محمد الرياطي قيام الحكومة بتلزيم أحد العطاءات في عامي 2014/2015، وهو عطاء متعلق بالصخر الزيتي حيث "تم تقسيم العطاء على ثلاث شركات محلية، الشركة الأولى وهي شركة العون والتي كان لها النصيب الأول بقيمة 850 مليون دولار تقريبا ، والشركة الثانية هي شركة هبة للمقاولات و بقيمة 100 مليون دولار تقريبا، والشركة الثالثة شركة القدس للصناعات وبقيمة 50 مليون دولار تقريبا" حد قول الرياطي.
وأضاف الرياطي أن الشركات يعود بعضها "لنواب ويجلسون في سدة الحكم النيابي"، دون التطرق إلى أسماء أصحاب الشركات، داعياً إلى مراجعة دائرة مراقبة الشركات لمعرفة اصحابها، مضيفاً أنه "لن تفاجأوا بالأسماء، لأنها مألوفة لكم من كثرة مشاهدتهم على التلفاز وهم يتغنون بمحاربة الفساد وحبهم لوطنهم"، مطالباً بإحالة رئيس الوزراء إلى النيابة العامة على خلفية المشروع.
يشار إلى أن ملكية شركة العون تعود لكل من سليمان ومحمد وعارف، أبناء يوسف صالح الطراونة وهم أشقاء رئيس المجلس عاطف الطراونة.
كما قام النائب نضال الحياري في كلمته بالتطرق إلى الكثير من قضايا الفساد، معتبراً أن مقدرات الوطن قد ضاعت وبيعت بثمن بخس من قبل المتنفذين في الحكومات السابقة، كبيع شركة امنية والفوسفات والعبدلي وأسهم بنك الإسكان، بالإضافة إلى مطالبته بمتابعة قضية وليد الكردي.
النائب محمد السعودي تحدث عن مشروع ميناء الغاز، موضحاً أن الموازنة "تحملت سبع مليارات من الدين بسبب عدم قدرة الحكومة على تنفيذ المشروع بقيمة 20 مليون دينار، وأخذ منها وقت خمس سنوات في حين أن عدد من الدول في المنطقة انجزته خلال 6 شهور، مع العلم أن كلمة ميناء الغاز تعني (ماسورة تستقبل الغاز من سفينة في البحر)".
النسور يدافع بالأرقام
رئيس الوزراء عبد الله النسور قدّم أرقاماً كثيرة كي يدحض فيها ادّعاءات النواب المتعلقة بالمديونية وما يصفوه بـ"الجباية"، حيث أوضح ان العجز المجمع في موازنة الحكومة والوحدات المستقلة عام 2012 كان 3.1 مليار دينار أما عام 2016 فمن المتوقع أن ينخفض إلى 1.3 مليار دينار، أي بانخفاض مقداره 1.8 مليار دينار.
وأكد النسور ان الحكومة تقدمت بخطط اقتصادية عديدة أولها كانت في مطلع عهد البرلمان والحكومة وهو المنهج الاقتصادي لأربعة سنوات، ثم الرؤية العشرية لعشرة سنوات، ثم تقدمت الحكومة بخطة السنوات الثلاثة الأولى من الرؤية العشرية.
وحمّل النسور مسؤولية العجز لدعم المياه والكهرباء والمواد التموينية، حيث بيّن أن العجز عام عام 2012 كان 2.288 مليار دينار في حين من المتوقع ان يصل في عام 2016 الى 683 مليون دينار.
أما فيما يتعلق بارتفاع المديونية فأكد النسور أنها آتية من دعم دعم المياه والكهرباء والمواد التموينية من خبز وأعلاف، بالإضافة إلى فوائد الدين العام لأعوام 2013 و2014 و2015، وبلغ نحو 6.9 مليار دينار، الأمر الذي أدى إلى رفع صافي الدين العام لعام 2015 إلى 22.5 مليار دينار.
وطالب السنور النواب بطرح الثقة فيه اذا كانت هذه الارقام غير صحيحة، مشدداً على أن ارتفاع الدين العام أمراً حاصلاً ليس بسبب تفريط الحكومة انما بسبب دعم الأعلاف والخبز والكهرباء والفوائد الدين العام.
وفي ملف البطالة تذرّع النسور بأنها ترعب كل الدنيا وهي العنوان الاول للسلام الاجتماعي، مشيراً إلى أنها بلغت عام عام 2013 نسبة 12.6% وتنتظر الحكومة نتائج الاحصاءات التي ستخرج بعد اسبوعين كي نلاحظ الارقام.
واستبق النسور أرقام الإحصاءات قائلاً "اذا كنا نراوح انفسنا فنحن علينا نتذكر أن حدودنا مغلقة وهناك عشرات الالوف من فرص العمل اخذوها اخوتنا المقيمين في البلاد من اقطار شتى".
جدل التصويت
ودار جدل تحت القبة بين عدد من النواب ورئيس المجلس، حيث طالبوا بالتصويت على الموازنة عبر النظام الالكتروني وليس عبر رفع الأيدي، مؤكدين على وجود مذّكّرة وقّع عليها أكثر من 90 نائب يؤيدون التصويت الالكتروني.
إلا أن رئيس المجلس عاطف الطراونة أوضح أنه استلم تقريراً فنّياً من أمانة المجلس يفيد بتعطّل ثلثي أجهزة التصويت، كما استند على النظام الداخلي الذي يمنحه الحق باختيار آلية التصويت.