المجالي يدعو إلى حكومة إنقاذ وطني

المجالي يدعو إلى حكومة إنقاذ وطني
الرابط المختصر

أنتقد النائب عبد الهادي المجالي الغموض الذي أحاط جولات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وحذر المجالي خلال جلسة الأحد، التي خصصت لمناقشة جولة كيري وتداعياتها وأثارها على القضية الفلسطينية والأردن من إهدار الحقوق الفلسطينية.

المجال قال أن الخطة تفرض تهديد وجودي لفلسطين والأردن، داعياً إلى عدم التفريط بالحقوق أو قبول حلول مجزوءة تنتقص من حقوق حددتْها الشرعةُ الدوليةُ وقراراتها على رغم ما فيها من ظلم وإجحاف.

وتأسف المجالي لعدم تماسك الجبهة الداخلية، واصفاُ الحكومة بالضعيفة داعياً الى رحيلها لتحل محلها حكومة إنقاذ وطني.

النص الكامل للكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سعادةَ الرئيس، الزميلات والزملاء المحترمين

السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته..

نقفُ اليوم، في جلستِنا هذه، عندَ موقفٍ مفصليٍّ حساسٍ وخطر، لا يحتملُ المزاودةَ والصمتَ المفضي إلى الضياع، ومن يقول غيرَ ذلك، لا يقرأُ التطوراتِ والمآلات، ولا يمعنُ النظرَ في عناوينِ وتفاصيلِ ما يُتحدثُ عنه صراحةً أحيانا، وتلميحاً أحيانا أخرى، عرابُ السلام، وزيرُ خارجيةِ أميركا المنحازةِ دوماً وأبداً للصهيونيةِ وخططِها..

نقفُ اليوم، في ذهول، عند الغموضِ الذي يحيطُ عمليةَ السلام، ونسألْ: أهوَ غموضٌ مقصود؟ أم نتيجةُ الغيابِ عن التفاصيلِ بانتظارِ أمرِ التنفيذ..؟ غموضٌ يحيطُ ما يصرحُ به الإخوةُ في السلطةِ الوطنيةِ الفلسطينية، ويحيطُ ما تصرّحُ بهِ حكومتُنا المهتزّةُ المهزوزة.. ونسألْ: هل هناكَ قنواتُ مفاوضاتٍ سريةٍ موازيةٍ لتلكَ العلنية..؟ نسألُ ونحن نحسِبُ أنَّ وراءَ الأكمةِ أشياءٌ وأشياء..

فأميركا وإسرائيلُ تصممانِ خطتَهُما لفرضِ الحدودِ التي تريدانِها، وتريدانِ فرضَ الاعترافِ بـ"يهوديةِ الدولة"، ونعلمُ جميعاٌ الأبعادَ الخطرةَ لهذا الاعترافِ وتداعياتهِ الآنيةِ والآجلة، وتريدانِ توطيناً لمن لجأَ ونزح، وترتيباتٍ استيطانيةٍ وأمنيّةٍ تنتقصُ من سيادةِ الدولةِ المفترضة..

واشنطن تريدُ حلاً للصراع- جوهرِ صراعاتِ المنطقة- وترى في ضعفِ الأمةِ الماثلِ للعيانِ وانقسامِها وتشرذُمِها وضياعِها فرصَتَها السانحةَ للانقضاضِ على الحقوقِ بفرضِ رؤيةٍ أحادية.

هنا، أقولُ قولاً واحدا، أننا في مواجهةِ تهديدٍ وجوديٍّ لفسلطينِنا وأردنِّنا، يضعُنا جميعاً أمام مسؤولياتٍ تاريخية، والتاريخُ لا يرحم، والمسؤوليةُ التاريخيةُ على الفلسطينيِّ والأردنيِّ والعربي، ألا نُفرِّطَ بالحقوقِ أو نقبلَ حلولاً مجزوءةً تنتقصُ من حقوقٍ حددتْها الشِّرعةُ الدوليةُ وقراراتُها على رُغمِ ما فيها من ظلمٍ وإجحاف.

والمسؤوليةُ أن نكونَ عوناً لأهلِ فلسطين، ندعمهُمْ ولا نفرضُ عليهِمُ القبولَ بما لا يُقبل.. أو نجبرُهُم على التفريطِ بحدودِ 1967، والحقّينِ معاً (العودةُ والتعويض)، والقدسُ نريدُها عاصمةً لدولةٍ كاملةِ السيادةِ على أمنِها وحدودِها ومياهِها..

الزميلات والزملاء..

لا نعلم، على وجهِ الدقة، في أيِّ الزوايا تقبعُ الحقيقةُ بسببِ غيابِ الشفافيةِ والمكاشفة، ونخشى من النوايا غيرِ الوطنية.. وبِتنا نتابعُ شأنَنا، في الأردنِّ وفلسطين، ونقرأُ ما يدورُ بشأنِنا من وسائلِ إعلامٍ أميركيةٍ وإسرائيلية، تدسُّ السمَّ وتحرِّفُ وتؤلِّف، تسرِّبُ لجسِّ النبضِ وهزِّ البدن، وللأسف، ليس بينَنا من يفنِّدُها ويحفِّزُ الاطمئنانَ فينا وينتزعُ القلقَ والخشيةَ من ثنايانا.

نقفُ حيارى، قلقُنا على فلسطينَ لا يوازيهِ إلاّ قلقُنا على الأردن، قلقٌ يتضاعفُ يوماً بيوم، ونخشى أنَّ القادمَ أسوأ، يستجلبُ الأخطارَ ويفرضُ التحديات..

وأقول، بأسف، جبهتُنا الداخليةُ ليست على مايرام، فلا هيَ بالتماسكِ والصلابةِ التي تمكِّـنُنا من النفاذِ والإفلاتِ من دائرةِ الأخطار، لا اجتماعياً ولا سياسياً ولا اقتصاديا.. ونشعرُ أنَّ الأمورَ تائهةٌ مُتوِّهة، بلا سِياق..

وأعلمُ يقيناً أنَّ هذا القول، لن يُعجبَ البعض، وقد يستفِزَّه، لكننا أمامَ لحظةٍ تاريخيةٍ فارقةٍ لا تقبلُ أنصافَ الآراءِ ولا أنصافَ المواقف، بل الرأيَ كاملاً صادقاً صريحا، والمواقفَ كاملةً بلا تشوهاتٍ أو اختلالات.. وكما قلتُ من قبل، التاريخُ لا يرحمُ وليسَ مِنا من يقبلُ على نفسِهِ أن يصوغَهُ التاريخُ بين دفتيه، مفرطاً بفلسطينَ والأردن.

ولأنَّ الوقت، وقتُ الصراحة، وتثبيتِ المواقف، أجِدُنا اليومَ أكثرَ يقيناً أنَّ حكومَتَنا هذهِ من الضعفِ وانعدامِ الإمكاناتِ بما لا يجعَلُها قادرةً على التعامُلِ مع الاستحقاقاتِ وتحدياتٍ تفرضُها "خطةُ كيري" الغامضة..

حكومةٌ باتت عبئاً لا عونا.. متذاكية، متباكية.. يجبُ أن ترحلَ لتحُلَّ محلَّها حكومةُ إنقاذٍ وطني، أو سمُّوها ما شئتُم، لكن نريدُها حكومةً وطنيةً قادرةً ومقتدرة، تقومُ بما يمليهِ عليها الوطنُ ومصالحُه.

لنتفقْ جميعا، أنَّ أولويَّـتَـنا أن تُقامَ الدولةُ الفلسطينيةُ على الترابِ الوطنيِّ الفلسطيني، دولةً كاملةَ السيادةِ بكاملِ الحقوق.. تتحمَّلُ الأمتانِ العربيةُ والإسلاميةُ حيالَها المسؤوليات، لا أن تُلقي أحمالَها على هذهِ الدولةِ أو تلك.

الحذرَ الحذرَ.. مِنْ ضياعِ الحقوقِ والأوطان..

والسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه