الطراونة حول “صفقة القرن” .. ما يتم تداوله لا يبشر بالخير
قال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، إن ما سُمع عن صفقة القرن هو مجرد ما يثار في الإعلام ولم تبلغ الدولة الأردنية وأي دولة – حسب معرفته- بأن هناك صفقة.
وأوضح خلال حديثه لبرنامج “بلا قيود” على قناة “بي بي سي” مساء الأحد، أن “هناك موضوعا يثار في الإعلام الكل يترقب هذا الشيء ومن السابق لأوانه أن نقول أن هناك خيارات أم لا حسب ما هو مطروح على المملكة الأردنية أو على العالم الذي ينتظر هذه الصفقة سيقرر ماذا سيعمل”.
وأكد الطراونة أنه “ليس من المنطق أو الحكمة أن يتخذ الأردن قرارا قبل أن يعرف ما هي الصفقة وما هو المطروح وما هو مناسب وما هو غير مناسب، وبالتالي الكل يتحدث على صفقة افتراضية”، مشيرا إلى أن “رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يقول إن هناك صفقة بعد شهر أو خلال شهر 6، لكن ما هي مضامينها؟ وهل هي مقتصرة على القضية الفلسطينية؟ هل هي تخص منطقة الشرق الأوسط؟ هل هي تخص العالم؟”.
وشدد على أن الأمر سابق لأوانه أن تتخذ الدولة القرار الذي سترد عليه أثناء بروز أو ما يسمى صفقة القرن.
وأشار الطراونة إلى أنه “ما يسمع عن هذه الصفقة لا يبشر بالخير، وهناك مؤشرات خطيرة جدا حيث أعلنت الإدارة الأمريكية القدس عاصمة لدولة الاحتلال، كذلك فاز في الانتخابات الأخيرة اليمين واليمين المتطرف في اسرائيل وكلها هذه مؤشرات وانحياز واضح من راعي عملية السلام إلى الجانب الاسرائيلي”.
وتابع: “كل هذا لا يطمئن، وبالتالي الأردن وكأي دولة أخرى مهتمة أن تعرف النتائج الأخيرة التي يريدون أن يبرزوها للعالم”.
وجدد الطراونة التأكيد على أن “القضية الفلسطينية هي بالنسبة لنا في الأردن هي قضية وطنية مصيرية والكل يلتف حول القيادة وجلالة الملك والكل لا يقبل بأي حل ينتزع بطريقة أحادية الجانب”.
وأضاف: “نحن مطمئنون، على الأقل نستطيع أن نقول (لا ولا ولا) لأي حل لا يرضي الشعب الفلسطيني المتضرر الذي ينتظر طول هذه السنوات التي مضت وهو مشرد ببقاع العالم أن يعود إلى أرضه وإلى دولته وإلى الكيان الذي يفترض أن يساعده العالم الحر بأن يبني دولته عليه”.
* التغييرات في الديوان الملكي والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس
وحول التغييرات التي حصلت في الديوان الملكي وعلاقتها بصفقة القرن، قال الطراونة إنه “يجب أن لا نخلط الأوراق ببعضها، وما تم في الديوان الملكي هو ظاهرة صحيّة، ودائما هناك ترقب ومن ثم تقييم أداء الأجهزة وما هو مناسب لأي ظرف يتم اختيار الموظفين”.
وأردف قائلا: “لم يخرجوا من الملعب السياسي وإنما يتم نوع من تحريك لبعض الشخصيات السياسية الموجودة سواء من الديوان الملكي أو في الحكومة، هذا من جانب”.
أما الجانب الثاني والمتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، فقد أكد الطراونة أنها وصاية تاريخية وليست موضوع مساومة أو مقايضة مع أي طرف كان في العالم، مشددا على أن “الوصاية هاشمية ويحملها اليوم الملك عبدالله وهذا تاريخ وهو إرث وليس منّة أو بحلّ سياسي أو بصفقة مع أي دولة كانت”.
وتمنّى الطراونة من الشعوب العربية أو القيادات العربية أن تولي اهتمامها إلى القضية الجوهرية الأولى للعرب والمسلمين والأخوة المسيحيين، وهي القضية الفلسطينية.
وأضاف: “نعرف تبعات وارتدادات هذه القضية على أبناء منطقتنا بالشرق الأوسط، عندما يشعرون بالغُبن والانحياز التام للطرف المحتل سيدفع بهم إلى التطرف وإلى المزيد من التطرف والإرهاب”، مؤكدا أن هذا لا يخدم العالم ولا السلم العالمي، وتابع: “نحن دولة محبة للسلام وقعنا على اتفاقية سلام نحترم السلام لكن أيضا لن نتنازل عن حقوقنا ولن نقبل بأن يكون أي طرف أن يفاوض باسم الشعب الفلسطيني طالما أنها مصلحة ومصير للشعب الفلسطيني لتحقيق مصيره على أرضه المحتلة”.
* علاقة الأردن بالأقطار العربية والإقليمية
وأكد أن الأردن دولة وسطية معتدلة تحترم جميع العلاقات وما يربطها مع جميع الأقطار سواء العربية أو الإقليمية أو حتى العالمية.
واستطرد قائلا: “لدينا علاقات طيبة مع السعودية والإمارات والكويت وقطر وتركيا وحتى مع إيران”، مشددا على أن الأردن ليس خصما لأي طرف من هذه الأطراف وله ثوابت وطنية كبيرة جدا يرويها في كل المحافل.
وشدد على أن الأردن لن يتدخل بشؤون الغير ولن يجامل على أي تدخل ضد أي قطر عربي مهما كان.
وأضاف: “بالنسبة لنا الخليج هو عمقنا الاستراتيجي ونحن أيضا عمق له، أما بالنسبة للعراق وسوريا فنحن دول جوار ونحترم خصوصية هذه الدول واختيارها إلى قياداتها وحكمها ونتعامل معها كحكام وكجمهوريات مستقلة بما تفرز، ونتعامل مع قيادات ولا نتعامل مع كيانات سياسية محددة مفصولة عن جسم الدولة”.
وتابع: “الأردن ينطلق من منطلقه الوطني العروبي بأنه يتعامل مع القضية الفلسطينية وحتى الان بجميع المحافل الدولية، لم يبرز إلا جلالة الملك وهو القائد العربي المسلم الذي يدافع بكل محفل من محافل العالم عن القضية الفلسطينية وهذا محل فخر واعتزاز للشعب الأردني وأيضا للأردنيين كافة”.
أما بالنسبة للعلاقة مع تركيا، فأكد الطراونة أنها لم تنقطع في يوم من الأيام، وأن هناك مصالح تربط الدول وتحدد مسار العلاقات فيما بينها، مشددا على أن العلاقة دائما مبنية على الاحترام ما بين القيادتين وما بين الشعبين وأن “هناك اتفاقيات مبرمة ما بين الأردن وتركيا منذ زمن نحترمها وبما يخدم مصالحنا القُطرية بالتأكيد سندفع بهذا الاتجاه مهما كانت الظروف طالما لم يأتِ أي خطر من هذا القطر إلى أي قطر عربي شقيق”.
واستأنف قائلا: “لا ننكر أن المنطقة برمتها خضعت لاضطرابات كبيرة جدا وإلى موجات من الإرهاب والإرهابيين، وما قام به الأشقاء في العراق وسوريا محل تقدير واحترام لنا كأردنيين وكعرب في هذه المنطقة”.
وحول علاقة الأردن بسوريا، أشار إلى أن الأردن أول ما بدأ عملية خفض التصعيد على حدوده مع سوريا، وأضاف: “نحن نؤيد خفض التصعيد على أي حدود بما يخدم مصلحة السوري ويجنب الشعب ويلات هذه الحروب، لأنه قضى ما قضى سنوات طويلة جدا من موجات الإرهاب ومن ثم اليوم رجع بمنظور سواء لنا وللعالم بأن سوريا دولة متماسكة قيادة وشعبا وأرضا، ونحن مع وحدة هذه الأرض مع سلامة هذا الشعب، وأيضا لن ننكر دور الأردن حتى في هذه الأزمة بأن وقف مع أشقائه السوريين واستقبل موجات كبيرة جدا من اللاجئين على أرضنا ولم نتعامل معهم كلاجئين وإنما كمواطنين أردنيين على أرض أردنية”.
* لقاء كتلة الإصلاح النيابية بالملك
ورأى الطراونة أنه لا علاقة للقاء كتلة الإصلاح النيابية بجلالة الملك، بالتغييرات التي حصلت في الديوان الملكي الهاشمي والأجهزة الأمنية.
وأوضح أن جلالة الملك قابل 4 كتل نيابية وسيقابل باقي الكتل البرلمانية حسب ما هو متاح له من وقت.
وكشف الطراونة أن كتلة الإصلاح أبدت بعض الملاحظات خلال لقائها جلالة الملك، مؤكدا أن لقاءات الملك بالكتل النيابية دائما في ذهن جلالته؛ والقيادة الأردنية تستمع إلى آراء الكتل البرلمانية وتصوب بعض الأوضاع، مشددا أنه لا حرج في ذلك وليس لأنه هناك متغيرات في الإقليم، فهذا شأن داخلي، مستشهدا بالوزير الأسبق بشر الخصاونة الذي كان وزيرا ثم سفيرا ثم عاد إلى الديوان الملكي، مشيرا إلى أنه لم يخرج من الميدان ولم يخرج من الساحة وعاد ليتقلد هذا المنصب الرفيع وهو من صلب عمله، مشددا على أنه لا علاقة لهذه التغييرات بصفقة القرن أو أي شأن خارجي بل هو شأن داخلي لتجويد وتمكين العمل وتوحيد الصف الداخلي، “فنحن اليوم بأمس الحاجة لتمكين الجبهة الداخلية”، بحسب الطراونة.
* العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب
أما فيما يتعلق بالخلاف بين الحكومة والنواب حول موازنة الدولة، قال الطراونة إن “الموازنة تمر ضمن مرحلة دستورية يتناولها مجلس النواب، كما أن المجلس يضع برنامجا للحكومة ومن ثم برنامجا لقياس مدى الالتزام وانعكاس النمو الاقتصادي”.
واشار إلى أنه يحق لمجلس النواب كل ربع عام أن يقوم بمراجعة الحكومة بما نفذت وما تلكأت في تنفيذه ومن ثم فهي تحت رقابة مجلس النواب الدائمة.
وشدد الطراونة أن السلطات في الأردن يحكمها الدستور وهي محددة الصلاحيات بموجب الدستور الأردني، وقد يكون هناك بعض محطات الشدّ ما بين الحكومة والمجلس لكن ليس هناك حربا على الصلاحيات الموجودة لكل منهما، فكل يعرف صلاحياته بموجب الدستور الأردني ويعمل كمؤسسة من مؤسسات الدولة وليس كقطب معاديا للطرف الآخر.
* اتفاقية الغاز الاسرائيلي والمشاجرات تحت القبة
وفيما يتعلق بقضية الغاز الاسرائيلي التي ناقشها المجلس، أوضح الطراونة أنه “عندما توقع عريضة بعدد كبير جدا من النواب ولم تنفذ فيفترض أن يكون هناك مساءلة للحكومة لكن هذه الجلسة الرقابية أتت في أواخر أيام الدورة العادية لمجلس النواب، والدستور الأردني حدد عملية الرقابة وطرح الثقة فقط في الدورات العادية وهذا ما حال دون استمرار الشد في هذا الموضوع”.
وأشار الطراونة إلى أن مجلس النواب على أبواب دورة عادية قادمة، وبالتأكيد فإن المجلس يعي ويدرك مصلحة الدولة الأردنية وأيضا ما هو متاح له بموجب الدستور الأردني ولن يغفل عن هذه الإجراءات.
وحول المشاجرات التي تحصل ما بين النواب تحت القبة، قال الطراونة إن عملية التعبير اللفظي أو بالأيادي ليس تعبيرا ديمقراطيا سليما، منوها إلى أن البرلمان الأردني هو البرلمان العربي الوحيد الذي يبث جلساته على الهواء منذ الثانية الأولى لانعقاده، كما أن المشاجرات تحت القبة تحصل في العديد من برلمانات العالم وليس في الأردن فقط.