90 % من قرارات التوقيف الإداري غير صحيحة ولا تنسجم مع اتفاقيات حقوق الإنسان

الرابط المختصر

بيّن تقرير أعدته جمعية «عين على الديمقراطية» أن قانون منع الجرائم الأردني لسنة (1954 ) يعطي للحاكم الإداري صلاحيات مطلقة بموجب حكم عرفي لا يقبل الطعن في قراره ومن بينها التوقيف الإداري لمجرد ظروف تجلب الشبهة.

وقال حقوقيون وقانونيون في الجمعية في مؤتمر صحفي على أن التوقيف الإداري يضع قيودا على الحرية الشخصية ويناقض القانون والدستور، مشيرين إلى أن (90 % ) من قرارات التوقيف جائرة وغير صحيحة ولا تنسجم مع اتفاقيات حقوق الإنسان، ولا توفر المحاكمة العادلة للأفراد.

ولفتوا إلى الضرر الذي يلحق بالشخص الموقوف إداريا في حال اثبت القضاء براءته بعدم استطاعاته الحصول على أي تعويض جراء قيام الحاكم الإداري بتوقيفه بلا تهمة أو سند قانوني علاوة على ما يشكله من تعدي على قانون منع الجرائم الأردني وانتهاك للحريات التي كفلها الدستور والقانون وكل التشريعات الوضعية والسماوية.

وقالوا إن قانون منع الجرائم لعام( 1994 ) أتاح للحاكم الإداري صلاحية التوقيف حتى بدون فعل وليس بالضرورة أن يثبت أن من حضر امامة ارتكب فعلا سواء أكان مجرما أو غير مجرم إلى جانب حزمة من الإجراءات المخالفة للدستور والقانون كالإقامة الجبرية والتوقيع الصباحي والمسائي وربط المشتكى عليه بكفالة عدلية أو مالية تصل في أحيان كثيرة سقوفا مرتفعة تصل إلى( 500 ) ألف دينار في بعض الحالات.

مبينين أن قرارات التوقيف الإداري لا تخضع لحق الموقوف بالاستئناف أو الطعن أو التظلم أو توكيل محام فلا طعن بقرار الحاكم الإداري إلا أمام محكمة العدل العليا وهو ما وصفوه بغير الدستوري والقانوني ويتنافى مع التشريع لأنه لا عقوبة ولا جريمة بدون نص، لافتين الى أن هذه الحصانة لقرار الحاكم الإداري من الممكن أن تؤدي في حالات كثيرة إلى سوء استخدام السلطة على حد تعبيرهم.

وقال رئيس الجمعية قدري طبيشات إن القانون يخول للحكام الإداريين صلاحيات مطلقة بامتلاك السلطتين التنفيذية والقضائية في آن معا، موضحا أن التمسك بتطبيق القانون يفضي لنتائج وتداعيات على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وأضاف أن الإصلاح المنشود يتطلب إعادة النظر بهذا القانون، وإيجاد بديل يتواءم مع قواعد العدالة ونصوص الدستور، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وقال إن القانون الذي يجيز للحاكم الإداري توقيف الأشخاص حتى بدون تهمة أو فعل أو جرم منصوص يفتقر لأبسط قواعد العدالة الإنسانية كما انه يتناقض مع الدستور ومبادئ حقوق الإنسان والمحاكمات العادلة.

ولفت الى أن هذا القانون يعني امتلاك الحاكم الإداري السلطة المطلقة دون مساءلة لأنه بذلك يجمع امتلاك السلطتين القضائية والتنفيذية، لافتا الى أن هذا القانون صدر قبل إقرار الدستور وقبل الاستقلال وقبل ميثاق الأمم المتحدة وقبل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اللذين صادق الأردن عليهما.

ودعا جميع القوى ومنظمات المجتمع المدني العمل على تعديله بشكل يتناسب مع متطلبات المرحلة باعتباره بوابة من بوابات الديمقراطية والإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي والقضائي.

من جانبه قال المستشار القانوني المحامي عمر البصول إن قرار الحاكم الإداري لا يخضع للنظر فيه إلا لدى محكمة العدل العليا، الأمر الذي لا يمكن المتهمين الوصول إليها لما يترتب عليه من نفقات وإتعاب.

ودعا منظمات المجتمع المدني لتشكيل ضغط على الحكومة ومجلس النواب لتقديم مشروع قانون يحقق قدرا كبيرا من العدالة ، مشيرا الى أن حالات التوقيف الإداري عام( 2009 ) ارتفعت إلى (16050 )حالة بزيادة الفي حالة عما كانت عليه عام( 2008).

وأظهرت الإحصائيات الرسمية تذبذبا في أعداد حالات التوقيف الإداري في تلك الأعوام، حيث سجل العام( 2005 )إيقاف( 13127 ) حالة، بينما ارتفع العدد في العام( 2006 ) إلى( 20071 )حالة توقيف إداري، فيما لم تتمكن أي جهة حقوقية الحصول على عدد الموقوفين للأعوام( 2010 و2011.)

وشهد العام( 2007 )انخفاضا في أعداد الحالات بواقع (17399 )حالة توقيف إداري مقارنة بما سبقه، شهد أيضا العام 2008 انخفاضا بواقع( 14046 )حالة توقيف إداري، بيد أن الأعداد المسجلة عاودت للارتفاع عام( 2009) لتسجل( 16050 ) حالة توقيف إداري.

ولفت البصول إلى أن المتضرر من قرار الحاكم الإداري بالتوقيف ليس أمامه إلا محكمة العدل العليا والتي عادة ما توسم قرار الحاكم الإداري بالسيء دون رد الاعتبار للمتضرر بأي شكل، منوها الى أن إجراءات محكمة امن الدولة تحتاج وقت طويل حتى إثبات صحة القرار من عدمه وعندها يكون المتضرر قد استكمل مدة التوقيف ولم يعد اللجوء للمحكمة في مثل هذه الحالات بالمجدي.

وعرض محاور ورقة الإحاطة القانونية بالقانون الخاص بصلاحيات الحكام الإداريين رقم( 7 )لسنة( 1954 )وما رافقه من تداعيات وانعكاسات تتناقض مع أسس العدالة والحرية وتؤثر سلبا على السلم والأمن الاجتماعيين.

وقال الباحث القانوني المحامي علي بني سلامة إن القانون يتعارض مع تعريف القانون الذي اتفق عليه الفقهاء، إلى جانب تناقضه مع احد أهم أركان فلسفة القانون ومبادئ علم الاجتماع، فضلا عن تسببه في أضرار نفسية ومعنوية للموقوف في كثير من الأحيان.

ويذكر ان مشروع القانون المعدل لقانون منع الجرائم لسنة (2011 ) حدد صلاحيات الحاكم الإداري في حالتي القبض والتوقيف وألزمته بإصدار قرار خلال مدة لا تزيد على( 24 )ساعة من تاريخ إلقاء القبض على أي شخص.

وكانت اللجنة القانونية في مجلس النواب أنهت مناقشته ليحال إلى المجلس لإقراره، بهدف تعزيز وضمانة حقوق الإنسان والحريات الشخصية وعدم المساس بها وفقا لأحكام القانون، الا انه ولغاية لم يتم انجازه.

كما ألزم المشروع الحاكم الإداري بعدم جواز توقيف الشخص الذي يتخلف عن تقديم تعهد وفقا لأحكام القانون لمدة تزيد على( 15 )يوما غير قابلة للتجديد.