بلغ عدد الأطفال العاملين في الفئة العمرية 5 - 17 عاما 75982 طفلا، من بينهم 69661 تنطبق عليهم صفة عمل الأطفال المحظور قانونا، فيما يعمل 44917 أعمالا خطرة، بحسب نتائج المسح الوطني لعمل الأطفال في الأردن لعام 2016، الذي تم تنفيذه بالتعاون بين وزارة العمل ودائرة الإحصاءات العامة ومنظمة العمل الدولية.
وفي التفاصيل تشير نتائج المسح الى ان عدد الأطفال العاملين من الأردنيين يبلغ 60787، والسوريين 11098، إضافة الى 4096 من جنسيات أخرى، ويشكل الذكور نسبة 89 %، موضحا ان أبرز النشاطات الاقتصادية التي يعمل بها هؤلاء الأطفال هي تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات بنسبة 29 %، الزراعة والحراجة 28 %، "الصناعات التحويلية والانشاء والتشييد" 11 % لكل منهما.
وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال الذي يصادف في 12 حزيران (يونيو) من كل عام قال تقرير صدر لمركز بيت العمال للدراسات والأبحاث ان هذه الأرقام تشير إلى تضاعف عدد الأطفال العاملين بالمقارنة مع المسح السابق الذي أجري عام 2007 من قبل دائرة الإحصاءات العامة ومنظمة العمل الدولية والذي كان يشير إلى أن عدد الأطفال العاملين في المملكة كان يبلغ نحو 33190 طفلا أعمارهم بين 5-17 سنة، في وقت استقرت فيه نسبة الأطفال العاملين مقارنة بعدد السكان وجاءت متقاربة في المسحين.
ففي مسح 2007 بلغت النسبة 1.9%، فيما بلغت 1.89 في مسح 2016 الأمر الذي يشير إلى أن الزيادة في عدد الأطفال العاملين كان سببها الرئيسي الزيادة السكانية الكبيرة التي حصلت خلال هذه الفترة، إضافة إلى عامل اللجوء السوري إلى المملكة.
ويرجع التقرير سبب تفشي ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن إلى عدم كفاية دخل الأسرة لتغطية احتياجاتها والتسرب المدرسي إما لغياب المتابعة من قبل المدارس والأهل للطلاب وسلوكهم وتحصيلهم الدراسي أو للعنف المدرسي وعدم ملاءمة البيئة التعليمية، إضافة إلى الأسباب الاجتماعية كالتفكك الأسري وكبر حجم العائلة وتواضع المستوى الثقافي للأسرة.
وأوصى التقرير بضرورة اعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي عززت التفاوت الاجتماعي وأدت الى زيادة معدلات الفقر، وضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين، للحؤول دون اضطرارهم لدفع أطفالهم الى سوق العمل لمساعدة اسرهم في تغطية نفقاتهم الأساسية، وتطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم.
المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية عزا في بيان له امس ارتفاع معدلات عمالة الأطفال في الأردن الى طبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي
ووجود مئات آلاف اللاجئين السوريين في المملكة حيث تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية.
وأشار بهذا الخصوص الى المؤشرات الرسمية التي تفيد أن نسبة الفقر في الأردن ارتفعت من 13.3 % عام 2008 الى 14.4 % عام 2010، واقترابها من 20 % في عام 2014، عدا عن زيادة أعداد "الفقراء العابرين" الذين عاشوا الفقر ثلاثة أشهر على الأقل في السنة، والتي تشير أرقام البنك الدولي الحديثة الى أن نسبتهم تقارب 18.6 % من المجتمع، وهو ما يضطر الأسر الفقيرة الى الدفع بأبنائها الأطفال الى سوق العمل.
وأكد المرصد أن اللجوء السوري أدى الى زيادة عمالة الاطفال في الأردن بسبب ضعف الخدمات الأساسية التي تقدمها المنظمات الدولية ذات العلاقة بإغاثة اللاجئين، وكون هذه المساعدات لا تكفي، الأمر الذي يدفع هذه الأسر الى تشجيع أطفالها للانخراط بسوق العمل.
وعلق مركز تمكين للدعم والمساندة في ورقة موقف صدرت عنه امس على عمل الأطفال السوريين بالتأكيد على أن مشكلة اللجوء السوري وانخراطهم المنظم في سوق العمل غير الرسمي فاقم من مشكلة عمل الأطفال في الأردن.
وتقدر نسبة العمالة السورية من الأطفال من مجموع عمالة الأطفال في الأردن وفقا للعديد من التصريحات الحكومية بـ 70%، مؤكدة أن هناك 60 ألفا من الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن دخلوا سوق العمل، وهناك قلق من ارتفاع أعدادهم.
وقال تمكين "يتزايد عمل الأطفال السوريين بالقبول بالعمل بسبب الفقر المدقع، وغياب الأمان الاجتماعي الذي يتعلق بالجانب المالي لعائلاتهم؛ حيث أن العديد من العائلات غادروا بلادهم دون أمتعة أو نقود، ما جعلهم مضطرين لإخراج أطفالهم من المدارس لمساعدتهم في العمل لدفع ايجار منازلهم وتلبية احتياجاتهم اليومية.
ورغم أن قانون العمل الأردني يفرض غرامات على كل صاحب عمل يقوم بتشغيل الأطفال، إلا أن العديد من أصحاب العمل لا يأبهون للملاحقة القضائية والغرامات، خاصة أن الغرامة لا تتجاوز 500 دينار، ولا تشكل رادعا بالنسبة لبعض أصحاب العمل، بحسب (تمكين).
ويعمل الأطفال السوريون في مختلف المهن خاصة في المحلات التجارية، والمطاعم، والمخابز، ومحلات الحلويات، ومواقع البناء، والمزارع، والمصانع، والمنازل، ولهذه الأعمال مخاطر عدة خاصة أن الأطفال يواجهون بيئة عمل غير آمنة وفيها مخاطر، خاصة أثناء العمل في الليل.
ويقول (تمكين) ان بعض الأطفال العاملين يتعرضون لشبهة الاتجار والاستغلال الجنسي، مشيرا الى وجود العديد من الأدلة على استغلال الأطفال بشكل متكرر ومن ضمن ذلك العمل لساعات طويلة للغاية، إضافة إلى تدني أجورهم أو عدم تسلمها على الإطلاق، أو العمل تحت تهديد العنف، أو سوء المعاملة من أصحاب العمل.
من هذا المنطلق يوصي مركز تمكين للدعم والمساندة بزيادة قيمة الغرامات على مشغلي الأطفال، واتخاذ معايير أكثر صرامة مع أصحاب العمل المخالفين في خطوة قد تمثل رادعا مناسبا للحد من توظيف الأطفال بالمقام الأول، أو تحسين ظروف العمل التي يعملون بها في الوقت الحالي على أقل تقدير.