“شرابيش”.. مشروع “منزلي” بالرمثا رأسماله صنارة صوف (صور)
قررت بلقيس ومريم وشيماء وأمل وعبير، أن يخلقن لأنفسهن فرصة عمل يحققن من خلالها كيانهن المستقل، دون الحاجة لانتظار وظيفة بعيدة المنال، وسط ارتفاع ملحوظ في أرقام البطالة بالمملكة.
لكن الإمكانيات المحدودة، دفعت بهن إلى التفكير بمشروع لا يرتب عليهن أية تكاليف، ولا حتى مكان خاص يضطررن من خلاله لدفع أجور لا يقوين على تأمينها.
المنزل المكان، وصنارة الصوف هي سبيلهن لتحقيق الدخل، الذي يمكن من خلاله تأمين احتياجاتهن وأسرهن، فجاءت الفكرة لبلقيس، وقررت إشراك صديقاتهن في مشروع منزلي قائم على حياكة الصوف باستخدام الصنارة لإنتاج قطع صوفية ذات ألوان وتصاميم جذابة، أطلقن عليه “شرابيش”.
يخصص جزء من المشروع لتدريب وتعليم سيدات من المجتمع المحلي، مع التركيز على الفتيات غير القادرات على العمل، وإكسابهن خبرة ومهنة قد تكون لهن يوماً ركيزة ودخل.
ولكون المشروع منزلي، زار مراسل الأناضول مؤسسته بلقيس الأعرج في مدينة الرمثا شمال البلاد، واستمع إلى فكرته وآلية العمل ودوافع تأسيسه.
أما بخصوص التسمية، فقد بينت الأعرج بأن “شرابيش” هي دائما مرتبطة بالخيطان، وانطلاقا من ذلك تم تسميته بهذا الاسم لأن أدوات العمل هي الخيطان والصنارة.
وتابعت: “تعلمت من والدتي مهارات العمل الأساسية، ومنذ ستة أعوام قررت الانطلاق بمشروعي الخاص، الذي أصبح فيما بعد مصدر نقل المهارات للعديد من السيدات الراغبات بذلك”.
“تلقيت دورات إدارة مشاريع ونميت مهاراتي، وأنشأت وعدد من الفتيات صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لنعلن فيه عن مشروعنا ومنتجاتنا”.
ومضت: “بالفعل، بدأنا بتلقي الكثير من الطلبات وبدأنا ننتج بناء عليها، بحيث أمرر لزميلاتي طبيعة المطلوب لإنتاجه في منازلهن”.
ولفتت الأعرج أنه “ربما ينظر البعض إلى أن ما نقوم به أمر عادي، باعتبار أنها صنعة قديمة لأمهاتنا، لكن ما يميزنا أننا أدخلنا التطورات العصرية على تصاميمنا، بحيث تواكب متطلبات العصر والموضة”.
“جائحة كورونا طالت جميع القطاعات، حتى المنزلية منها وتراجعت الطلبات بنسبة 50 بالمئة بسبب كورونا، لكن الإقبال على المنتجات عاد إلى وضعه الطبيعي مع بداية العام الجاري”.
وتتنوع المنتجات بين الملبوسات والاكسسوارات، “وهي بمتناول الجميع، وتتراوح أسعارها ما بين دينار أردني (1.4 دولار) و 40 دينار (56 دولار)”.
بلقيس التي لم تكمل عامها الرابع والعشرين، اختارت أن تصنع من نفسها وزميلاتها أنموذجا يحتذى به بالعزيمة والإصرار، فقد باتت سيدة منتجة، وفي ذات الوقت تكمل دراستها الجامعية.
يصف أحمد شتيات، مدير جمعية تحفيز للريادة والتطوير (تتبع لوزارة التنمية الاجتماعية)، في حديثه للأناضول، “أن بلقيس عنوان حقيقي للنجاح، فهي لم تنتظر دعما من أحد، واختارت أن ترسم خارطة مستقبلها بيدها، دون أن تنتظر فرصة عمل ربما لن تأتي”.
وأكد “صنارة وكبة (كرة) صوف هي رأسمالها، إلا أن المنتج مميز، ويؤكد أن قلة الإمكانيات لن تقف أمام طريق التميز والإبداع”.
ونوه شتيات “لدينا بالأردن الكثير من الفتيات الراغبات بالإنتاج، لكنهن يحتجن إلى دعم تلك الأفكار؛ لتحقيق مشاريع بسيطة تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني”.
بلغت نسبة البطالة في الأردن العام الماضي 23.9 بالمئة، حيث سجلت لدى الذكور 21.2 بالمئة، مقابل 33.6 بالمئة للإناث.