ورقة بحثية:العداء لإسرائيل بالأردن سجلّ رقمًا قياسيًا
في ورقةٍ بحثيّةٍ جديدةٍ أصدرها مركز الدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب (بيغن-السادات)، أكّدت أنّه على الرغم من مرور 25 عامًا على توقيع اتفاق السلام الرسميّ بين المملكة الهاشميّة وكيان الاحتلال، ينظر الكثيرون في الأردن إلى إسرائيل كدولةٍ معاديةٍ، مُوضحةً في الوقت عينه أنّ هذه لعبة مزدوجة لأنّ العداء العلنيّ لإسرائيل هو وسيلة للنظام الحاكم في عمّان للحفاظ على شعبيته، بينما وراء الكواليس يحتفظ بعلاقاتٍ وثيقةٍ مع إسرائيل، على حدّ قول الورقة البحثيّة الجديدة.
وقال مُعّد الورقة، المُستشرِق الإسرائيليّ د. إيدي كوهين، المُقرّب من وزارة خارجيّة تل أبيب، قال إنّه في بيانٍ غيرُ عاديٍّ وشائن للغاية، دعا عضو البرلمان الأردنيّ طارق خوري المواطنين الأردنيين إلى تفجير خطوط أنابيب يفترض أنْ تُوفّر الغاز الطبيعيّ للأردن من إسرائيل.
وتابعت الورقة حسب صحيفة الرأي اليوم : هذا ما قاله خوري، أحد أفراد الطائفة المسيحيّة، في بداية الشهر: “أريد أنْ أقترح شيئًا على جميع الأعضاء: التوقيع على “سجل الشرف”، كلّ شخصٍ حر في التضحية بحياته وحياة أطفاله من أجل تفجير أيّ إسرائيليٍّ، وسنقوم بتوقيع وثيقة الشرف هذه، حتى لا نسمح لخط أنابيب الغاز هذا أنْ يمر بوصة واحدة عبر التراب الأردنيّ، على حدّ قول خوري.
ولفت د. كوهين، وهو مُقرّب جدًا من كبار مسؤولي خارجيّة كيان الاحتلال، لفت إلى أنّ الكثيرين في الأردن يُعارِضون صفقة الغاز مع إسرائيل، لكن هذه المرّة وصل العدد إلى رقمٍ قياسيٍّ جديدٍ، مُشيرًا إلى أنّ المفاوضات بدأت في العام 2011 وتمّ توقيعها في عام 2016 بوساطةٍ أمريكيّةٍ بعد عدّة تأجيلات، وشدّدّ د. كوهين على أنّ الاتفاقيّة ستُمكِّن من نقل الغاز الطبيعيّ من خزان ليفياثان الإسرائيليّ إلى شركة الكهرباء الأردنيّة، ويبلغ نطاق الصفقة 10 مليارات دولار لمدة 15 عامًا، وتمّ تحديد تاريخ بدء توريد الغاز إلى الأردن في بداية عام 2020، كما أكّد المُستشرِق الإسرائيليّ.
وأردف: على طول الطريق، تمّ قبول الاتفاق من قبل العديد من أعضاء البرلمان وأجزاء كبيرة من الشعب الأردني، ونظمت في الأردن عشرات المظاهرات التي طالبت بإلغاء الاتفاقية، ودعوتهم إلى عدم التعامل مع “العدو الصهيوني”، مُوضحًا: يشعر الكثير من الأردنيين بالاستياء من حقيقة أنّ الاتفاقية مكتوبة باللغة الإنجليزية، خلافًا للقانون الأردنيّ، وأنّ العملات المنصوص عليها في العقد هي الشيكل والدولار فقط، وليس الدينار الأردنيّ، وفي كانون الأوّل (ديسمبر) من العام 2014، صوّت معظم أعضاء البرلمان الأردنيّ على مشروع قرار اقترحوا فيه على الحكومة الأردنيّة إلغاء الصفقة.
ولفت المُستشرِق إلى أنّ المتحدث باسم مجلس النواب في البرلمان صرحّ مؤخرًا بأنّ جميع طبقات المجتمع في الأردن وأعضاء البرلمان يُعارِضون الاتفاقية الموقعة مع “الكيان الصهيونيّ” ويطالبون بإلغائها بأيّ ثمنٍ، حتى أنّ بعض أعضاء البرلمان طالبوا بأنْ يُطلَب من الحكومة توقيع الاتفاقية مع إسرائيل دون موافقة البرلمان.
ورأى المُستشرِق الإسرائيليّ أنّه على الرغم من معاهدة السلام وتبادل العديد من السفراء، يعتبر الكثيرون في الأردن إسرائيل كدولةٍ معاديةٍ، ولكن هذه لعبة مزدوجة: العداء العام لإسرائيل هو وسيلة للنظام للحفاظ على شعبيته، ولكن وراء الكواليس يتم الحفاظ على علاقاتٍ جيّدةٍ، سواء لإرضاء إدارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، ولضمان إمدادات المياه وغيرها من الأشياء التي يتم إسكاتها، على حدّ تعبيره.
وهكذا، ساق المُستشرِق د. كوهين، على الرغم من الخطاب، تتصرّف الحكومة الأردنيّة بعقلانيةٍ ولا تتسرّع في الإدلاء بتصريحاتٍ من شأنها أنْ تؤدّي إلى إلغاء الاتفاق الضروريّ للغاية لتلبية احتياجات المملكة، ووفقًا للعقد، فإنّ إلغاء الصفقة يتطلب أيضًا من المملكة الهاشمية دفع غرامة قدرها 1.5 مليار دولار، مُضيفًا في الوقت نفسه: لم يُعلِّق الملك الأردنيّ على الموضوع، وفي نهاية نيسان (أبريل) الماضي، ذكرت وسائل الإعلام الأردنيّة أنّ الملك عبد الله قد تلقى تقريرًا يُحلِّل صفقة الغاز مع إسرائيل، وستكون الآثار المترتبة على ذلك هي استمرار أوْ تجميد الاتفاقية.
واختتم المُستشرِق ورقته البحثيّة بالقول: تمُرّ العلاقات بين إسرائيل والأردن بفترةٍ حساسّةٍ ليس فقط بسبب صفقة الغاز، ولكن أيضًا بسبب قرار الأردن المؤرخ في 28 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2018 بالتوقف عن تأجير منطقة “لا سلام” لدولة إسرائيل، أيْ باقورة والغمر، وليس من الواضح ما إذا كان الأردن سيبدأ خلال عام أوْ نحو ذلك بتطبيق السيادة الكاملة على هذه المناطق، أوْ ما إذا كانت ستعقد مفاوضات لحلّ المشكلة. ليس من غير المعقول أنْ يتم ضمان ذلك لأنّ الموضوعين: اتفاقيّة الغاز والتأجير مُرتبطان الواحد بالآخر، على حدّ تعبير المُستشرِق.