هل تعزز وفاة إبراهيم رئيسي المفاجئة من ديناميكيات الصراع المستقبلي على السلطة في إيران؟
ماذا حدث؟
أعلنت إيران يوم الاثنين الموافق 20 مايو 2024، عن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي (63 عام) إلى جانب وزير الخارجية حسين عبد اللهيان (60 عام)، في حادث تحطم طائرة مروحية في مدينة جلفا، على بعد 600 كيلومتر عن العاصمة طهران، أثناء عودتهم من أذربيجان، كما توفي في الحادث مسؤولين كبار وهم محمد علي آل هاشم ممثل المرشد في محافظة أذربيجان الشرقية (62 عام)، ومالك رحمتي محافظ أذربيجان الشرقية (42 عام).
نظرة عن كثب:
جاءت الوفاة المفاجئة لاثنين من كبار القيادات العليا في إيران وهم الرئيس ووزير الخارجية، في وقت يشكل تحدياً بالنسبة لإيران، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة حيث سجل التضخم نسبة غير مسبوقة تجاوزت 52%، بالإضافة إلى توترات جيوسياسية شديدة أنتجتها الحرب في قطاع غزة، والاشتباك المتواصل ما بين المحور الذي تقوده إيران ويضم حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والفصائل المسلحة في العراق وسوريا من جهة، وكل من إسرائيل والولايات المتحدة من جهة أُخرى، وأيضاً في ظل حالة داخلية غير مستقرة.
مع ذلك، لا يعتقد أن تتسبب وفاة رئيسي في اضطرابات واسعة في البلاد، فحتى قبل التيقن من الوفاة، أكد المرشد علي خامنئي للإيرانيين "أنه لا ينبغي لهم أن يخافوا من أي اضطرابات في إدارة الدولة"، وذلك لأن قوة الدولة وتماسكها لا تتركز في منصب الرئيس، بقدر ما تنحصر بيد المرشد الأعلى الذي له سلطة اتخاذ القرارات في السياسات الداخلية والخارجية. وبموجب الدستور انتقلت السلطة إلى نائب الرئيس محمد مخبر (68 عاماً)، وستجرى انتخابات رئاسية في غضون 50 يوماً، فيما عُين علي باقري (57 عام) وزير للخارجية بالوكالة.
نقطة انعطاف!
تُشكل وفاة إبراهيم رئيسي تحدياً لمحاولات المرشد علي خامنئي إعادة تعريف النظام الإيراني وتقليل حدة الصراعات والاحتكاكات الداخلية، إذ تعتبر فترة رئيسي في الحكم، الأكثر استقراراً في العلاقة ما بين قطبي الحُكم (المرشد والرئيس) منذ العام 1989، حيث شهدت الرئاسات السابقة خلافات علنية وعميقة بين السلطتين منذ هاشمي رفسنجاني، ومحمد خاتمي، وأحمدي نجاد، وحتى حسن روحاني، حيث جاء كل منهم بتوجهات مختلفة إما إصلاحية أو معتدلة أو محافظة، فيما قاد رئيسي المشهد بتوافق تام مع توجهات المرشد المتشددة، وقد تعزز ذلك الاتجاه مع فوز المتشددين في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة في مارس 2024، إلا أن هذه الوحدة والانسجام داخل مؤسسات الدولة باتت مهددة بعد وفاة رئيسي، خاصة في حال جاءت الانتخابات الرئاسية القادمة برئيس من المعتدلين أو حتى المحافظين الذين يتناقض اتجاههم وأولوياتهم السياسية مع المرشد.
بالإضافة إلى أن إبراهيم رئيسي كان واحد من المرشحين المحتملين لخلافة المرشد، فهو قبل كل شيء رجل دين، ومن التيارات الأكثر ولاءً للمرشد، وتدرج داخل الدولة حتى حاز ثقة المرشد والناخبين بالرئاسة، ومُقرب من الحرس الثوري الإيراني، وبوفاته فإن باب التكهنات يُفتح من جديد حول شخصية المرشد القادم، وقد تتفاقم خطورة هذا الجدل في ظل تراجع صحة المرشد علي خامنئي وتقدمه في العمر، ومع سيناريو وفاته أثناء الفترة الانتقالية فقد تواجه البلاد مخاطر واسعة من الاضطرابات السياسية والصراعات ما بين التيارات المختلفة، لا سيما داخل التيار المتشدد نفسه.
كما أن الحادثة تطرح تساؤلات عدة مع بدء التحقيق فيها، والذي يرجح أن تكون نتائجه عرضة للتأويل والتشكيك، فصحيح أن الطقس قد يشكل عاملاً حاسماً في سقوط الطائرة المروحية، بالإضافة إلى تكرار حوادث الطيران في إيران، إلا أن موقع الحادثة وما اتسمت به من غموض وصعوبة العثور على حطام الطائرة لمدة قاربت الـ 14 ساعة، يُثير التكهنات داخل إيران حول اعتباره عملاً مدبراً أو عملية استهداف.