هل تساهم استراتيجية "عدالة الأحداث" في تقليل معدل الجرائم؟

الرابط المختصر

مع ازدياد نسب الجرائم المرتكبة من قبل الأحداث في المملكة وفق التقارير الرسمية، يعتبر خبراء في مجال حقوق الطفل أن إقرار الحكومة للاستراتيجية الوطنية لعدالة الأحداث للأعوام الخمسة القادمة يأتي في الوقت المناسب، للتقليل من نسب الجرائم وتعزيز الحماية والرعاية للأحداث المحتاجين، وسط تخوفات حقيقية من عدم تفعيلها واعتراضها للعديد من التحديات التي تحول دون تنفيذها بشكل فعال.

من بين هذه التحديات عدم توفر برامج نوعية فعالة تساهم في اعادة تاهيل الاحداث ودمجهم  في المجتمع، وتأثير العوامل الاجتماعية  مثل البطالة والفقر، وقصور في  أداء العديد من الجهات المعنية والمؤسسات التعليمية، بالاضافة الى ذلك، عدم وجود قاعدة بيانات وطنية موحدة لمعرفة تأثير التغيرات على الأحداث  وفهم سلوكياتهم التي جعلته يمارس أفعالا خارج الإطار القانوني، بحسب خبراء.

خلال العام الماضي 2030، ارتفع عدد الجرائم التي ارتكبتها الأحداث في المملكة، وفقا لإدارة المعلومات الجنائية التابعة لمديرية الأمن العام، هذه الجرائم تشمل الجرائم المالية بنسبة 1415 جريمة، الجرائم المتعلقة بالأخلاق والآداب العامة بنسبة 215 جريمة، والجنايات والجنح ضد الإنسانية بنسبة 187 جريمة.

خبير في مجال حماية الأطفال والأسرة الدكتور سيد عادل الرطروط يشير إلى أن الهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجية هو تقليل نسبة جرائم الأحداث في المجتمع، نتيجة  لزيادة أعدادهم خلال السنوات الماضية، وتأثير العوامل الاجتماعية على سلوكياتهم.

ويوضح الرطروط ان هذا الهدف يتطلب تكثيف الجهود والتعاون المشترك من أجل تحقيقه والتعامل الفعال مع قضايا الأحداث وزيادة كفاءة الإجراءات المتخذة لضمان تطبيقها بشكل عادل ومتكامل.

 

محاور الإستراتيجية

 

من أبرز المبادئ الأساسية  لهذه الاستراتيجية هي استبدال العقوبات السجنية بالإجراءات غير السالبة للحرية، والتي تتضمن مجموعة من البرامج والانشطة المصممة للاحداث بدلا من تقديمهم للمحاكمات القضائية، بحيث تكون ضمن برامج اجتماعية بدلا من ادخالهم الاحداث الى مراكز الاصلاح الاجتماعي.

هذا الأمر بحسب الخبير الرطروط  يعمل على اعادة تأهيل الاحداث ودمجهم في المجتمع، وتهدف ايضا الى تعديل سلوكهم،  والمساهمة في تقليل نسبة الجرائم ، وخفض أعداد الأحداث في داخل السجون

من بين التطورات القانونية التي تعكس هذا النهج، قامت الحكومة بإدراج الخدمة المجتمعية كخيار عقوبة بديلة في تعديل قانون العقوبات رقم (27) لسنة 2017. هذه الخطوة تأتي بموجب الأصول الدستورية والتشريعية.

ويعتبر الرطروط ان هدف تعديل العقوبات البديلة غير الحرمانية للحريات هو تحقيق إصلاح فعال، يهدف إلى تحسين سلوك الأحداث ومنعهم من التعرض للحرمان من التعليم أو العزلة الاجتماعية أو الوصم، كما يهدف أيضا إلى تقليل نسبة الإجرام والمساهمة في إلغاء العقوبات السجنية.

لضمان نجاح هذه الاستراتيجية، يجب أن تكون الإجراءات شاملة وأن تشترك مختلف الجهات في تنفيذها، وإجراء دراسات حالة لتقييم أداء هذه الاستراتيجية وتحديد أسباب انحراف الأحداث،  والعمل على تقليل ما يسمى بالعود الجرمي ، بالإضافة إلى إعادة إدماج الأحداث في المجتمع ومعالجة التوترات والاضطرابات في أسرهم.

السبب الرئيسي وراء انحراف الأحداث يمكن أن يكون نتيجة لانشغال الأهل عن مراقبة أبنائهم، أو عدم قدرتهم على تقديم الرعاية الأبوية الكافية، بالإضافة إلى وجود مشاكل أسرية مثل الطلاق وتفكك الأسرة.

 

 دور شؤون الأسرة

 

ولتقليل من جرائم الأحداث، أقرت الحكومة الاستراتيجية الوطنية لعدالة الأحداث للأعوام، (2024 - 2028)، بحيث يكون الدور للمجلس الوطني لشؤون الأسرة بتعميم هذه الاستراتيجية من خلال توجيه الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية، ذات الاختصاص لتنفيذ بنودها ضمن خطط العمل التنفيذية لديها.

وتأتي الاستراتيجية لضمان عدالة إجراءات التحقيق والمحاكمة لهذه الفئة، وزيادة فاعلية تأهيلهم وفقا للممارسات الدولية الفضلى، وشمول الأحداث المحتاجين للحماية والرعاية، وتحسين الإجراءات المقدمة لهم.

مديرة مديرية التطوير التشريعي في  المجلس الوطني لشؤون الأسرة نائلة الصرايرة، توضح أن هذه الاستراتيجية تم وضعها بعد استكمال الإطار الزمني للاستراتيجية السابقة، والتي تم اعدادها بالتعاون مع العديد من الجهات المعنية بشؤون الأحداث والقضاء، وتعتبر مرجعا لجميع الأشخاص العاملين في هذا المجال.

وتوضح الصرايرة أن الاستراتيجية تهدف  لتعزيز عدالة الأحداث وإعادة اندماجهم في المجتمع، والجديد بهذه الاستراتيجية هي شمول الأحداث المحتاجين للرعاية والحماية، وليس فقط الأحداث الذين لديهم نزاع مع القانون، وتشمل كل حدث يعاني من  تفكك اسري، أو يكون متسولا، أو من عمالة الأطفال.

بالإضافة إلى ذلك، يلعب المجلس دورا في تنسيق وتواصل كافة الأطراف المعنية بهذه القضية، بهدف تقليل معدلات جرائم الأطفال، تتضمن المحاور الرئيسية الوقاية والتوعية، والتشريعات الناظمة، وتقديم الخدمات، وتعزيز الموارد البشرية وتدريبها.

هذه الاستراتيجية تستند إلى قانون الأحداث الذي تم إصداره في عام 2014، والذي يتضمن جميع المعايير الدولية التي تخدم مصلحة الأحداث بما في ذلك تسريع إجراءات التحقيق مع الأحداث.

ويلعب المجلس الوطني لشؤون الأسرة دورا مهما في توجيه الدراسات والاستراتيجيات وخطط العمل، ويعمل بشكل تعاوني مع مختلف الجهات المعنية مثل مديرية الأمن العام وإدارة حماية الأسرة والأحداث في المجلس القضائي. يهدف هذا التعاون إلى توحيد منهجية إدارة حالات الأحداث وضمان تفعيلها بالشكل الأمثل، بالإضافة إلى توفير المراقبة والتدريب والموارد البشرية الإضافية لتحقيق هذه الأهداف.