هل التقط الرزاز الرسالة؟… فوضى التصاريح و«المحسوبية» أغضبت القصر والجيش

الرابط المختصر

يختصر وزير العمل الأردني نضال بطاينة المسافة على نفسه والحكومة وهو يرد على استفسار بعنوان «هل يجوز التعديل الوزاري أثناء تفعيل قانون الدفاع؟» بتغريدة إلكترونية يعترض فيها على «الشائعات».

الوزير أبلغ الرأي العام بعد عاصفة تسريبات طالته شخصياً طوال ال24 ساعة الماضية بأنه «ماضٍ» في مهمته كرئيس للجنة «الاستمرارية الوزارية» هو وزملاؤه بصرف النظر عن الشائعات معتبراً أن الشعب الأردني «واع» والتجريح الشخصي والمهني لن يؤثر على الواجبات.

عملياً لو تمتع بقدر من الخبرة والخلفية السياسية لما تنطح بدون وقبل غيره للرد على تسريبات المنصات الاجتماعية التي اشتعلت تماماً طوال 24 ساعة بعدما أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير أمجد العضايلة عن تحقيق سيجري مع كل من يحمل «تصريحاً غير شرعي» في توقيت حظر التجول.

طوال أيام أزمة فيروس كورونا وجه الرأي العام ومعه النخبة التجارية اتهاماً سياسياً لوزيرين في الحكومة على الأقل بينهما الوزير بطاينة بعنوان التسرع والاستعراض وتلبيس الحكومة «تجارب أخفقت». عملياً لم توجه أي جهة اتهاماً لأي وزير أو مسؤول بالتقصير.

يعني ذلك أن تغريدة الوزير بطاينة ترد فعلاً على ما وصفه بشائعات في توقيت تحدثت فيه أوساط الإعلام عن تدخل لرئيس الأركان اللواء يوسف حنيطي في مسألة «التوسع في إصدار تصاريح التنقل» وعن «اعتقال» شخص قيل إنه «تاجر» في تلك التصاريح.

عموماً تبقى تلك مجرد تسريبات وشائعات فعلاً ما لم ترد في «محاضر رسمية أو قضائية». لكن الثابت الأساسي هو الإجماع على حصول «فوضى إصدار تصاريح» ووجود شكاوى بالجملة خصوصاً في القطاع التجاري من «محسوبية» في السياق ومع طبقة الأعمال وحتى المزارعين، الأمر الذي يجعل وزراء خلية الأزمة وليس الوزارات حصرياً مسؤولة بيروقراطياً وأدبياً عن تلك الفوضى في الحد الأدنى.

واضح تماماً أنها «فوضى» تثير غضب المستوى السيادي ومن الصعب إنكارها بدليل أن الحكومة أعلنت وقف العمل بكل التصاريح الورقية والانتقال لنافذة إلكترونية مؤسسية تتعامل مع المسألة تجنباً لإرباك الأمن وقوات الجيش في الميدان بعد ظهور تزاحم وتنافس ومؤشرات إضطراب. وهي مؤشرات تقع أدبياً في مسؤولية الوزير المختص بالاستمرارية وهو وزير العمل في الحكومة بدون أن تعفي طبعاً وأدبياً أيضاً بقية افراد الطاقم الوزاري.

في سوق المنصات والصحافة ثمة أحاديث كثيرة لا تتبناها الحكومة لكنها لا تنفيها ولا تعلق عليها بخصوص «متاجرة بالتصاريح» و»محاباة» لبعض رجال الأعمال على حساب غيرهم وتوسع غير مبرر أمنياً في توزيع التصاريح. عملياً تلك أيضاً مسألة أصبح من المستحيل إنكارها لأن الجيش والمؤسسات الأمنية بالميدان ولأن الجهد الذي تبذله وزارة الصحة كبير وعميق واستثنائي وتحقق عبره «تقدماً ملموساً» لا يمكن إنكاره في الحد من انتشار وتوسع الفيروس.

الأهم هو المشهد المرجعي «الملكي» في المسألة كدليل لا يقبل التشكيك على حصول «فوضى» ومشكلة في مسألة إجراءات حظر التجول والاستثناءات خصوصاً في مساري التصاريح والموقوفين لأغراض الحجر الصحي أو الموقوفين بسبب مخالفة تعليمات أوامر الدفاع بحظر التجول. هنا لم يعد سراً أن غرف العمليات العسكرية والأمنية تتعرض لضغط كبير من مسؤولين وسياسيين ووجهاء في المجتمع في سياق الواسطة والمحسوبية بصورة تشتت العمل بدلاً من التركيز على الأهم. لذلك أعلن الموقف الملكي للشارع بصورة واضحة وحاسمة وعبر تغريدة شخصية للملك عبدالله الثاني أكد فيها بأنه «لا مكان للواسطة والمحسوبية» وشدد على أن «القانون فوق الجميع».



وفي جميع الأحوال تدرك مؤسسة القرار اليوم وفي ظل أزمة بحجم فيروس كورونا أن مشكلة «الالتزام السلوكي» لا علاقة لها بالمجتمع فقط بل بالنخب والمسؤولين ودوائر الموظفين أيضاً فلولا «حصول خطأ واستياء المستوى السيادي «لما كانت مسألة المحسوبية والواسطة تستوجب «جملة اعتراضية ملكية حاسمة» علناً. لكنها بكل حال جملة تكمل نصاباً وطنياً فالأردن يتعامل بحرفية حتى اللحظة مع «الفيروس» وقد عبر الملك في التغريدة عن قناعته بأن تجاوز القانون في الأحوال العادية والطبيعية غير مسموح فما بالك في ظل الوضع الحالي مؤكداً..»لن نسمح بتجاوزات».

تلك طبعاً رسالة ليس للناس فقط بل للدوائر الرسمية التي قفزت حساباتها الشخصية والشللية على الحسابات الوطنية في وقت «أزمة» وهو فارق في الأداء نتج بإجماع الخبراء عن وجود نخبة من «قليلي الخبرة» في إدارة الخلايا الوزارية للأزمة اليوم.

وهي أيضا رسالة «سياسية» بامتياز للحكومة ولكبار المسؤولين وتحديداً لرئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز مقتضاها أن الأولى بـ»الضبط» قبل المجتمع نخبة الموظفين وبعض الوزراء الذين يحاولون «التوسط» لمخالفين للقانون والأولى بالالتزام بمضمون «أوامر الدفاع» قبل المواطنين من يعملون باسم الدولة والمؤسسات والأجهزة.



فهل التقط الرزاز الرسالة؟..لا أحد يمكنه الإجابة على سؤال سيتدحرج بالتأكيد إذا لم يتصدر الرزاز مشهد إصلاح الخلل الذي تؤشر عليه بوضوح في «غرفة الإدارة» وبجملة اعتراضية «توبيخية» واضحة الملامح الملاحظة الملكية النقدية فما كان يعبر قبل كورونا قد لا يعبر ببساطة.

القدس العربي