هل "أحرج" إضراب المعلمين الأحزاب والنقابات الأردنية؟

الرابط المختصر

على مدار 4 أسابيع، خاضت نقابة المعلمين الأردنيين معركة شاقة، للحصول على علاوة وظيفية تخللها جلسات حوار ومفاوضات مع الحكومة، وسط أجواء تحريض من وسائل إعلام رسمية وخاصة، لإجبارها على فك الإضراب، يقابل ذلك التفاف شعبي كبير ودعم من أجل تحقيق المطالب.



وشهد مقر وزارة التربية والتعليم الأردنية أمس، اجتماعا رسميا ضم الوزير وليد المعاني ونائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة، للتوقيع على اتفاق فك الإضراب الذي حقق عبره المعلمون مطالبهم، وحصلوا على امتيازات أخرى.

 

وسبق ذلك بساعات مؤتمر صحفي أمام مقر النقابة، للإعلان عن التوصل لاتفاق ينهي الإضراب ويعيد للغرف الصفية الحياة مجددا.

 

ويطرح نجاح المعلمين في تحصيل مطالبهم، من خلال أطول إضراب في تاريخ الأردن، تساؤلات بشأن العوامل التي امتاز بها الإضراب مقابل عمل نقابي وحزبي، اتسم بالضعف والتراجع خلال السنوات الماضية وفق مراقبين.

 الناشط النقابي المهندس ميسرة ملص قال، إن "المعلمين" تمتلك "قيادة جديدة وشابة وصلبة ومتماسكة، وصاغت برنامجا ناجحا مكنها من النجاح وتحقيق مطالب منتسبيها".



وأضاف ملص لـ"عربي21": "المعلمون حازوا على تعاطف الأردنيين، لأنهم يدخلون كل بيت سواء بشخوصهم أو بعوائلهم، أو حتى عبر الاحتكاك بطلابهم ومتابعتهم، وهناك قطاع واسع يعرف حجم الظلم والمعاناة التي تقع عليهم".



وتابع: "نحن إذا أمام قضية عادلة، وإدارة نقابية ناجحة يضاف إليها جمهور وفيّ، جاء كله في ظل تراكمات نتيجة السياسات الإفقارية للحكومات، وهذا ما أسهم بنجاح الإضراب".



وفي المقابل قال ملص، إن نقابة المعلمين لم تعان مما تعاني منه الكثير من النقابات، وحتى الأحزاب، حيث "لم تتعرض للاختراق من قبل السلطات الرسمية وأجهزتها، وممارسة لعبة العصا والجزرة، وتقديم المصالح الشخصية على مصلحة النقابة العامة، وهذا ما لم نره في المعلمين".



ورأى أن ما حصل "سينعش" قادة الأحزاب وبعض قادة النقابات "المتخاذلين" للتحرك تحت مظلة هيئاتهم العامة لتحصيل حقوقهم.

 

من جانبه، قال نائب الأمين العام لحزب الشراكة والإنقاذ الأردني سالم الفلاحات، إن الإضراب "غير المسبوق في الأردن والعالم العربي ربما امتاز بتحديد المطالب بدقة، والالتزام بالقوانين المرعية، واجتماع كلمة أعضاء النقابة كافة وهي حالة نادرة في الأردن".



وأوضح الفلاحات لـ" عربي21"، أن "هذه العوامل منعت تمزيق وحدة صف المعلمين التي ساندها التعاطف الشعبي، رغم تعطل الطلاب والبيوت، وما يعنيه ذلك من كلفة على كثير من العائلات، لكن الأهالي يشعرون بالضائقة نفسها التي يعيشها المعلمون".



ولفت إلى أن الحكومة استخدمت الوسائل كافة لصد وإفشال مطالب المعلمين، وراهنت لمدة شهر على الترهيب والاعتقالات وإرسال أشخاص للتشويش في المدارس، وافتعلت حوادث ولجأت للقضاء الإداري، إلا أن المعلمين لم يستسلموا".

وأكد أن "إصرار المعلمين رغم كل الضغوطات كان وراء نجاحهم، وكان بمقدور الحكومة توفير كل هذه الكلفة المالية والمجتمعية، وتجنيب البلاد عواقب وخيمة، لو ساهمت بحل المشكلة منذ البداية بالنزول عند المطالب المحقة".



وعلى صعيد العمل الحزبي والنقابي، رأى الفلاحات أن "الكثير منها تعطلت عن العمل العام، وحصر نفسه داخل المجالس وتبرأ من دعم الإصلاحيين والقضايا العامة، وقدم المصالح الفردية على المصلحة العامة".



وتابع: "النقابات كانت سابقا تتقدم على الأحزاب في العمل السياسي، ولا شك أن إضراب المعلمين أحرج الكثير من النقابات وعرّى مواقفها حين استجاب بعضها للضغط الرسمي، وأصدر بيانات تضغط على المعلمين لفك إضرابهم.



واعتبر الفلاحات أن ما مر به الأردن خلال مدة شهر، "نمط جديد في الاحتجاج لم يعشه سابقا، ورأى الاستجابة الشعبية له مؤشرا مهمّا، مقابل حالة اللامبالاة القديمة التي انتهت".



وأضاف: "رغم أن الاعتصام مطلبي، إلا أنه أنعش الحالة الشعبية المتيقظة، التي ربما تفضي لتحرك نقابي جديد. بل إن حالة الاستعصاء التي مارستها الحكومة، خوفا من تنامي حالة الاحتجاج وتحصيل الحقوق، وقعت فيها وعززتها بتصديها للإضراب منذ اليوم الأول".