نظام التعلم الإلكتروني بين الاعتراض والتنفيذ

الرابط المختصر

واجه قرار مشروع نظام التعلم الإلكتروني في المؤسسات التعليمية المدرسية رفضا من قبل نشطاء وأولياء الأمور عبر منصات التواصل الاجتماعي، واصفين القرار بالمستعجل، خاصة بعد مرور المملكة بتجرية خطة الانتقال من التعليم الوجاهي إلى الإلكتروني خلال مواجهة جائحة كورونا، والتي نتج عنها ارتفاع في الفاقد التعليمي بين الطلاب.

بعض الآراء التي تم رصدها على منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، تشير إلى أن التعلم الإلكتروني يمكن أن يكون له جوانب إيجابية في حال تم تنفيذه في ظروف استثنائية، مثل السفر المؤقتة أو الظروف الجوية القاسية التي قد تمنع الطلاب من الحضور إلى المدرسة،  ومع ذلك يجب توفير البنية التحتية المناسبة والتجهيزات اللازمة لتحقيق نجاح التعلم الإلكتروني.

وهناك آراء أخرى تعارض فكرة التعلم الإلكتروني كبديل للتعلم الوجاهي، حيث يؤكد بعض الأشخاص على أهمية الجوانب الاجتماعية والشخصية للتعلم، مثل تطوير مهارات التواصل والبناء الشخصي والتعلم من أقرانهم،  ويرون ان التعلم الإلكتروني يجب أن يكون كخيار مكمل بدلا من بديل للتعلم الوجاهي.

 جاءت هذه الآراء  بعد موافقة مجلس الوزراء  الأربعاء على مشروع نظام التعلم الإلكتروني في المؤسسات التعليمية المدرسية لعام 2023، ممهدا الطريق لإرساله إلى ديوان التشريع والرأي لاستكمال الإجراءات اللازمة لإصداره بموجب الأصول.

 هذا المشروع يهدف إلى تمكين المؤسسات التعليمية من الاعتماد على التعلم الإلكتروني كخيار لدعم العملية التعليمية، سواء كان ذلك بغرض تعزيز التعليم والتعلم أو للتعامل مع حالات الطوارئ الاستثنائية التي تحول دون حضور المدرسين والطلاب إلى المدارس.

 

تحديات التعليم عن بعد

الخبير التربوي الدكتور علي الحُشكي يقول إن التعلم الالكتروني  مهم في ظل التسارع في عالم التكنولوجيا والتطورات الالكترونية، ولكنه لا يمكن أن يكون بديلا عن التعليم الوجاهي في المدارس. 

ويشدد الحُشكي على أن التعليم  لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتضمن العديد من الجوانب التربوية التي يمكن للطلاب الاستفادة منها في البيئة المدرسية، لذا  يجب أن تتوافر شروط معينة في نظام التشريعات لجعل التعلم الإلكتروني مكملًا وليس بديلاً للتعلم الوجاهي، ويجب ضمان أن تكون المنصات التي تدعم التعلم الإلكتروني مشابهة للتعلم الوجاهي من حيث طريقة التدريس، لضمان فعالية التعليم. ويجب تقديم تقييم دوري للتعلم الإلكتروني للتحقق من تحقيق الأهداف المرجوة وضرورة التحسين إذا لزم الأمر.

ويعتبر الخبير الحُشكي، أن هناك تحديات كثيرة تواجه وزارة التربية ، تجعل الطلبة لا يحققون كافة الاهداف والاحتياجات من التعليم في المدارس الحكومية، كالازدحام الكبير في الصفوف الدراسية، مما يؤثر سلبا على جودة التعليم وتفاعل الطلاب مع المواد الدراسية ، نقص المواد التعليمية في بعض المدارس، مما يجعل بعض الطلاب يفتقرون إلى الوسائل الضرورية لتعلمهم، غياب الطلاب عن المدرسة بصفة متكررة، مما يؤثر على استمراريتهم في التعليم.

كما ان عدم توفر الانترنت واجهزة الحاسوب خاصة في المناطق النائية، وحاجة التدريب الكوادر التعليمية والطلبة على أجهزة الحاسوب والمنصات المخصصة لهذه الغاية ، للانتقال إلى التعليم الإلكتروني، فيجب أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار ضمن خطط وزارة التربية لهذا المجال. 

بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة التحديات التكنولوجية التي تواجه الطلاب في بعض المناطق النائية، حيث يفتقرون إلى الإنترنت وأجهزة الحاسوب. لذا، يجب أن تضمن وزارة التربية توفير تلك الإمكانيات وتقديم التدريب اللازم للمعلمين والطلاب على استخدام الأجهزة والمنصات التعليمية المخصصة لتعزيز التعليم الإلكتروني. 

 Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · خبير تربوي يوضح الجوانب التي قد يفتقدها الطلاب عند اعتماد التعلم الإلكتروني وكيف يمكن تعزيزها

 

تجربة "كورونا" والفاقد التعليمي

ومن بين الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم للتعامل مع جائحة خلال عام 2020، قامت بتنفيذ خطة للانتقال من التعليم الوجاهي الى التعليم عن بعد، كحل من الحلول لإيصال الخدمات التعليمية للطلبة  في منازلهم، ورغم ان هذا الاجراء كان ضروريا، الا انه اثار العديد من التحديات التي اشارت اليها الوزارة .

 تمثلت تلك التحديات بضعف الإمكانيات المادية والبنية التحتية التكنولوجية لدى الطلاب والمعلمين في منازلهم، وعدم وجود محتوى تعليمي الكتروني تفاعلي على المنصات يتوافق مع كافة المهارات وقدرة لطلبة، إضافة الى أن منصة التعلم عن بعد ما زالت بحاجة الى تطوير لتوفير الأدوات اللازمة لتعلم الطلبة وأهمها أدوات التفاعل بين الطلبة والمعلمين. 

نتيجة لهذه التحديات، شهد الطلاب تراجعا في التحصيل الدراسي واكتساب المهارات، وظهرت مشاكل نفسية لدى بعض الطلاب، مما دفع الوزارة إلى زيادة نشاط المرشدين التربويين لمساعدة هؤلاء الطلاب. كما أثرت هذه الجائحة على الأمهات بشكل خاص، وأدت إلى حدوث فاقد تعليمي تم معالجته من قبل الوزارة، مما أسهم في تعويض الخسائر الكبيرة في المعرفة والمهارات التعليمية.

وأظهر استطلاع للرأي اعدته حملة "عودة آمنة للمدارس"، تأثير التعلم عن بعد بحسب رأي الطلبة من الصف السادس للصف الثاني عشر والذي أظهر أن 55% من ذوي الطلبة في المدارس الحكومية يرون أن أبناءهم يواجهون صعوبة في الدخول الى منصة درسك بانتظام، وعدم توفر شبكة انترنت 24.1%، ضعف الشبكة 23.4%، 41.4% عدم توفر أجهزة كافية.

وبحسب تقرير للبنك الدولي خلال عام  2021 بين أن 52% من الأطفال الأردنيين في الصفوف الابتدائية يعانون "فقر التعليم".

الى جانب ذلك، اتخذت وزارة التربية والتعليم قرارا بزيادة عدد أيام العام الدراسي أسبوعين لكل فصل دراسي لهذا العام ، في سياق خطتها لمعالجة وتعويض الفاقد التعليمي الذي تعتبر أنه كبير لدى الطلاب، بعدما تفاقم إثر تفشي جائحة كورونا.

وقررت الوزارة تطبيقه في المدارس الحكومية، ومدارس الثقافة العسكرية، ومدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تقليص فترتي العطلتين الصيفية والشتوية المقبلتين، تنفيذا للخطة الوطنية لمعالجة الفاقد التعليمي لدى الطلاب.