ميدل ايست اي: جماعة الإخوان المسلمين..مد وجزر في العلاقة مع النظام في الأردن

الرابط المختصر

لم تذهب المملكة  الاردنية الى ما ذهبت له كل صر، والإمارات، والسعودية، بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين "كجماعة إرهابية"، إلا ان النظام في الأردن وجد  طرق أخرى أقل صدامية في علاقتها مع الجماعة التي تدهورت علاقاتها بالنظام الأردني بعد الربيع العربي الذي تصدرته الحركات الإسلامية.

 

وصاغت فترة الربيع العربي شكل العلاقة المستقبلية بين النظام الأردني وبين جماعة الإخوان المسلمين، حيث بدأ النظام هجمة مضادة على الجماعة، تمثلت في سحب الغطاء القانوني للجماعة، والتضييق على فعالياتها، وسجن بعض قيادييها مثل زكي بني ارشيد بتهمة تعكير صفوة العلاقة مع الإمارات، ومنح ترخيص لمنشقين عن الإخوان، وإغلاق مقرات الجماعة الأم، تحت حجة عدم الترخيص.





 

يلقي النظام في الأردن باللوم على الجماعة بتصدرها حركات الشعوب في الربع العربي، واعتبر قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في تصريح له عام 2014 خلال مقابلة أجراها مع الإعلامي الأمريكي تشارلي روز، في شبكة "بي بي إس" الأمريكيةإن "جماعة الإخوان المسلمين، جمعية سياسية منظَّمة قامت باختطاف الربيع العربي".

 

لجأ الاردن لطرق قانونية للحد من قدر جماعة الاخوان المسلمين من خلال مصادرة ممتلكاتها لصالح "جمعية الإخوان المسلمين" التي أسسها منشقون  عن الجماعة الأم في عام 2015.

 

تصوير نادر الداود

 

بدأ النزاع  القانوني في آذار/ مارس 2015 الجمعية بعد انشقاقها بقيادة المراقب العام الأسبق الشيخ عبد المجيد الذنيبات، من السيطرة على مقرات ومكاتب وملكيات، وأحيانا بعض الأموال النقدية التي كانت تملكها الجماعة الأم.



 

وشكل قرار محكمة التمييز الأردنية، الأربعاء الماضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين في الأردن منحلة حكما، وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، منحى جديدا في شكل العلاقة المتذبذبة بين الجماعة والنظام في الأردن.

 

مد وجزر

علاقة طالما شهدت تباعدا وتقاربا تبعا لأوضاع سياسية داخلية وخارجية، لتتوج بصراع قانوني وجودي تخوضه الجماعة التي تأسست عام  منذ بداية عام 1946م بموجب قانون الجمعيات لتعود وتغير اسمها لـ"لجماعة" عام  1953 بقرار من مجلس الوزراء.



 

النص القانوني لمحكمة التمييز  يشير الى " أن جماعة الإخوان المسلمين منحلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين الأردنية."

 

وجاء هذا القرار الحاسم استجابة للدعوة التي رفعتها الجماعة على دائرة الأراضي والمساحة وعلى جمعية جماعة الإخوان المسلمين في طلب إبطال نقل ملكية الأراضي والعقارات للجمعية التي رخصت عام 2015.



 

جماعة الاخوان المسلمين  اعتبرت أن "قرار محكمة التمييز غير قطعي، وإنما أعاد القضية إلى محكمة الاستئناف، وإن الأخيرة ستكمل نظرها في القضية".

 

 وحسب رئيس الدائرة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين جميل ابو بكر لmee،  "توقيت القرار غريب،سنمضي بمتابع المسار القانوني، هذا القرار غير قطعي، الجماعة موجودة وعمرها عشرات السنين، ولها جمهورها الواسع والكبير، وستبقى تقوم بمهامها في هذه المرحلة الصعبة التي تحيط بالمملكة الأخطار والتهديدات الصهيونية، فمن الغريب صدور قرار بهذه اللحظة في وقت يحتاج به الأردن لكل مكوناته وتوحيد جبهته الداخلية".

 

قرارات قضائية

 وحسب الجماعة  هناك قرارات قضائية أخرى متعلقة أكدت على وجود المركز القانوني للجماعة، إلا أن جميع هذه القضايا لم تصل لمرحلة القطعية في الحكم.

 

اذ أصدرت محكمة استئناف عمان قراراً قضائياً الثلاثاء 14/7/2020م، يقضي برد الدعوة المقامة بإخلاء المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين على أساس أن الجماعة تملك الشخصية الاعتبارية في توقيع عقود الإيجار، وأنه لا توجد أي جهة أو شخصية أخرى حلت محلها تملك إلغاء هذه العقود.

 

نقيب المحامين الأسبق، والنائب صالح العرموطي،  يقول لـmeeإن "محكمة الاستئناف الاردنية قضت سابقا أن جمعية الإخوان ليست خلفا للجماعة، وان الجماعة لها الحق بإبرام العقود والتصرف في الممتلكات، وتم تمييز هذا القرار والغريب ليس من قبل الجمعية، وهذا قرار غير قطعي خاضع لمحكمة الاستئناف التي لها الحق باتباع نقض محكمة التمييز أو تصر على قرارها".

 

العرموطي -وهو عضو كتلة الاصلاح النيابية- يعتقد أن هنالك خلفيات سياسية لهذا القرار تعود لقرب انتهاء المدة الدستورية لمجلس النواب، وتوقع صدور ارادة ملكية بإجراء الانتخابات،  ويكشف عن "بدء تضييق أمني على شخصيات لثنيهم من التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات القادمة، والغريب هنالك من وزع قرار محكمة التمييز بصيغة انه قرار قطعي وتم حل الجماعة وهذا غير صحيح".

 

وحسب قرار المحكمة ، المُميز لقرار محكمة الاستئناف ليس جمعية الإخوان المرخصة، انما وكيل ادارة قضايا الدولة، ممثلا عن مدير عام دائرة الاراضي والمساحة.

 

س

 

ما هي خيارات الاخوان لمواجهة الحل

 

 الخبير في شؤون الجماعات السياسية مروان شحادة  يتفق مع العرموطي، أن هذا القرار يحمل أبعادا سياسية، ولا يقتصر على الجانب القضائي، ويأتي ضمن سلسلة من التوترات التي شهدتها العلاقة ما بين الحكومات المتعاقبة والجماعة.

 

يقول لmee  ،"القرار كان متوقعا بسبب حالة الصدام بين الحكومات، وجماعة الإخوان، الحكومة اقتنصت فرصة الخلافات الداخلية بين صفوف الجماعة ودعمت طرف على حساب اخر، ورفع قضية على الجماعة ووصلت الى هذه المرحلة من القرارات القانونية التي تدعم موقف الحكومة".

 

أما الخيارات المطروحة أمام الجماعة، يقول "هنالك جناح سياسي قوي هو حزب جبهة العمل، بالتالي سيكون النافذة السياسية لجماعة الإخوان ويمكنها من فرض رؤيتها وفعاليتها من خلال الحزب، الخيار الثاني سيكون قانوني وستلجأ الحكومة الى القنوات القانونية، لكن من خلال مراقبتي للوضع الحكومة مصرة على نقل الملكية للجمعية الجديدة رغم فشلها في العديد من الملفات".

 

وفي محاولة لامتصاص الصد الحكومي لجأ الإسلاميون في الأردن إلى استراتيجية التحالفات في الانتخابات، ومن البلدية والنيابية، والنقابية، ليحصدون 15 مقعدا في البرلمان تحت تحالف أطلقوا عليه “التحالف الوطني للإصلاح” في عام 2016، ضمن 10 إسلاميين وشخصيات مستقلة من أطياف مختلفة، الأمر الذي انسحب على النقابات والاتحادات الجامعات.



 

وفي أيار/مايو عام 2019، التقى العاهل الأردني عبد الله الثاني، بنواب الحركة الإسلامية في البرلمان، بقصره، وكان مؤشرا على تصاعد التقارب بين الطرفين.

 

ولا تخفي جماعة الإخوان المسلمين محاولاتها لترطيب الأجواء مع النظام الأردني، من خلال كتلة الاصلاح النيابية .

ولجأ الإسلاميون في الأردن إلى استراتيجية التحالفات في الانتخابات، ومن البلدية والنيابية، والنقابية، ليحصدون 15 مقعدا في البرلمان تحت تحالف أطلقوا عليه “التحالف الوطني للإصلاح” في عام 2016، ضمن 10 إسلاميين وشخصيات مستقلة من أطياف مختلفة، الأمر الذي انسحب على النقابات والاتحادات الجامعات.

 

اصدقاء الامس اعداء اليوم

 

تاريخيا؛ وقفت جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب النظام الأردني في ظروف سياسية وأمنية كادت أن تطيح بالنظام في فترة الخمسينيات من القرن الماضي. وتحالفت الجماعة مع النظام في مواجهة حكومة سليمان النابلسي، المدعومة من جمال عبد الناصر، والتي دخلت في "صراع" مع الملك الراحل الحسين بن طلال؛ تخللته محاولات انقلاب لضباط بالجيش الأردني عام 1957.

 

وحشدت حينها جماعة الإخوان الشارع ضد الحكومة "القومية" التي أقالها الملك، ثم حظر جميع الأحزاب باستثناء جماعة الإخوان، معلنا الأحكام العرفية في 1957، حتى عودة الحياة الديمقراطية في 1989، وانتخاب مجلس نواب جديد، استطاعت جماعة الإخوان حجز 22 مقعدا فيه، والسيطرة على رئاسته لثلاث دورات متتالية، بالإضافة إلى حصولها على خمس حقائب وزارية في حكومة مضر بدران عام 1991.

 

ب

 

المقال الأصلي في موقع ميدل إيست اي البريطاني