من " بوابة الدموع" إلى "باب المندب"

عرف باب المندب قدبما بــ"باب الدموع " بسبب ما كانت تتعرض له السفن المبحرة فيه من مخاطر الغرق والموت لكثرة الصخور فيه، كما عرف لاحقا باسم"ذا المندب " قبل ان تستقر تسميته الحالية بــ" باب المندب".
ولهذا المضيق او البوابة تاريخ طويل إذ ظل حتى اليوم عنوانا في الصراعات والنزاعات الدولية الاستعمارية بين بدايات الحركة الاستعمارية الجارفة التي دشنها البرتغاليون والاسبان تلاهم الهولنديون والبريطانيون والفرنسيون والطليان الذين كانوا جميعهم يبحثون عن أقصر الطرق التجارية للوصول الى الشرق الاقصى والى الهند والصين.
وبدون الدخول في التفاصيل التاريخية الممتدة لحركة الصراعات الاستعمارية الطامعة للسيطرة على هذا الباب البحري والبر الذي يحاذيه في آسيا وافريقيا، فقد ساعد شق قناة السويس سنة 1869 بإضافة المزيد من الاهمية لهذا المضيق الذي اختصر المسافة بين اوروبا والشرق الاقصى بما فيها الهند درة التاج البريطاني الذي حول هذا المضيق الى مصلحة استراتيجية عظمى لبريطانيا ولشركة الهند الشرقية، وأصبح كل طموح بريطانيا السيطرة على هذا الباب لتامين طريقها الى الهند درة تاجها، وهذا ما أجج الصراع الاستعماري التوسعي بينها وبين فرنسا التي رضيت أخيرا بحظوظها في افريقيا تاركة الساحة لبريطانيا.
ولباب المندب والبحر الحمر تاريخ طويل وشائك ليس بمكنتنا استعراضه هنا، لكن يكفينا التوقف قليلا أمام صفحة جديدة تكتب هذا اليوم له بايدي وارادة اليمنيين الذين ظلوا عبر تاريخ هذا الباب حراسه الأبديون.
اليوم وفي الجرائم الصهيونية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة يبرز المقاتل اليمني كشريك حقيقي ومؤثر في صف الشعب الفلسطيني ومقاومته، بالرغم من بعد المسافة الجغرافية .
اليوم يحقق اليمنيون الخارجون لتوهم من "حرب الشقيق على الشقيق " ليس فقط ما بات يسمى "وحدة الساحات "، وإنما يمارسون طقوس "وحدة الدم " اليمني مع الشقيق الفلسطيني، كما يحققون وحدة الجغرافيا من باب المندب وكل أبواب غزة التي دمرها المتوحش الصهيوني على رؤوس أهليها وساكنيها.
يدرك اليمنيون بفطرتهم وبحكمتهم اليمانية أنهم يستحقون بجدارة وصفهم بـ "حراس العروبة والاسلام "، وهي شهادة صرفها لهم تاريخ هذه الأمة وواقعها منذ أن كانوا أصلا للعرب وملوكهم وقادتهم ، ولا إخال أحد في هذا الكون العربي ينازعهم هذه المكرمة.
يتلقى اليمنيون "أنصار الله" هجمات التوحش الغربي باحتمال وبصبر وأناة بحجم ايمانهم بــ"وحدة الدم والساخات "، فيهاجمون طرق امدادات العدو الصهيوني في البحر الأحمر، ويدفعون بجدارة المقاتل المؤمن بعدالة قضيته أثمانا باهظة، ومنذ أن صار شريكا فاعلا في "طوفان الأقصى " صار اليمنيون من أنصار الله أحد أيقونات هذه المواجهة بين المؤمنين في غزة وبين المعتدين المتوحشين من ارهابيي الاحتلال  الاسرائيلي وما يرتكبونه من جرائم الابادة الجماعية كل دقيقة.
واليوم اصبح البحران الأحمر و العرب بحران يمنيان بامتياز، وعاد باب المندب من جدبد ليكون بابا لفلسطين ولغزة بعد أن أغلق بقايا العرب من المحيط الى الخليج أبوابهم ، وصمُّوا آذانهم عن صيحات أطفال غزة وأهليها الذين يبادون ويقتلون على مسمع ومرأى العالم المتوحش، ولم يتبقى أمام غزة غير ثلاثة أبواب تنفتح عليها وهي بوابة الله تعالى، ثم بوابة أنصار الله في اليمن ، وبوابة حزب الله في لبنان...

أضف تعليقك