مع اقتراب موعد انطلاق موسم قطف الزيتون في منتصف تشرين الأول، تستعد المعاصر لاستقبال موسم قطف الزيتون الذي يشكل موروثا وطنيا واقتصاديا، بينما يعيش المزارعون والمستهلكون حالة من الترقب بين الأمل بموسم وفير والقلق من ارتفاع الأسعار أو تراجع الجودة.
وفي القرى، يستعد المزارعون بحماس وأمل رغم التحديات المناخية، ويقول أبو محمود، مزارع من محافظة عجلون "المطر ما كان كثير السنة، بس إن شاء الله الزيت ما يخيب، تعبنا سنة كاملة وموسم الزيت هو رزقتنا".
أما أم ليث سكان العاصمة عمان فتعبر عن قلقها من الأسعار وتوضح " كل سنة بنشتري تنكة أو تنتين، بس إذا وصلت فوق المية دينار صعب نقدر نشتري، خصوصا إذا ما ضمنا إنها أصلية".
وفي الوقت ذاته، يعلق أحمد الخطيب، أحد أصحاب المعاصر، بأن الموسم يحمل تفاؤلا حذرا، ويقول الإنتاج البعلي قليل، بس الزيتون المروي ممتاز، والقرارات الحكومية بمنع التصدير راح تساعد نحافظ على استقرار السوق.
تشير بيانات وزارة الزراعة ودائرة الإحصاءات العامة إلى أن موسم 2024 و2025 سجل زيادة قياسية في إنتاج زيت الزيتون بلغت نحو 43% مقارنة بالعام الماضي، ليصل الإنتاج إلى 35.8 ألف طن من الزيت، فيما بلغت كميات الزيتون الواردة إلى المعاصر حوالي 185 ألف طن، بارتفاع نسبته 33% عن الموسم السابق.
يوضح رئيس الجمعية الأردنية لمنتجي ومصدري الزيتون فياض الزيود في حديثه لـ "عمان نت"، أن وزارة الزراعة هي الجهة المخولة لتحديد تاريخ انطلاق موسم العصر، وقد وقع الاختيار على الـ 15 من تشرين الأول كموعد مبدئي لبدء القطف.
ويضيف أن هذا الموعد لا يعني أن جميع الثمار تكون ناضجة، بل إنه يحاول المواءمة بين الظروف المناخية المتباينة في المناطق الجبلية والشفاغورية والمناطق الصحراوية، لضمان عدالة بين المزارعين وملاءمة عمليات العصر.
من جانبها تؤكد وزارة الزراعة من خلال بياناتها أنها تعمل على تقديم خدمات إلكترونية للزراعة، وتطوير إجراءات التصريح وتنظيم الأنشطة الزراعية، بما في ذلك ضبط وتحسين جودة الإنتاج الزراعي.
الأسعار وقرارات حكومية لحماية السوق
بدأت بعض الأسواق والعروض الأولية لزيت موسم 2025، بأسعار منخفضة لم تبدأ المعاصر رسميا بالعصر، مما يدلل على أن هذه الزيوت ليست من الإنتاج الجديد، وقد يعرض المستهلك للغش إذا لم يكن هناك تحقق من المصادر الموثوقة.
وبالرغم من وجود شائعات عن ارتفاع السعر إلى تنكة زيت تتجاوز الـ 130 دينارا، إلا أن المعطيات الحالية تشير إلى أن الزيادة المتوقعة ستكون معتدلة لا تتجاوز 10% مقارنة بالموسم الماضي.
ويتوقع الزيود أن يكون السعر الفعلي للتنكة ما بين 100 و110 دنانير، إذا استمرت المعطيات الداعمة لاستقرار العرض، موضحا أن الإنتاج في المناطق البعلية هذا العام سيكون منخفضا، وهو ما يعكس أثر الجفاف ونقص الأمطار، بينما يتوقع أن تكون المناطق المروية أكثر وفرة وجودة، مضيفا أن الكميات المروية عالية الجودة قد تسهم في تغطية جزء كبير من الطلب المحلي، مما قد يقي الأسواق من تقلبات حادة في الأسعار.
في خطوة تهدف إلى ضمان توفر الزيت في السوق المحلي، قررت وزارة الزراعة منع تصدير ثمار الزيتون الطازجة، فيما أعلنت وزارة الصناعة والتجارة منع تصدير الزيتون نصف المصنع، والسماح فقط بتصدير الزيت الجاهز للاستهلاك.
ووفقا للجمعية الأردنية لمنتجي ومصدري الزيتون، فإن كميات الزيتون التي كانت تصدر سابقا تتراوح بين 5 إلى 6 آلاف طن سنويا، وهو ما سيعاد توجيهه هذا العام إلى المعاصر المحلية.
هذه القرارات بحسب الزيود تسهم في استقرار السوق لكنها تضع المعاصر أمام تحديات تشغيلية، منها ارتفاع كلفة الطاقة وساعات العمل والقدرة على استيعاب الفائض.
ولكن رغم ذلك قد تحمل تحديات، بحسب الزيود منها، عدم قدرة المعاصر على استيعاب الزيادة في حجم الكميات الداخلة للعصر، ضغط تكلفة التشغيل على المعاصرين خاصة ساعات العمل والطاقات والتعامل مع الفائض المحتمل، والتوازن بين تشجيع الإنتاج الزراعي وصون مصلحة المستهلك.

أنواع زيت الزيتون
وحول أنواع زيت الزيتون الأردني، يوضح الزيود أن المواصفة الأردنية تصنف الزيت إلى أربعة أصناف، زيت الزيتون البكر الممتاز، وهو الأعلى جودة وسعرا، والمعروف محليا بالبلدي، وتكون نسبة حموضته بين 1 و1.5%، ويشكل أغلب الإنتاج المحلي، وهناك صنفان آخران بدرجات حموضة أعلى من 2% إلى 3%، وكلما ارتفعت نسبة الحموضة قلت جودة الزيت.
ويضيف أن الزيتون المروي الذي ينتج في النصف الثاني من الموسم سيسهم في استقرار الأسعار بفضل كمياته الكبيرة وجودته الممتازة.
وينصح الزيود المستهلكين بعدم شراء الزيت في شهر تشرين الأول، لأن ما يعرض في الأسواق خلال هذه الفترة عادة ما يكون من إنتاج العام الماضي، داعيا إلى الشراء في شهر تشرين الثاني، حيث تكون ذروة الإنتاج وجودة الزيت، مما يؤدي إلى توازن الأسعار، مؤكدا أن التحكم في توقيت الشراء يمنح المستهلك دورًا رئيسيًا في استقرار الأسعار.
وفيما يتعلق بعملية قطف الزيتون وجودة الزيت، قدم الزيود عدة إرشادات للمزارعين، مؤكدا أن جودة الزيت تعتمد على سرعة عصر الثمار بعد القطف.
ويوضح أن أفضل الممارسات تتضمن القطف والعصر خلال 24 إلى 48 ساعة كحد أقصى، وألا تتجاوز مدة التخزين قبل العصر 72 ساعة، لأن بقاء الزيتون لفترات طويلة يؤدي إلى تدهور الجودة وارتفاع نسبة الحموضة، مشددا على عدم تخزين الزيتون في أكياس بلاستيكية، بل يجب فرشه في أماكن جيدة التهوية إلى حين نقله إلى المعصرة.

الرقابة والجودة وعمليات الغش
تؤكد الجهات الرسمية أن عمليات الغش موجودة كما في أغلب الدول، خصوصا عبر الإعلانات الزائفة على منصات التواصل الاجتماعي، التي تعرض تنكات بأسعار مغرية للغاية.
المؤسسة العامة للغذاء والدواء تقوم بتنفيذ حملات تفتيش ومسح ميداني في المعاصر والأسواق، ضبطت مؤخرا تنكات مغشوشة وعبوات مختلطة بزيوت نباتية أخرى، وتحويل المخالفين للقضاء.
ويحذر الزيود المستهلكين من العروض الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل بيع التنكة بـ50 دينارا أو أقل مع "هدايا مجانية"، وهي أسعار غير واقعية وتشير غالبا إلى زيت مغشوش أو قديم.
ويدعو الزيود المواطنين إلى تحليل عينات الزيت قبل شرائها في مختبرات وزارة الزراعة أو مؤسسة الغذاء والدواء، التي تقدم هذه الخدمة مجانيا في جميع المحافظات، إذ تُفحص نسبة الحموضة والجودة للتأكد من صلاحية الزيت.
كما قدم ثلاث توصيات رئيسية للمستهلكين عند شراء زيت الزيتون الشراء مباشرة من المعصرة، حيث يمكن مشاهدة عملية العصر والتأكد من مصدر الزيت الشراء من مزارع معروف وموثوق، الشراء من المؤسسات الاستهلاكية المدنية أو العسكرية، حيث تكون جميع المنتجات خاضعة لفحوصات رسمية دقيقة.
ويشير أيضا إلى الحملة الوطنية لتسويق زيت الزيتون الأردني، التي تنفذها وزارة الزراعة بالتعاون مع نقابة أصحاب المعاصر، وتوفر زيتا مصنفا وذا جودة عالية، سواء من نوع البكر الممتاز أو البكر، وهي من أفضل الخيارات الآمنة للمستهلك الأردني.
وكانت المؤسسة العامة للغذاء والدواء قد ضبطت 22 تنكة زيت مغشوشة في العاصمة، وضبط نحو 800 كرتونة بعبوات مختلفة مختلطة بزيوت نباتية أخرى تحمل علامتين تجاريتين معروفتين، وكذلك تم ضبط 30 تنكة مغشوشة في الكرك تم الإعلان عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسعر منخفض، والتي تبين بعد الفحص أنها مغشوشة بمادة "النايتر أسيد"، وقد تم التحفظ على الكميات وتحويلها إلى القضاء.
وتؤكد المؤسسة استمرار حملات التفتيش في المعاصر والأسواق الكبرى والشعبية، وسحب عينات للفحص، مع تحذير المواطنين من الانسياق خلف الإعلانات الزائفة.












































