استنكر معهد الصحافة الدولي اليوم استمرار الاختفاء والسجن العشوائي للصحفيين في مصر، وطالب السلطات المصرية بإطلاق سراح فوري كل من تم سجنهم في الحملة الأخيرة من الاعتقالات. حيث شهدت الأشهر الثلاثة الماضية أوسع حملة اعتقالات منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم بعد انقلاب عسكري عام 2014.
وتم اعتقال 25 صحفيا على الأقل منذ أوائل شهر أيلول/سبتمبر الماضي حسب بحث صادر عن المعهد. فيما لا يزال 61 صحفيا خلف القضبان في مصر مما يجعل من جمهورية مصر العربية أحد ثلاث أكبر معتقلين للصحفيين في العالم خلال العام 2019.
محمد حسين الصحفي المصري من فضائية الجزيرة لا يزال مسجونا منذ ثلاث سنوات في حين أمضي الصحفي عبد الله شوش 2,200 يوم خلف القضبان، في حين يقبع إسماعيل الإسكندراني في السجن منذ 1,400 يوم، كما واختفى في 3 ديسمبر كانون أول الحالي الصحفي محمد بدر رئيس نقابة الصحفيين المصرية سابقا لعدة أيام قبل إطلاق سراحه حسب ما أفادنا به أحمد العطار منسق اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات، ولاتزال أوضاعه غير معروفة وتنكر السلطات معرفتها لمكان وجوده الحالي. وكان بدر اعتقل عام 2017 على خلفية تهم ذات طابع سياسي وانضمامه لمنظمة إرهابية، وبعد سنة ونصف من السجن أمرت المحكمة الجنائية بإطلاق سراحه في 24 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي. وفي اليوم التالي تم نقل بدر إلى مقر شرطة الجيزة حيث زاره أعضاء عائلته، وبعد ساعات قليلة اختفى تحت ظروف غير معروفة، الأمر الذي أثار مخاوف من عودة عمليات "الاختفاء" فيما يتعلق بسجن خدمات الأمن المعروف. وبالرغم من المطالبات بمعلومات حوله، تنفي الشرطة ومكاتب المدعي العام المصري ووزارة الداخلية المصرية معرفة أي معلومات عن مكان وجوده كما أعلمنا العطار.
"القضية الأخيرة لاختفاء قسري هي مؤشر جديد على السياسات القاسية للسلطات المصرية والتي تقمع الصحفيين وإجبارهم على الصمت"، يقول رافي براسدا مدير دائرة كسب التأييد في معهد الصحافة الدولي. "البعض في مصر لم يقبل بإطلاق سراح محمد بدر وكانوا مستعدين لسحق أنظمتهم القانونية لضمان بقائه في السجن". واستمر بالقول " لمرة إضافية هذا العام تحتل مصر موقع وجود أكبر السجون للصحفيين في العالم. وعلى السلطات المصرية إنهاء قمعها للصحفيين وضرورة إطلاق سراح من هم خلف القضبان."
فترة السجن تستمر لمدة طويلة ومؤخرا، طالت حملات الاعتقال العديد من الصحفيين. ففي 26 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، ظهر الصحفي حسن القباني أمام محكمة أمن الدولة بعد 70 يوما من الاختفاء القسري، يقول العطار. وتم إلصاق تهمة العضوية لمجموعة إرهابية وتوزيع معلومات كاذبة بحقه. كما وقامت وكالة الأمن القومي بإعادة اعتقال القباني في 17 سبتمبر/أيلول الماضي بعد أن تم استدراجه للوصول إلى مقر القيادة العامة لوكالة الأمن القومي في القاهرة. وفي 3 ديسمبر/كانون أول تمت إعادة اعتقال المدون محمد إبراهيم، وتمديد اعتقاله لخمسة عشر يوما إضافيا. وبعد يوم واحد تم تمديد اعتقال خالد داود وهو صحفي ونائب رئيس الحزب الدستوري الليبرالي. ووجهت لهما تهما مماثلة وهي الانضمام لمنظمة إرهابية ونشر معلومات كاذبة وسوء استخدام لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم توقيفهم إدارياً. في 8 ديسمبر/ كانون أول الحالي، أمرت محكمة أمن الدول باستمرار الاعتقال الإداري لمدة 15 يوما بحق الصحفية إسراء عبد الفتاح وبذات التهم، حيث تم نشر معلومات حول تعرضها للتعذيب في السجن. وفي الأسبوع الماضي جددت الناشطة إضرابها عن الطعام بسبب سوء معاملتها، حسب ما أفاد به العطار. وقبل يوم جددت السلطات اعتقال الزوجين حسام السيد وسولافا مجدي لخمسة عشر يوما على خلفية ذات التهم. الزوجان تم اعتقالهما من قبل رجال أمن بلباس مدني في مدينة الجيزة قرب العاصمة القاهرة في 26 نوفمبر/تشرين أول الماضي. والجدير بالذكر أنهما أصدقاء عبد الفتاح.
وكانت أكبر عملية اعتقال تمت في أنحاء واسعة من مصر في 20 سبتمبر/أيلول. ورغم تراجع حدّة التظاهرات المناهضة للرئيس السيسي، إلا أن اعتقال الصحفيين تواصل في إشارة واضحة أن النظام لا يتحمل أي نقد من قبل أي طرف. في 28 نوفمبر "اختفى" الصحفي أحمد شاكر من مجلة روز اليوسف. ولا يعرف أحد أين هو حاليا. ليس من المستغرب أن يختفي صحفيون في السجون المصرية لعدة أسابيع كما من المعروف وجود حالات عديدة من التعذيب. عند الاعتقال، لا توفر السلطات المصرية عادة ضمانات المحاكمة العادلة، وحتى المحاكم أصبحت غير مهنية في أداء عملها. فالكثيرون يتم اعتقالهم لسنوات دون توجيه تهمة رسمية، ويتم منعهم من حقهم بتوفر محام قانوني لهم.
في تطور خطير منع نائب رئيس معهد الصحافة الدولي من دخول مصر وهو انعكاس مزعج لعدم قدرة مصر على تقبل آراء معارضة.
داود كتاب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمعهد الصحافة الدولي ومدير عام شبكة الاعلام المجتمعي في العاصمة الأردنية عمّان، منع من دخول مصر عند وصوله إلى مطار القاهرة الدولي لحضور مؤتمر مختص بالشفافية للمؤسسات المسيحية في مصر.
في رسالة موجهة للسفير المصري في استراليا همر يوسف، احتج معهد الصحافة بشدة معربا عن قلقه من أن ذلك قد يكون شكلا من أشكال الانتقام لانتقاد المعهد غياب احترام حقوق أساسية في مصر. وصل كتاب مطار القاهرة الدولي قادماً من عمان، لحضور مؤتمر حول الشفافية في المؤسسات المسيحية في مصر. ورغم أن مسؤول الجوازات ختم جواز سفره في البداية بالموافقة، إلا أنه استفسر لاحقا عن سبب الزيارة. ويعتبر كتاب صحفي مخضرم ومعروف، وأعلم المسؤولين بأن زيارته لمصر لم تكن بهدف عمل صحفي. وبعد الاتصال بمنظمي المؤتمر تم الطب من الصحفي كتاب الانتظار قبل إبعاده بعد عدة ساعات إلى عمان. "إن إبعاد داود كتاب مؤشر أن الحكومة المصرية تستهدف كل من يرفع صوته ضد القمع الذي يتعرض له الصحفيون في أي بلد،" يقول برادسا. "إن استمرار الاختفاء والتوقيف العشوائي في مصر قد خلق جوا من الخوف في الدولة."