معركة الحسم تتصاعد مع حمى ليلة الانتخابات

الرابط المختصر

تتصاعد حدة السباق نحو البرلمان بين المرشحين مع آخر ليلة من فترة الحملة الانتخابية بانتظار لحظة الحسم التي باتت قريبة مع بزوغ فجر الصباح ليوم غد.

لن تهدأ عمان ذات الأغلبية في مقاعد المجلس ولا حتى بقية المدن في المملكة من الحراك الذي يدور في اللحظة الأخيرة؛ وهي الحاسمة للمرور إلى قاعة مجلس النواب السادس عشر، فالشعارات سوف تتساقط كما هي أوراق الخريف.

كل القوى والأحزاب ستحشد قواها عشية الانتخابات لتجميع أكبر عدد من الأصوات، وخاصة أنه لأول مرة في تاريخ الانتخابات الأردنية تعلن قوى حزبية عن برامجها ضمن كتل مجتمعة في غياب تجمع كبير؛ كان له حضوره وله مؤيدوه على الساحة المحلية، يغيب الآن عن خوض الانتخابات، وبنفس الوقت يعمل على حشد قواه ولو سرا لعدم ذهاب الناس إلى صناديق الاقتراع.

ينشط المرشحون مع حمى ليلة الاثنين ليجمعوا أكبر عدد من الأصوات، وخاصة أنه ليست هناك أصوات مضمونة، فنحن لسنا كما بقية الدول الغربية ذات الديمقراطيات العريقة التي تعرف أي الأحزاب التي ستحصل على نسبة كبيرة من الأصوات، وأي الأحزاب التي ستمنى بشر هزيمة في الانتخابات، ولكن أكثر ما يعول المرشحون على أصوات العشيرة التي تجدها في الغالب غير موحدة وأصواتها مبعثرة، وأحيانا لا تستطيع أن تصل بمرشحها إلى البرلمان وبعدها نلتفت إلى أشياء أخرى.

كما أن غياب مراكز الاستطلاع والرأي العام يجعل المرشح يعمل حتى آخر لحظة وحتى الثواني الأخيرة في السباق ليصل إلى سدة البرلمان، لأن مثل هذه المراكز تلعن عن نتائجها وفقا لاقتراب الأحزاب من هموم الموطنين ومشاكلهم، وهذه ليست متوافرة لدينا، لأن أحزابنا لم تنجح في الأصل في استقطاب الأعضاء، ولم تبنِ تحالفات قوية لتمضي بأداء مهامها لتحقيق مطالب الناس التي من واجب المرشح أو النائب مستقبلا أن يحملها معه إلى قبة البرلمان.

في هذه الليلة لن يدقق المرشحون في اللافتات التي بدت تتناثر على جنبات الطرق أو الصور الممزقة أو انمحت أو تلاشت عبارات كانت تضاء بخطوط لامعة، ومنها ما كتب عليه عبارات غير سوية، إنما سيعمل هؤلاء على تنشيط حراكهم التواصلي مع معظم الناس وبكافة فئاتهم، وخاصة التجمعات الكبيرة منها كي يأخذوا وثيقة المبايعة الأخيرة.

ربما في هذا الليل الطويل يستطيع المرشحون أن يعملوا على إيقاظ الأصوات النائمة وهي الأغلبية من المواطنين، التي يمكن أن تتحول إلى حالة من النقيض، فتخرج من حالة السكون ولو مؤقتا إلى حالة من التفاعل مع طروحات اللحظة الحاسمة، وهي لحظة مهمة في عملية الاختيار، إذ أن فئات كثيرة من المجتمع لم يصلها المرشحون ولم يتعاطوا معهم، وتناسوها وظلوا يرددون تلك الاسطوانات التي يعتقدون أنها يمكن أن تحسم المعركة مثل المرأة والشباب، فيما أن هناك فئات لم يتبنوها، وهي بالآلاف ويمكن أن يكون لها دورها في عملية الحسم ولو في اللحظة الأخيرة؛ مثل السائقين والعمال والمزارعين والبائعين وغيرها من الفئات التي لم تتذكرها حملات المرشحين الانتخابية.

ربما لم يتدارك المرشحون أن اللافتات التي وضعت في عمان وبقية المدن كانت في الشوارع العامة، وقد تسمر المرشح تحت شجرة وارفة الظلال واتخذ موقعا على مرأى من السائقين قبل المشاة متناسيا من استظل بها بتواضع جم، ليدهش رسول كسرى، فيما لم يتنبه هؤلاء المرشحون الى العيون التي تمر الى جانبها في حالة من اللامبالاة تحتاج الى من ينقلها الى حالة التفاعل كي تكون شريكا مهما في العملية الانتخابية.

لم تفرز بعد اتجاهات المواطنين أو الناخبين - رغم البعد العشائري الذي يستند إليه أغلب المرشحين للمجلس- أسماء الفائرين، فهؤلاء لم تفرزهم الاستطلاعات ولا قياسات الرأي العام، ولا حتى الإجماع العشائري، لذلك فإن الفرصة مهيأة الآن لإظهار صوت الأغلبية لتقول كلمتها في هذه المعركة الديمقراطية نحو البرلمان السادس عشر.

ليلة الانتخابات هي لحظة القياس الحقيقي لمعرفة توجهات الناس ورغباتهم، والاقتراب من همومهم ومشاكلهم أكثر وربما هي اللحظة المصيرية.