مطالبات للحد من تداعيات رفع أجور الأطباء على المواطنين
بعد الزيادات الكبيرة التي طرأت على لائحة الأجور الطبية مؤخرا، يؤكد الأربعيني أشرف، أن ذلك سيدفعه لعدم مراجعة العيادات الطبية إلا إذا كان وضعه الصحي سيئا جدا، أو اللجوء إلى الطب الشعبي نظرا لأسعاره المنخفضة، مقارنة بـ الكشفيات الطبية التي تصل كلفتها إلى ما يفوق عن 25 دينارا ومرشحة بالزيادة بعد هذا القرار.
أما العشريني علي يقول إنه لا يعترض على زيادات أجور الأطباء، ولكن يجب أن تكون ضمن أرباح معقولة، تتناسب مع الأوضاع والظروف الاقتصادية المتردية بشكل كبير خلال السنوات الماضية، مطالبا الحكومة بضرورة إيجاد بدائل والعمل على شمول كافة الأردنيين بالتأمين الصحي الشامل .
وأيضا تعبر العشرينية حلا عن قلقها من أن الأشخاص الذين لا يملكون تأمينا صحيا سيضطرون خلال فترة مرضهم دفع مبالغ اضافية، مما قد يمنعهم ذلك من زيارة الطبيب ويزيد من تفاقم أوضاعهم الصحية، كما أن عدم وجود تأمين صحي سيشكل ضغطا ماليا كبيرا وعبئا على الأشخاص الذين يعالجون أنفسهم، مما قد يدفعهم للتغاضي عن المرض في حال عدم وجود تأمين يغطي احتياجاتهم من العلاجات الطبية.
ورفعت الحكومة لائحة أجور الأطباء الجديدة لسنة 2024، بنسبة زيادة قدرها 60 % على جميع الإجراءات الواردة في لائحة 2008، على أن تقسم على 3 سنوات، وبواقع 20 % لكل سنة.
هذه الزيادة غير المبررة تأتي في وقت لا يحصل فيه ما يقارب 2 مليون مواطن على تأمين صحي، الأمر الذي لم يراع الوضع الاقتصادي والقوة الشرائية للمواطنين غير المؤمنين أو الكلف الإضافية التي سيتكبدونها أثناء تلقيهم العلاج.
يعتبر خبير التأمينات موسى الصبيحي أن هذه الزيادة تأتي في وقت غير مناسب، حيث أن الظروف الاقتصادية للأفراد والشركات غير مستقرة، مما يزيد من معاناة الأسر بشكل غير مسبوق.
ويشير إلى أنه قد تلجأ شركات التأمين التي توفر خدماتها للموظفين والمتقاعدين إلى تقليص منافع التأمين الصحي وتقليل عدد الزيارات الطبية، خاصة للعيادات المتخصصة، للحفاظ على تكاليف التأمين ضمن حدود الميزانية المخصصة، دون إضافة أعباء إضافية، مما يؤثر سلبا على الأطباء والموظفين وعائلاتهم.
كما سينخفض الإقبال على العيادات الخاصة من قبل غير المؤمنين صحياً، حيث سيتوجه كثيرون إلى الصيدليات للاستشارة مع الصيادلة والحصول على الدواء المناسب، بدون استشارة طبيب، مما يؤثر سلباً على جودة الرعاية الصحية ويرفع الضغط على عيادات الأطباء.
ارتفاع غير مبررة
من بين الاحتجاجات الرافضة لهذا القرار الحكومي، أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن رفض تعديلات لائحة الأجور الطبية لعام 2024، مع الاحتفاظ بكافة الحقوق واتخاذ أي إجراءات قانونية تكفل حماية حقوق الجهات التي يمثلها الاتحاد.
ويشير الاتحاد في بيانه إلى أن الزيادات الكبيرة على أجور الإجراءات الطبية، والتي يصل بعضها لما يزيد عن 500% إضافة إلى زيادة الكشفيات الطبية وأجور الإشراف الطبي بنسبة 100%، إضافة إلى استحداث إجراءات جديدة موجودة أساسا بلائحة الأجور الطبية لعام 2008، لم تراعي الوضع الاقتصادي والقوة الشرائية للمواطن غير المؤمن أو الكلف الإضافية التي سستتكبدها صناديق التأمين الصحي لدى الشركات الكبرى والنقابات والمؤسسات الخاصة حيث جاءت هذه الزيادات خارج حدود المنطق والقدرة على تحملها.
كما طالب المرصد العمالي الأردني الحكومة باتخاذ إجراءات موازية لزيادة أجور الأطباء التي نشرت في الجريدة الرسمية مؤخرا، تُمكّن العاملين والعاملات وبخاصة في القطاع الخاص من متوسطي ومنخفضي الدخل من تحمّل تلك الزيادات على تكاليف الرعاية الصحية.
ويصف مسؤول الإعلام والاتصال في المرصد العمالي مراد كتكت هذا الارتفاع بغير المبرر، مشيرا إلى أن الأجور السابقة كانت معقولة وتتناسب نوعا ما مع دخول المواطنين، مطالبا الحكومة كما رفعت أجور الأطباء، فعليها أيضا زيادة أجور العمال لتمكينهم من تحمل هذه الأعباء الجديدة، وضمان حقهم في الرعاية الصحية.
موجة جديدة من التضخم
وكفلت الأنظمة والقوانين حق الرعاية الصحية للمواطنين، وصادق الأردن على عدد من المواثيق الدولية التي تحمي حقوق الإنسان والصحة، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين، واتفاقيات جنيف، واتفاقيات القضاء على التمييز العنصري ضد المرأة، والإعلان الخاص بالمعوقين، والميثاق العربي لحقوق الإنسان.
المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش يقول بأنه بلا شك، هذه الزيادة كبيرة، على شريحة واسعة من العمال والمواطنين ممن يعانون من ظروف اقتصادية صعبة، مستهجنا كيف يمكن للحكومة أن تؤجل زيادة الحد الأدنى للأجور، بينما توافق على زيادة لائحة الأجور للأطباء بنسبة 60% متوزعة على مدار ثلاثة أعوام، مما يجعل هذه الزيادة لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية لبعض المواطنين.
ويشير إلى أن ذلك سينعكس أيضا على الأشخاص الذين لديهم تأمين صحي، حيث سترفع شركات التأمين التكلفة عليهم نتيجة تعاملها مع الأسعار الجديدة، مما سيدخلنا في موجة جديدة من التضخم في الأسعار، معتبرا أن هذا الأمر سيقلل من جودة الأداء الصحي وسيزيد من التكلفة المالية على القطاع الصحي الحكومي الذي يعاني بالأصل من تحديات كبيرة.
وفي محاولات لتحسين الواقع الصحي في المملكة، قامت وزارة الصحة بإطلاق استراتيجية للأعوام 2023 الى 2025، والتي تشمل 8 محاور، وتقوم على توفير منظومة صحية متكاملة تعزز صحة الفرد والمجتمع وتقدم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والتأهيلية التلطيفية الآمنة بعدالة وجودة وكفاءة.
وتتمثل المحاور الرئيسة التي تقوم عليها الإستراتيجية في تحسين مستوى خدمات الرعاية الصحية الأولية، وتحسين مستوى خدمات الرعاية الثانوية والثالثية، وزيادة كفاءة وفاعلية الموارد البشرية، إضافة إلى تطوير وزيادة كفاءة وفعالية ادارة البنية التحتية والتزويد وضمان استدامتها، والتوسع في التغطية التأمينية وزيادة كفاءة وفعالية ادارة الموارد المالية.
إلا أن هذه الاستراتيجية واجهت العديد من الانتقادات من قبل خبراء مختصين في مجال الرعاية الصحية لعل أبرزها عدم توفر دراسات حقيقية تبين حجم المشاكل التي تواجه القطاع الصحي وافتقارها لجهة متخصصة في دراسة القطاع الصحي بشكل كامل، وهو ما يعيق وضع استراتيجية حقيقية لتنمية هذا القطاع.