مطالبات بتنفيذ "الاعدام المدني" بدلا من عقوبة حبس المدين 

الرابط المختصر

 

ما زال قرار منع حبس المدين يثير جدلا واسعا في الشارع الأردني، ما بين مؤيد ومعارض له، خاصة مع اقتراب انتهاء فترة سريان قرار أمر الدفاع، وسط مطالبات بتنفيذ الإعدام المدني بدلا من حبس المدين، وذلك لتحقيق حقوق الدائنين وتجنب اكتظاظ مراكز الإصلاح والتأهيل.

 

وفي حال توقف تطبيق قانون الدفاع مع نهاية شهر نيسان الحالي، الذي أقرلمراعاة ظروف المواطنين الاقتصادية بسبب تداعيات جائحة كورونا، فإن هذا الإجراء قد يؤدي إلى حبس المدين وتنفيذ الأحكام بحق آلاف الأشخاص، مما يزيد من أعداد المدينين ويزيد الضغط على السجون.

 

وتبين الأرقام المذكورة أن عدد المدينين يصل إلى 158 ألفا، وأن معظمهم لديهم ديون بأقل من 20 ألف دينار، ويوجد في مراكز الإصلاح والتأهيل 122 شخصا، بسبب قضايا مالية و32 شخصا بسبب قضايا شيكات.

 

مديرة مركز وعي لحقوق الإنسان المحامية تغريد الدغمي، تقول إنه إذا تم تطبيق القرار، فسيتم العمل بموجب قانون التنفيذ الذي ينص على عدم حبس المدين إذا كان إجمالي الدين المستحق أو المحكوم به أقل من 5 آلاف دينار، شرطا أن لا يكون الدين بدلا للإيجار أو في القضايا العمالية.

 

وتشير الدغمي إلى أن الأرقام المذكورة تقابلها أضعاف من الدائنين الذين لم يقدموا مطالباتهم بسبب قرار امر الدفاع، وأن وقف التنفيذ سيؤدي إلى تحريك العديد من القضايا، مما سيضع ضغطا على المحاكم ومراكز الإصلاح والتأهيل لتسوية الديون الكبيرة.

 

وبالرغم من أن قانون التنفيذ الصادر في عام 2022 لم يحدد بدائل لضمان حق الدائن في استرداد الديون، فإن الحكومة يمكنها اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية حقوق الدائنين، مثل استخدام الإعدام المدني الذي يتبعه العديد من الدول، بحسب الدغمي

 

بالنسبة للشخص المدين، فإنه لا يستطيع تقديم أي معاملة حكومية، مثل تجديد الرخص أو فتح حساب بنكي، إذا كانت هناك قضايا مالية قيد المحاكمة ضده، وينطبق عليه مبدأ الإعدام المدني الذي يحرمه من ممارسة أي حقوق مدنية حتى يتم استيفاء ديونه، ويعتبر ذلك من أجل حفظ حق الدائن في استرداد ما يستحقه.

 

 

نظرة إلى قانون التنفيذ الجديد

 

ينص قانون التنفيذ الجديد للعام 2022، في مادته (22)، على أنه يحق للدائن حبس مدينه بحال لم يسده الدين، أو لم يعرض عليه تسوية، تتناسب مع قدرته المادية، وذلك خلال مدة إخطاره، بشرط ألا تقل الدفعة الأولى من الوفاء، بموجب التسوية عن 15 % من المبلغ المحكوم به. وينبغي ألا تتجاوز مدة الحبس 60 يوما في السنة الواحدة عن دين واحد، و120 يوماً بحال تعددت الديون.

 

كما جاء في المادة (23) من القانون ذاته، بأنه من غير الجائز حبس موظفي الدولة، إضافة لمن لا يكون مسؤولاً بشخصه عن الدين، وكل من المدين الذي لم يبلغ بعد سن الـ18 عاماً، والمدين المفلس، والمجنون. والمرأة الحامل، لحين انقضاء 3 أشهر بعد وضعها، وأم المولود إلى أن يتم السنتين من عمره.

 

وبحسب القانون، فانه لا يُحبس المدين، إذا قل المبلغ المحكوم به عن 5 آلاف دينار، أو المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس، والمدين المعسر، والمحجور عليه للسفه أو الغفلة، والذي وثق دينه بتأمين عيني، أو إذا ترتبت على حبس المدين آثار اجتماعية سلبية وضرر بأفراد عائلته، وذلك بعدم حبس الزوجين معاً، أو إذا كان زوج المدين متوفى، أو نزيل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل، إذا كان لهما ابن يقل عمره عن 15 سنة أو من ذوي الإعاقة، إضافة إلى المدين المريض، أو إذا كان المحكوم به ديناً بين الأزواج أو الأصول أو الفروع أو الإخوة، ما لم يكن “نفقة”، أو إذا كان الدين موثقاً بتأمين عيني، أو إذا ثبت وجود أموال للمدين كافية لأداء الدين وقابلة للحجز عليها.

 

حبس المدين يكلف الحكومة

 

لا يمكن الحديث عن البعد الاقتصادي بعيدا عن البعد الاجتماعي، حيث أن الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعاني منه العديد من المواطنين يتسبب في تفاقم الفقر والبطالة بشكل كبير نتيجة جائحة كورونا. 

 

فإلغاء قرار أمر الدفاع سيجعل الكثير من الأشخاص غير القادرين على تسديد التزاماتهم المالية في وضع يجبرهم على الإقامة في مراكز السجون والإصلاح، وبالتالي تسبب تكاليف وخسائر إضافية للحكومة قد تصل إلى ملايين الدنانير سنويا، كما يرى الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي.

 

ويمكن تقليل التداعيات السلبية لهذه المشكلة من خلال توعية المجتمع بالعدالة التصالحية، وذلك عن طريق إقامة دورات ونشر رسائل إعلامية، وتوعية الدائنين بتحديد جدول زمني لسداد الديون لحل هذه المشكلة، والعمل على تحسين الوضع الاقتصادي للأفراد مما يساهم في الإصلاح المجتمعي والفردي.

 

ويتعين على الحكومة وضع استراتيجيات للتغلب على مشكلة الفقر والبطالة من خلال توفير فرص عمل وإنشاء مشاريع اقتصادية للحد من هذه المشكلة، وفقا لتوصيات الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي.

 

وكانت مديرية البحث الجنائي قد نشرت تقريرا مؤخرا، يشير الى زيادة ملحوظة في جرائم الاحتيال والأموال، والتي تعتبر من بين الجرائم الأكثر ارتفاعا خلال العامين الماضيين، الامر الذي يرجعه خبراء اجتماعيون إلى التدهور الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر والبطالة، مما يضعف الظروف المعيشية للناس وقد يدفع البعض إلى اللجوء إلى الجريمة.

 

ووفق التقرير الاحصائي، فقد تصدرت جرائم الأموال المشهد بواقع 15395 جريمة، ووصل عدد الجرائم المرتكبة في 2022 نحو 22895 جريمة مقابل 20991 جريمة عام 2021، وبمعدل ارتكاب جريمة واحدة كل 22 دقيقة و57 ثانية، فيما بلغت نسبة الاكتشاف 92.89 %. 

 

كما كانت جرائم الأموال الأعلى ارتكابا العام الماضي بواقع 15395 جريمة، وتوزعت في العام الماضي إلى 7773 جريمة سرقة جنحوية، ثم 4060 جريمة احتيال، و2826 سرقة جنائية، و422 سرقة للسيارات، و314 شروع، تلتها الجرائم الواقعة على الإدارة العامة، بواقع 2285 جريمة.