مشاركة المرأة في الانتخابات هل تتجاوز العقبات؟

الرابط المختصر

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية يعود الحديث حول مشاركة المرأة السياسية وترشحها لمناصب مختلفة في الدولة إلى السطح مجددا وحول قدرة المرأة خوض الانتخابات رغم المعوقات المجتمعية والثقافية والاقتصادية.

النائب السابق أدب السعود في مجلس النواب لعام 2003, تقول إن "أول صعوبة واجهتها كانت كيفية الترشح وإقناع محيطها بهذا الترشح وسط مجتمع محافظ تنص ثقافته الدينية على أن مشاركة المرأة في السياسة حرام وثقافته المجتمعية على أن المرأة لها وظائف محددة تبدأ في وقت محدد وتنتهي في وقت محدد."

 

وتضيف السعود أن" العائق الاقتصادي أيضًا ثاني أكبر العوائق أمام ترشح المرأة فهي بحاجة لإدارة حملة انتخابية ودفع رسوم وتقديم خدمات وتحتاج مقرًا ووسيلة نقل, وعدد النساء صاحبات رؤوس الأموال قليل جدًا خصوصًا في مناطق الأطراف في الأردن. فالمرأة عادة مرتبطة برجل في دخلها ولا تمتلك استقلالية من الناحية مالية. وتقول إن ما يزيد الأمر صعوبة اعتقاد الناس بأنه من لا يمتلك القدرة المالية للترشح فلا يفعل, على عكس الدول الغربية التي تقوم على جمع التبرعات للمرشح."

 

وتؤكد السعود أن "نظرة المرأة لنفسها وغيرها من الإناث تشكل عائقًا كبيرًا في عملية الترشح", فالنساء لا يثقن في قدرة المرشحات على القيام بالواجبات العامة بكفاءة, وتضيف "ربما بدأت هذه الصورة بالتلاشي لكن لا أنكر استمرار وجودها",

وربما يكون المانع في بعد الأحياء أمام دعمهن للمرشحات أنهن لا يستطعن دعم مرشحة من عشيرة أخرى لأن الأولى بصوتها هي عشيرتها حسب الثقافة العشائرية.

 

ويبلغ عدد النساء المترشحات لمجلس النواب في السنوات الماضية بلغ 642 امرأة, وفي دورته الأخيرة عام 2016 وحدها وصل إلى 252 امرأة مترشحة, حصلت 15 منهن على مقاعد في الكوتة و5 منهن على مقاعد عن طريق التنافس بحسب الهيئة المستقلة للانتخاب.

 

وتعقيبًا على ما سبق  تقول وزير الدولة السابق أسماء خضر أن "التنميط" أحد أبرز العوائق أمام مشاركة المرأة السياسية, فجعل السياسة بالنسبة لها أمر ثانوي وحصرها بوظائف محددة, ثقافة ما زالت سائدة بين الجنسين. وتتابع "أنه في بعض الأحيان تقف الخبرة والتجربة في الحياة العامة كعائق أمام المرأة, لذا لابد من المشاركة في الانتخابات المحلية والبلدية لكسب هذه الخبرة والانطلاق بعدها لمناصب عليا في الدولة".

 

أما من الناحية القانونية فتقول المحامية اسراء محادين المدير التنفيذي لقلعة الكرك للاستشارات والتدريب أنه لا يوجد في القانون ما يميز بين المرأة والرجل في المشاركة في الحياة السياسية, لكن العوائق لأي مجلس منتخب تكون حول آلية اختيار المرشح التي تكون حسب تركيبة العشيرة أو من خلال شراء الأصوات في بعض الأحيان. وفي حال الاختيار بناء على تركيبة العشيرة فالأمر يأخذ منحيين, المنحنى الأول هو الإجماع العشائري الذي نادرًا ما يكون لمرشحة إلا في حال كانت نسبة حصولها على مقعد ضئيلة, فحينها تأخذ الأمور منحى ثانيًا وهو الكوتة لضمان الحصول على مقعد في المجلس.

 

فمن هنا تؤكد محادين أن هناك حلقة مفرغة نتوه فيها وهي أن لا قوانين تمنع أو تحد من مشاركة المرأة في الحياة السياسية لكن بالمقابل لا يوجد تشريعات تحد من العنف الانتخابي ضد المرأة أو تشريعات تحمي حق المرأة بالمشاركة في الحياة السياسية بطريقة فاعلة.

بالرغم هذه العوائق المذكورة توضح المحامية محادين أن الاهتمام لا يجب أن ينصب على عدد النساء في المجلس بقدر الاهتمام بوجود نساء كفاءات في المجلس, وهذا ينطبق على باقي الأعضاء.

 

لكن الوزير السابقة أسماء خضر ترى  أن عدد النساء في البرلمان الأردني غير كافي, لأن نسبة النساء في المجتمع الأردني وبين الناخبات هي تقريبًا النصف, وتؤكد على أن "صوت النساء يجب أن يكون مسموعًا في عملية صنع القراء" فالنساء يحملن وجهة نظر تشكل إضافة نوعية للأداء العام فبالتالي من حقهن أن يكون لهن تمثيل عادل. وهذا التمثيل يكون من خلال تخصيص مقاعد يطلق عليها مقاعد الحد الأدنى 30%. هذا النسبة تضمن وجود عدد من النساء يكفي للتأثير على القرارات, والمجتمعات الدولية التزمت بهذه التوصية كتوصية رئيسية.

 

تعود النائب السابق أدب السعود لتطرح حلولًا أمام هذه العوائق تتمثل في تغيير ثقافة الناس الديمقراطية والسياسية وتغيير ثقافتهم للتمثيل من خلال المدرسة والجامعة والمسجد والبيت ومن خلال وسائل الإعلام, أما من الناحية الاقتصادية فتذكر أنه يجب تمكين المرأة اقتصاديًا والتعديل على التشريعات لتصبح أكثر دعمًا للمرأة من الكوتة. فمثلا لو كان النظامًا حزبيًا فيجب أن ينص على ضرورة أن تتضمن قوائم الأحزاب المرأة في مراكز متقدمة بما يضمن وصولها وبعدد معين, ففي بعض دول مثل تونس تكون القوائم بالمناصفة بين المرشحين والمرشحات وترتيب النساء يكون امرأة رجل امرأة ورجل, ولا تكون المرشحات في نهاية القائمة. 

وأخيرًا دعم الأحزاب التي تراعي المساواة والمناصفة للمرأة في قوائمها كلها.وهذا ما تؤكده الوزير السابق أسماء خضر فترى أن أنماط الأنظمة والقوانين قد تكون مشجعة للمشاركة وقد لا تكون -مثل نظام الصوت الواحد-, هذا القانون مثلًا لا يساعد على انتخاب المرأة لأن المجتمعات تعطي أولوية للرجل عند وجود الصوت الواحد, لكن وجود خيارات أمام الناخبين تزيد نسبة التصويت للمرأة.

 

وتؤكد أيضًا على أهمية الاهتمام بالناخبات وليس فقط المرشحات لأن للصوت الواحد أثرًا على مستقبل المرأة وحرياتها ويسهم في تغيير الواقع الذي تشتكي منه النساء الأردنيات.

 

 

"مترددة من عودتي للمجلس رغم إيماني بأهمية الدور" هذا ما قالته السعود حول رغبتها بالترشح لمجلس النواب مرة أخرى. وتصرح "البعض يعاودون الاتصال بي ويخبرونني أنهم مستعدون للتصويت لي في حال ترشحي رغم امتناعهم في المرة الأولى بسبب ثقافتهم الدينية, فالفكرة التي كانت قائمة حول ترشح النساء

بدأت بالاضمحلال وأصبحت الكفاءة والقدرة على تحقيق مطالب الناس هي الأساس الذي يتم الاختيار بناء عليه من قبل الناخبين".

 

ومع زيادة الوعي حول ضرورة المشاركة الحقيقية والفاعلة للمرأة في الحياة السياسية يظل التساؤل قائمًا, هل مشاركتها ستكون في يوم ما مشاركة حقيقية بأصوات قنوعة؟ أم سيظل صوتها في كثير من الأحيان يظهر ما لا يبطن؟