مراقبون: "السلوك الوظيفية" ضرب لحركات الاحتجاج واحتواء لعدواها
مدونة السلوك الوظيفية التي أطلقتها الحكومة الاسبوع الماضي لم تخرج عن المادة 68 من نظام الخدمة المدنية فيما يتعلق بحظر اشتراك الموظف العام في أي اعتصام أو إضراب تحت طائلة المساءلة القانونية. ولكن ماقد يعتبره البعض بجديد في هذه المدونة ما تحمله من رسالة لا ما تضيفه من إجراءات عقابية.
قد يفهم البعض من هذه الرسالة الموجهة إلى قطاعات مختلفة، ولعل أبرزها المعلمين، أن الحكومة مقبلة على مرحلة اتخاذ العقوبات بحق المخالفين للمدونة من جهة، واحتواء عدوى الاحتجاجات من جهة أخرى.
الحكومة طرحت وحهة نظرها حول المدونة بعمومياتها دون الخوض في تفاصيل بنودها، حيث اعتبرت أن هدف مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة هو الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، والحد من البيروقراطية، والتركيز على تطوير الاداء.
النصيب الأكبر في مقالات الصحف ذهبت باتجاه انتقاد المدونة من عدة جوانب واعتبارها خطوة لضرب حركات الاحتجاج.
المحلل السياسي فهد الخيطان كتب أن الهدف المفضل لضربات الحكومة وقراراتها الاستفزازية بات هو القطاع العام فبعد التحركات الاحتجاجية التي شهدها هذا القطاع في الاشهر الاخيرة صبت الحكومة جام غضبها عليه "وعملت بكل طاقتها لاعادته الى بيت الطاعة"
وواقفه الرأي رئيس اللجنة التحضيرية لإحياء نقابة المعلمين مصطفى الرواشدة الذي تحدث عن توقيت إطلاق المدونة، من حيث تصاعد الاحتجاجات ليس على نطاق المعلمين وإنما بأشكال أخرى في عدة قطاعات "ما يثير مخاوف الحكومة التي تسعى من خلال هذه المدونة إلى إجهاض أي حركة مطلبية في المستقبل"
ويبدو أن الحكومة من خلال هذه المدونة ماضية في اتخاذ إجراءاتها العقابية بحق كل من يطالب بحقوقه، برأي الرواشدة الذي اعتبر أن مدونة السلوك لن تثني قطاع المعلمين وغيرهم عن ممارسة حقهم بالاحتجاج.
قد يطرح البعض أن عدداً كبيرا من موظفي القطاع العام ينضوون تحت مظلة نقابات مختلفة كالمهندسين والأطباء دون وجود إشكالات تذكر لديهم، ما يعني أن الحكومة ترتاب من بعض القطاعات التي تعتبرها حساسة للغاية.
الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء الدكتور باسم الكسواني قال أن الحكومة لن تستطيع اتخاذ العقوبات بحق جميع من يخالف المدونة أو نظام الخدمة المدنية، فهي لن تستطيع الدخول في عراك مع مختلف القطاعات والنقابات التي تطالب بحقوق منتسبيها العاملين في القطاع العام، ناهيك عن الإخلال بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الأردن في حال منع الاجتجاجات السلمية بهذه الطرق "القمعية".
في رؤية للظروف المحيطة لإطلاق مدونة السلوك، يرى الكاتب أحمد أبو خليل أن هنالك اتجاها بدأ يدخل إلى القطاع العام مفاده أنهم يملكون الحق والخيارات للمطالبة بحقوقهم ، ولذا فإن قيمة العقوبات التي قد تؤخذها الحكومة بحق المحتجين تعتمد على ردة فعل المحتجين أنفسهم
بعد إطلاق الحكومة لمدونة السلوك الوظيفية، أيقن مراقبون أن رحيل ما عرفوا بوزراء "التأزيم" والذين ساهموا في تصاعد الاحتجاجات لا يعني تغييراً بالسياسة الحكومية تجاه هذه الاحتجاجات، ما يعني أن مرحلة التأزيم سياسة حكومية ستلمسها القطاعات الحكومية المختلفة في الفترة القليلة القادمة.