القدس في الساعات الثمانية والأربعين والتي امضاها الرئيس الامريكي تحولت الى مدينة اشباح بكل ما في الكلمة من معنى ونقصد هنا الجانب الغربية وحتى القسم الاكبر من الجانب الشرقي القريب أي البلدة القديمة ،وخلت شوارع مركز المدينة بين الشرقية والغربية من المارة والسيارات سوى من السياح وسيارات الامن ، ورجال الامن الذين انتشروا في كل مكان بملابس مدنية، كما نصبت الشرطة مزيد من الكاميرات في القدس( وكأن المدينة بحاجة الى كاميرات ) ليصل عدد الكاميرات التي تراقب السكان الى اكثر من 200 كاميرا تراقب كل صغيرة وكبيرة في القدس مما افقد الانسان شعوره بخصوصيته !

ما علينا

المهم ، أن هذه الزيارة الاولى للرئيس اوباما بعد تسلمه ولايته الثانية تحمل رسالة واضحة فهي كما قال الرئيس اوباما بانه جاء للتحدث الى الشعب ( كما تحدث الى الشعب العربي في القاهرة في ولايته الاولى ) وعندما يتحدث الى الشعب فانه ربط هذا الشعب بتلك الارض وما اسماه الحق التاريخي ، بعد 3000 عام ، وبهذا فهو يريد ان يتصالح مع الشعب اليهودي بعد ما قاله في خطاب القاهرة المشهور، بان دولة اسرائيل اقيمت نتيجة الكارثة التي حلت لليهود في الحرب العالمية الثانية ، واليوم يريد ان يقول لهم انتم عدتم الى ارضكم بعد سنوات التشرد ..!! وتاكيدا على هذا التحول فإن اوباما إختار ان يذهب الى متحف اسرائيل لرؤية وثائق البحر الميت التي لها علاقة بالتوراة واكتشفها رعي غنم فلسطيني في كهف بالقرب من البحر الميت، وذهبت إلى صانع احذية في البلدة القديمة من القدس وكان ارمنيا وطلب منه ان يصنع له حذاء منها وعندما شاهدها صانع الاحذية والكتابة عليها عرف انها ذات قيمه واشتراها من الراعي الفلسطيني!

القائمون على الزيارة من الجانب الاسرائيلي حرصوا على ان يقوم الرئيس الامريكي بزيارة بطارية المنظومة الدفاعية المعروفة باسم القبة الحديدية والتي تقوم الولايات المتحدة بتمويلها حيث دفعت العام الماضي اكثر من 300 مليون دولار

هذه الزيارة اجبرت الشرطة الاسرائيلية على تخصيص اكثر من 15 الف شرطي للحماية على اساس 5 الاف شرطي في كل دورية على مدار الساعة، أما بخصوص تكلفة هذه الزيارة على الخزينة الاسرائيلية فانها وصلت الى اكثر من 4 ملايين دولار ، ولكن هذا المبلغ لا يساوي شئ امام تكلفة الزيارة بالنسبة للخزينة الامريكية ومن باب العلم بالشئ فان كل ساعة سفر بالطائرة الرئاسية تكلف الخزينة 180 الف دولار ، وللعلم ايضا فإن الرئيس اوباما سافر حتى الآن أكثر من 832 مرة حول العالم منذ تولية رئاسة الولايات المتحدة الامريكية( البقية عندكم )

الرئيس الامريكي طبعا لن يقيم إلا في فندق الملك داود التاريخي المعروف ، والذي استقبل كل الرؤساء والملوك منذ اربعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ، الرئيس وجماعته احتلوا اكثر من 233 غرفة في الفندق الذي يعتبر الأغلى فى اسرائيل ، ورغم أن الرئيس احضر معه الطاه الخاص به إلا أنه سمح لطباخ الفندق باعداد وجبه خاصة له ، وهذا من باب التقارب في العلاقات الامريكية الاسرائيلية ، ومن باب التقارب ايضا فان اوباما تناول الخبز غير المخمر المعروف باسم المتسوت والذي ياكله اليهود في عيد الفصح المقدس لديهم ! كما خصص الفندق 300 موظف للعمل على مدار الساعة لراحة الضيف الامريكي، ليس قبل ان توقع ادارة الفندق على عشرات الوثائق التي طلبت الادارة الامريكية تؤكد ان الفندق لا يستخدم منتوجات حيوانية إضافة إلى أنه يفى الموظفين حقوقهم من رواتب واشياء اخرى

وكيف يمكن انتكون الزيارة بدون الوقاحة الاسرائيلية المعروفة والتي وصلت الى البساط الاحمر وعبر الوزراء الذي احرجوا رئيس حكومتهم عندما طلب الوزير اوري ارئيل ( من قادة المستوطينين) من الرئيس الامريكي اطلاق سراح الجاسوس الامريكي جوناثان بولارد ، الرئيس تجاهل هذه الملاحظة من الوزير ومن وزير اخر، حيث علل ارئيل هذا التصرف غير الدبلوماسي بانه واجبه نحو يهودي شجاع

تنتهى الزيارة الرئاسية الامريكية لتسجل اسرائيل نقطة اخرى لصالحها في حربها الدبلوماسية حول العالم وتعود الحياة الى طبيعتها ، ليخيم التوتر عليها مرة اخرى ، انها القدس المتوترة الحزينة ...

وللحديث بقية