ما حظوظ المبادرة الأردنية لحل الأزمة في سوريا؟

تثار التساؤلات عن المبادرة الأردنية للبدء بعملية سياسية يقودها العرب بهدف حل الأزمة السورية استناداً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254، وخاصة لجهة حظوظ نجاحها ومدى استجابة النظام السوري لها.



وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد أكد في مقابلة مع صحيفة "ناشيونال" الإماراتية، أن بلاده تحشد من أجل "دعم دولي وإقليمي لعملية سياسية يقودها العرب"، لإنهاء الحرب المستمرة منذ 11 عاماً في سوريا، موضحاً أن العملية ستشمل السعودية ودولاً عربية أخرى.



ولفت الصفدي إلى استمرار العواقب المدمرة للأزمة السورية، مبيناً أن اللاجئين لن يتمكنوا من العودة لبلدهم في ظل سوء الوضع الاقتصادي بسوريا، معرباً في الوقت ذاته عن قلق بلاده من عدم الاستقرار الحاصل في الجنوب السوري على الحدود الأردنية.



وتأتي هذه المبادرة في ظل تزايد مخاوف الأردن من استمرار تدفق المخدرات (الكبتاغون) عبر الحدود السورية، وفي ظل استمرار حالة الفلتان الأمني وعدم الاستقرار في الجنوب السوري.



مبادرة برافعة عربية



وتعليقاً، يقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني زيد النوايسة إن دور الأردن يأتي مشاركة في تحرك عربي تشكل العراق ومصر والإمارات والجزائر روافعه، وربما لا تعارضه السعودية.



ويضيف النوايسة لـ"عربي21" أن الأردن من الدول المعنية أساسا باستقرار سوريا، وخاصة أنه تعرض خلال الأزمة السورية لاستهداف من قبل فصائل مصنفة "إرهابية".



ويؤكد الكاتب الأردني أن بلاده تعي تماما أن التعامل مع دولة وجيش رسمي أفضل بكثير من التعامل مع جماعات يصنفها القانون الدولي بـ"المجاميع الخارجة عن القانون".



إعادة إحياء الدور العربي



ووفق النوايسة فإن المبادرة لا تعبر عن تغير بالسياسة الأردنية، حيث حرصت عمّان منذ اندلاع الثورة على حل الأزمة ضمن الإطار العربي، قبل أن تتدخل بها أطراف إقليمية ودولية.



ويضيف أن الأردن يسعى إلى إعادة إحياء الدور العربي في الملف السوري مع الهدوء الذي تشهده الجبهات، ولا سيما أن الأردن من المستفيدين من حل الأزمة السورية، وهو الذي يستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري.



ووفق النوايسة فإن القمة العربية المقبلة في الجزائر ربما تحمل بعض ملامح التحرك الأردني الذي تسعى عمّان إلى إقناع الأطراف العربية به.



وفي الإطار ذاته، يرجح الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي أن تكون المبادرة الأردنية تحظى بدعم غربي وعربي.



ويضيف لـ"عربي21" أن توقيت طرح المبادرة قبل اجتماع القمة العربية المقرر في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، يؤشر إلى أن موقفا عربيا من النظام السوري سيُعلن خلال القمة.



ما حظوظ المبادرة؟



ومن وجهة نظر علاوي، فإن ما يحدد نجاح المبادرة من عدمه هو قوة الدعم الغربي والأمريكي على وجه الخصوص، وقدرة العرب على تسويق المبادرة والضغط للحصول على الموافقة الروسية عليها.



وبذلك، يعتقد علاوي أن الوقت بات ملائماً للدول العربية التي تمتلك أوراق قوة حالية بسبب حاجة الغرب للنفط، وكذلك حاجة الروس على خلفية الأزمة الأوكرانية.



بدوره يعتقد زيد النوايسة أن حظوظ نجاح هذه المبادرة تبدو أكبر من سابقاتها (المبادرات العربية)، مرجعاً ذلك إلى التبدل في المناخ الإقليمي والعربي والدولي.



ويوضح أن العرب لم يعد لديهم قناعة بجزء كبير من المعارضة السورية بعد تحولها لـ"معارضات متعددة"، كذلك هناك رغبة بعودة سوريا إلى حاضنتها العربية، ويكمل: "كذلك هناك مناخ إقليمي يتبدل، فاليوم هناك حديث عن اتفاق نووي مع إيران، وهذا سيلقي بظلاله على أذرع إيران وحضورها الإقليمي، وهو ما قد يؤسس لحالة هدوء في المنطقة يسعى لها كل الأطراف".



من جانب آخر، يلفت النوايسة إلى تبدل الموقف التركي من النظام، التبدل الذي فرضته عوامل داخلية وخارجية متعلقة بالتنسيق مع الروس والإيرانيين.



ويقول إن الأردن لم يقطع تواصله الأمني والعسكري والاستخباري مع دمشق، على امتداد الأزمة، وصحيح أن التواصل السياسي قد انقطع لكنه عاد منذ عامين وهناك زيارات مستمرة لوزراء من الجانبين.



وبالتالي تأتي المبادرة في إطار حرص الأردن على ممارسة دور إيجابي وفاعل لحل الأزمة تذهب فيه الدولة والفصائل المعتدلة إلى توافق سياسي يفضي إلى شكل جديد يتوافق عليه كل السوريين، كما يؤكد النوايسة.



وقبل أيام التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، في نيويورك، على هامش الاجتماع الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لبحث الأزمة في سوريا، وجهود التوصل إلى حل سياسي في البلاد.



 

وقالت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان، إنه جرى خلال اللقاء "بحث الجهود المبذولة للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية يضمن وحدة سوريا وتماسكها، ويحفظ سيادتها، ويعيد لها أمنها واستقرارها ودورها، ويخلصها من الإرهاب، ويهيئ الظروف اللازمة للعودة الطوعية للاجئين".

أضف تعليقك