ما الذي يجري بين الأردن وإسرائيل؟

"العلاقة مع اسرائيل في أدنى مستوياتها على الإطلاق"، هكذا يصف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني العلاقة مع إسرائيل بعد ربع قرن من السلام، لكن ما سر التدهور في العلاقات التي دفعت الأردن لإجراء مناورات عسكرية مؤخرا تحاكي غزوا اسرائيليا للمملكة؟

 

السر كما يجمع سياسيون وخبراء لـ"عربي21"، في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، التي لامست الأمن القومي الأردني بعزمها ضم أراضي فلسطينية في غور الأردن، والمس بالسيادة الهاشمية على المقدسات، والتوسع الاستيطاني المضطرد بدعم لا محدود من حليفة الأردن الولايات المتحدة الأمريكية.

 

اسرائيلي خلف القضبان الأردنية

 

مصدر اردني يقول لـ"عربي21" إن "غطرسة الحكومة الاسرائيلية وصلت الى حدود غير مقبولة في التعامل مع الأردن وصلت للتحريض على المملكة في المحافل الدولية، ومن هنا جاءت ردة الفعل الرسمية وكان اخرها المناورة العسكرية التي حملت محاكاة عسكرية، استخدمت فيها أسماء مدن فلسطينية".

 

الرسائل الرسمية الأردنية لاسرائيل كانت قاسية، إذ قامت السلطات الأردنية بمحاكمة علنية لمتسلل اسرائيلي دخل الحدود الاردنية بطريقة غير مشروعة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وظهر المتسلل كونستانتين كوتوف في مشهد لم يألفه الأردنيون "اسرائيلي خلف القضبان الأردنية" في وقت يقبع فيه 23 أسيرا أردنيا في سجون الاحتلال إلى جانب 30 مفقود منذ حرب عام 1967.

 

غطرسة نتنياهو

 

وزير الدولة لشؤون الاعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة، يقول لـ"عربي21"، إن "السياسة العنجهية الإسرائيلية لعبت دورا في توتر العلاقات"، حسب المعايطة تجاوزت هذه السياسية على كل ما يتعلق بالجانب العربي والفلسطيني، الى جانب ندية عالية في تعامل الملك عبد الله الثاني مع السياسة الإسرائيلية التي مست الأمن القومي الأردني مباشرة، خصوصا في ملف ضم غور الأردن وانتقال الاحتلال الى شطب مرحلة الحدود وهذا من الملفات المهمة في مفاوضات حول عملية السلام، وهذا قتل لقيام الدولة الفلسطينية والترويج لسيناريوهات الفدرالية أو الكونفدرالية والوطن البديل وحل المشكلة على حساب الأردن وفلسطين".

 

يعتقد المعايطة أن وجود نتنياهو في الحكومة الإسرائيلية زاد من التوتر في العلاقة الى جانب الدعم غير المسبوق الذي يتلقاه من ادارة الرئيس الأمريكي، ترامب، ودفع هذا الدعم نتنياهو لمزيد من الوقاحة في سياسته تجاه الأردن وفلسطين.

 

حدية في التعامل

الأردن الرسمي بدأ التعامل بحدية مع كل ما هو إسرائيلي إذ ذكرت وسائل إعلام عبرية الأربعاء أن السلطات الأردنية أخضعت أعضاء وفد إسرائيلي يضم نواب رؤساء مجالس محلية، لفحص الأمني مشدد عند زيارتهم الى مدينة البترا، في وقت سربت فيه وسائل اعلام اردنية أخبار نسبة لمصادر أن الحكومة تفاوض شركة جلوبال انيرجي حول مصير اتفاقية الغاز مع إسرائيل.

 

الكاتب الصحفي المقدسي المتخصص بالشأن الفلسطيني، داود كتاب، يتفق مع المعايطة في أن سبب السياسة الإسرائيلية لحكومة نتنياهو هي وراء سر التوتر، يقول لـ"عربي21"،التوتر سببه شعور الأردن بشكل عام هو الشعور بعدم احترام اسرائيل للمملكة واستقلاليتها وخاصة تراجع إسرائيل عن حل الدولتين وخطورة ضم مناطق في غور الأردن وشمال البحر الميت، مما يعني الغاء امكانية قيام الدولة الفلسطينية".

 

ويرى أن "الأردن وخاصة الملك شعر بخيانة إسرائيل ورئيس وزرائها للتفاهمات التي جرت عام 2014 مع نتنياهو وبحضور وزير خارجية أمريكا حينها جون كيري حول ضمان الوضع القائم في المسجد الاقصى وطريقة التعامل مع الحارس الاسرائيلي واعتقال اردنيين إداريا دون تهمة".

 

مواقف الأردن الرسمية تجاه اسرائيل مؤخرا تقاطعت مع المواقف الشعبية، ودفع ذلك حزب العمل الإسلامي، للاشادة في بيان صحفي الأربعاء بمناورة "سيوف الكرامة 2019"، ورأى أنها "تأتي انسجاماً مع الموقف الشعبي الذي يرى في الكيان الصهيوني العدو الأول للأمة".

 

مناورة عسكرية ما هي الرسالة؟

 

لكن ما الرسائل من وراء هذه المناورة؟ الخبير العسكري، اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، "اسرائيل تشن حرب غير معلنة على الأردن، من خلال بث دعاية خارجية بأن لاعمق استراتيجي ولا تستطيع التخلي عن غور الأردن والمرتفعات الغربية ، من هنا جاءت المناورة لتقول إن الأردن يستطيع الوقوف بوجه اسرائيل، وأن طبيعة الحروب اختلفت، والأردن مستعد للحرب والتكتيكات الحديثة من خلال التمرين وسياسة الأردن دائما الحفاظ على الاستقرار بالمنطقة وأي خلل في الجيوبوليتيك للأردن سيؤثر على كل المنطقة".

 

يتوقع أبو نوار أن تبقى العلاقات ستبقى سيئة طالما يبنى السلام على موازين قوى غير متساوية، في ظل السياسة الاسرائيلية الماضية في صفقة القرن في ظل تعاون دول عربية مع الاحتلال، والمساس بالوصاية الهاشمية والسعي لتهجير سكان الأراضي الفلسطينية.

 

أضف تعليقك