مالية النواب تقر الموازنة وعمان نت تنشر تقريرها

مالية النواب تقر الموازنة وعمان نت تنشر تقريرها
الرابط المختصر

أقرت اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب مشروعي قانون الموازنة العامة للدولة لسنة  2012 وقانون موازنات الوحدات الحكومية، وسلمت تقريرها إلى رئاسة مجلس النواب الاثنين ليدرج على جدول أعمال جلسة الاربعاء.

ومن المرجح أن يشرع المجلس بمناقشة القانون في جلسات مارثونية  ابتداء من الأحد القادم وحتى يوم الخميس، يتطرق خلالها النواب إلى الاوضاع الاقتصادية والمطالب المناطقية بالدرجة الاولى.

وبلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح ما يقارب مليار و27 مليون دينار، في حين بلغ إجمالي الإيرادات والمساعدات العامة لسنة 2012 (5810) مليون دينار بنسبة نمو (4%) عن موازنة إعادة التقدير لعام 2011.

ودعت اللجنة المالية في تقريرها الحكومة إلى ممارسة الولاية العامة على كافة موارد الدولة، مشددة على أنه "لم يعد ممكنا القبول بأي نفقات أو إيرادات تعقد خارج إطار الموازنة العامة للدولة".
ودعا التقرير إلى إعادة النظر في هيكلة المؤسسات المستقلة وفقاً لوظائف كل منها؛ إما بالدمج أو الإلغاء لتوفير التمويل اللازم للإنفاق الاستثماري المحفز للنمو الاقتصادي للمساعدة في استحداث وظائف جديدة لمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة.

هذا وشهد مشروع قانون الموازنة تسجيل مخالفة من عضو اللجنة المالية النائب ريم بدران على القانون بمجمله.

وفيما يلي نص التقرير:

معالي الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

تتشرف اللجنة الـمالية والإقتصادية بتقديم قرارها متضمناً ملاحظاتها وتوصياتها على ما جاء في كل من ؛ مشروع قانون الـموازنة العامة لسنة 2012 ، ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية لنفس العام، وما ورد في خطاب الـموازنة العامة الذي ألقاه معالي وزير المالية أمام مجلسكم الكريم يوم الأحد الـموافق الحادي عشر من كانون الأول لعام 2011، وذلك بعد دراسته وتحليله ومن ثم إجراء الحوارات والـمناقشات اللازمة مع الحكومة والأجهزة التنفيذية والفعاليات الـمختلفة في القطاع الخاص إضافة إلى الأخذ بعين الإعتبار تقارير اللجنة الـمالية والإقتصادية وتوصياتها السابقة.

وهنا تتشرف اللجنة بهذه الـمناسبة أن ترفع ومن خلال مجلسكم الكريم إلى حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الـملك عبدالله الثاني إبن الحسين آيات الولاء والإعتزاز لجهوده الـمستمرة داخلياً وخارجياً، وإلى التفاعل الـمستمر مع الفعاليات الرسمية والأهلية لقيادة عملية الإصلاح السياسي والإقتصادي، ومع شتى دول العالم والـمَحافل السياسية والإقتصادية والتي كان لها الأثر الأكبر والـمُميز في دعم الأردن مالياً وإقتصادياً وذلك لإثراء الحياة الإقتصادية لكافة الـمُواطنين في أماكن تواجدهم.

معالي الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

لقد أكد جلالة الـملك حفظه الله ورعاه في "خطاب العرش السامي" يوم الأربعاء الـموافق 26 تشرين أول للعام 2011 في إفتتاح الدورة العادية الثانية لـمجلس الأمة السادس عشر؛ على تكريس الركن النيابي للنظام، وعلى أن حزبية الحكومات قضية بيد الـمواطن والناخب الأردني، كما وأكد على تقديم كل أشكال الدعم لتعزيز عمل ودور الجهات الرقابية الـمختصة، وعلى تكريس العدالة في توزيع نصيب الـمحافظات من التنمية والـمشاريع والبرامج، وعلى إقامة صندوق تنمية الـمحافظات والتركيز على الخصائص التنموية لكل محافظة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص لـمحاربة الفقر والبطالة، كما وعبر جلالته يوم الأربعاء الـمُوافق 4/1/2012 عن القلق البالغ من الوضع الإقتصادي الحالى .

كما وأكدت الحكومة من خلال بيان الثقة الذي ألقاه دولة الرئيس الـمُوافق (23/11/2011) ؛ على القيام بتنفيذ كافة التوجيهات الـملكية الـمُشار إليها أعلاه في إطار البرنامج التنفيذي والتنموي للأعوام 2012/2014 والذي تم ترجمتها من خلال الـمُؤشرات والـمُرتكزات التي أوردها معالي وزير الـمالية في خطاب الـمُوازنة العامة. كما وأكد دولته يوم الأربعاء الـمُوافق 4/1/2012 على القيام بدراسة اتفاقيات الخصخصة خلال الثلاثة أشهر القادمة، وأن امتياز التعدين بلا قانون؛ يُعد شأناً غيرُ دستوري.

معالي الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

لقد أصبح واضحاً أن عجز الـمُوازنة العامة، والـمَديونية وأعباءها، والعجز في الحساب الجاري، وانخفاض الإحتياطات الأجنبية للبنك الـمَركزي من أهم الإختلالات الهيكلية والتحديات التي تُوجه الإقتصاد الأردني هذه الأيام.

وبالرغم من ذلك لا تزال الخطط الإقتصادية والتنموية للحكومات الأردنية الـمُتعاقبة عاجزة عن وضع الحلول الـمناسبة لتلك التحديات، وإذا كانت الحكومات خلال العقود الماضية قادرة على مواجهة بعض هذه الإختلالات بالحلول السياسية من خلال قدرات استثنائية على جلب الـمساعدات الخارجية عربية كانت أم غربية، فإن الأزمات المالية والإقتصادية العالمية الـمُتعاقبة تحول دون ذلك لآن.

وما يدلل على تلك التحديات، أن العجز الهيكلي الـمُزمن والدائم في الـمُوازنة العامة قد تعّمق وأصبح مُلازماً لكل البرامج الحكومية الإصلاحية، حيث لم تُعد الإيرادات الـمحلية قادرة على تغطية النفقات الجارية بـأكثر من (75%) لعام 2011 وبنسبة (84%) كما هو مُتوقع في عام 2012 مع الأخذ بعين الإعتبار النمو الـمُتوقع للإيرادات الـمحلية بنسبة (12.6%) وهي نسبة أعلى من نسبة النمو الإقتصادي الـمُتوقع، ناهيك عن أن كامل الإنفاق الإستثماري لا يمكن تمويله في ظل هذا الوضع إلا بالإقتراض الـمَحلي والـمنح والـمُساعدات الخارجية؛ مما يعني أن عناوين الإصلاح الإقتصادي بدءً من مبدأ الإعتماد على الذات، ومروراً بالإستقرار الـمالي والإقتصادي، وتخفيف أعباء البطالة والفقر، وتحفيز النمو الإقتصادي، أصبحت تُرّحل مع بيانات الثقة من حكومة لأخرى.

ومما يدعو للأسف أيضاً، أن معالجة هيكل المالية العامة المزمن من خلال السياسات المالية السابقة واللاحقة أصبحت تسير بعكس ما يرتجى من تدخلاتها في إتجاه الدورات الإقتصادية، ففي حالات الإنتعاش يزداد الإنفاق العام، وفي حالات الركود الإقتصادي كما هو لآن تقوم بترشيد الإنفاق العام وترفع من توقعات النمو في الإيرادات الضريبية، مما يعني أن الحكومة لم تعد قادرة على توفير الـمَوارد الـمالية اللازمة لتحفيز النمو الإقتصادي ولم يعد بإمكانها تثبيت النفقات العامة أو تخفيضها في ظل وجود تضخم متوقع بنسبة (5.5%) كما هو وارد في خطاب الـمُوازنة العامة.

وكذلك الأمر فإن الإرتفاع في حجم الـمَديونية العامة أصبح ذو عِلاقة مُباشرة بمَبدأ الإعتماد على الـمنح والـمُساعدات الخارجية؛ والذي قد يؤدي إلى عدم قدرة الحكومة على الخروج من هذا المأزق إلا بزيادة الإقتراض في حال إنحسار الـمنح والـمساعدات الخارجية مما قد يؤدي إلى تخفيض التصنيف الإئتماني وارتفاع خدمة الدين العام من فوائد وأقساط مُستحقة والتي أصبحت تُعادل نصف النمو الإقتصادي السنوي بالأسعار الجارية وتُعادل ما تم تخصيصه لكل من وزارة التربية والتعليم والصحة مُجتمعتين، كما ولم يعد من الممكن زيادة المديونية أكثر من ذلك بسبب عدم مساهمتها في النمو الإقتصادي وأصبح من الصعب على الإقتصاد الوطني امتصاص السُيولة الفائضة وأصبح مُعّدل دوران النقد أكثر من (1%) مما قد يُسبب زيادة في الأسعار والتضخم.

وعليه؛ فإن اللجنة الـمالية والإقتصادية تُذّكر بالـمنح والـمُساعدات التي وعدت بها الدولة الأردنية في قمة بغداد عام 1978 واعتمدت عليها في زيادة حجم الإنفاق في حينه ومن ثم إنحسار بعض تلك الوعود مما كان لها الأثر الـمباشر في الأزمة الإقتصادية عام 1989. كما وتُحّذر اللجنة في الوقت نفسه من تعّمُق الإختلالات الهيكلية في الإقتصاد الوطني مما أصبح الأمر يحتاج إلى رؤية إصلاحية تتمثل بتقديم وثيقة مالية واقتصادية تشمل الولاية العامة لكافة موارد الدولة الأردنية، مما يضمن شفافية الإطلاع العام على كافة الإيرادات والنفقات العامة لكافة مؤسسات الدولة الأردنية، ولا يجوز بعد لآن أن لا تخضع بعض الإيرادات والنفقات العامة لضوابط الموازنة العامة لا وبل أصبح لزاماً العمل على تعديل كافة التشريعات التي تحُول دون ذلك.

معالي الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

فيما يلي أدناه؛ تُوضّح اللجنة الـمالية والإقتصادية نتائج التحليل الكُلي الذي قامت به للمُؤشرات الإقتصادية والـمالية والنقدية وذلك كما يلي:

أولاً ..... تدُل البيانات الواردة في الجدول الـمُرفق على مُحافظة كل من قطاع الزراعة، وقطاع التعدين والـمحاجر، وقطاع الصناعات التحويلية، وقطاع التجارة والـمطاعم والفنادق، وقطاع النقل والإتصالات، وقطاع خدمات الـمال والتأمين والعقار، ومُنتجو خدمات الحُكومة على مُساهمة كل منهم بالنقاط الـمئوية بمُعّدل النمو الإقتصادي للأرباع الثلاثة الأولى من عام 2011 بنمو (0.16)، (0.32)، (0.69)، (0.38)، (0.43)، (0.71)، (0.35)، نقطة مئوية على التوالي في حين إنخفضت مُساهمة كل من قطاع التشييد، وصافي الضرائب على الـمُنتجات بإنخفاض قدره (0.33)، (0.27)، نقطة مئوية على التوالي في نسبة نمو الناتج الـمحلي الحقيقي البالغ (2.42%)، أمّا على صعيد الـمُساهمات القطاعية في النمو الإقتصادي فلم تُسهم قطاعات الإنتاج السلعي إلا بنسبة (29%) والباقي لقطاع الخدمات.

وهذا يدعو اللجنة الـمالية والإقتصادية إلى مُطالبة الحكومة بمُتابعة مُساهمات القطاعات الإنتاجية والخدمية على حدٍ سواء والعمل على تعزيز مُساهماتها في هذا النمو وخاصة من خلال الـمشاريع الإستراتيجية بالتشارك مع القطاع الخاص ومن خلال صندوق تنمية الـمُحافظات؛ والبرنامج التنفيذي التنموي (2012/2014).

ثانياً ..... أظهرت الـمُؤشرات الإقتصادية الكلية الـمُتاحة عن عام 2011 تبايناً فى أداء القطاعات الإقتصادية المختلفة؛ ففي حين أظهرت الصادرات الوطنية، ورصيد التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك المرخصة، نمواً ملموساً فإن عدداً آخر من المؤشرات أظهر تراجعاً واضحاً كبند مقبوضات السفر وتحويلات العاملين؛ وذلك كما يلي:

انخفض رصيد الإحتياطات الأجنبية للبنك الـمركزي كما هو في نهاية عام 2011 بنسبة (14%) عن مُستواها الـمُسّجل في نهاية عام 2010 لتبلغ (10.5) مليار دولار، ولايزال في حالة عدم الإستقرار لتاريخه.

إرتفع الرقم القياسي لأسعار الـمُستهلك كما هو في نهاية عام 2011 إلى (4.4%).

إنخفض الرقم القياسي لأسعار الأسهم في نهاية عام 2011 بنسبة (15.9%) عن مُستواه الـمُسّجل في نهاية عام 2010، ولايزال في حالة إنخفاض مُستمر لتاريخه.

إرتفع عجز الـميزان التجاري خلال الاحد عشر شهراً من عام 2011 بنسبة (20.2%) ليبلغ (6663) مليون دينار.

إنخفضت مَقبوضات بند السفر كما هي في نهاية من عام 2011 بنسبة (16.4%).

سجّل إجمالي تحويلات العاملين في الخارج انخفاضاً بنسبة (5.2%) كما هي في نهاية عام 2011.

أظهرت البيانات الأولية لـميزان المدفوعات خلال الثلاثة أرباع الاولى من عام 2011 عجزاً في الحساب الجاري يبلغ (1323) مليون دينار.

سجّلت التسهيلات الإئتمانية الـممنوحة نمواً بنسبة (9.7%) خلال العام 2011 لتبلغ (15.9) مليار دينار، كما وسجّلت الودائع نمواً بنسبة (8.3%) لنفس الفترة لتبلغ (24.4) مليار دينار.

أظهر الإستثمار الأجنبي الـمُباشر إنخفاضاً في صافي التدفق للداخل بنسبة (14.5%) خلال العشرة شهور الأولى من عام 2011.

أظهر الإستثمار الدولى خلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2011 صافي التزام مقداره (13545) مليون دينار مقارنة مع (12461) مليون دينار لنفس الفترة من العام الماضي .

ارتفع معّدل البطالة إلى (12.1%) مقابل (11.8%) خلال الربع الرابع من عام 2011 .

ارتفعت الصادرات الكلية بنسبة (14.5%) لتبلغ (5145) مليون دينار، كما وارتفعت المستورادات بنسبة (17.6%) لتبلغ (11807) مليون دينار خلال الاحد عشر شهراً الأولى من عام 2011 مقارنةً مع نفس الفترة من العام الماضي .

وبنظرةٍ فاحصة لتلك الـمُؤشرات فإن اللجنة الـمالية والإقتصادية تُؤكد ما ذهبت إليه في مقدمة هذا التقرير، بأن التحديات والإختلالات الهيكلية لا زالت تتعمق دون تقّدم يُذكر وهو ما ورد أيضاً في تقاريرها السابقة عن موازنة عام 2011 ومَلاحقها، والـمَلاحق التي سبقتها خلال عام 2010 والتي تبلغ في مُجملها (1399) مليون دينار.

وعليه؛ فإن اللجنة الـمالية والإقتصادية تُؤكد أن تلك الـمُؤشرات أصبحت ذات دلالة أبلغ من التوصيات التي لا تجد أذناً صاغية للعمل على تنفيذها، كما وتُذّكر اللجنة أن آباءنا الذين صاغوا قانون تنظيم الـميزانية الصادر في ستينيات القرن الماضي أكّدوا على ضُرورة القضاء على الإزدواجية في البرامج والتمويل، أمّا حين أوصت اللجنة المالية والإقتصادية بدعمها لبرنامج إعادة الهيكلة في تقريرها السابق لم تكن تقصد فقط إعادة هيكلة الرواتب والتي تكّلف (188) مليون دينار مع أهميتها، إلا أن القصد كان بإعادة هيكلة الإدارة الأردنية بوزاراتها ومُؤسساتها وهيئاتها للقضاء على التشابك في الـمهام والواجبات لتخفيض كلفة القطاع العام الذي لم يعد بمَقدوره توفير الـموارد اللازمة لتحفيز النمو الإقتصادي، وحينما قامت الدول الـمُتقدمة بضخ السُيولة اللازمة ولاتزال لتحفيز نموها الإقتصادي ولتخفيض أعباء مديونيتها لأنها قادرة على ذلك بسبب صغر حجم قطاعها العام مما يعطيها مساحة كافية لزيادة الإنفاق وهو ما نحتاج إليه ولا نستطيع تدبيره إلا من خلال الـمنح والـمُساعدات الخارجية.

معالي الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

بعد دراسة وتحليل الفرضيات والـمُرتكزات التي بُني عليها كل من؛ مشروع قانون الموازنة العامة، ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2012 الواردة في خطاب الموازنة العامة، حيث أكد معاليه على أن نسبة النمو الإقتصادي بالأسعار الحقيقية ستصل إلى (3%) وبالأسعار الجارية إلى (8.5%) وأن مُعّدل التضخم سيبلغ حوالي (5.5%)، وستنمو الصادرات الوطنية بنسبة (11%) سنوياً، وسيبلغ مُعّدل نمو المستوردات (9%)، وأن أسعار النفط المعتمدة (100$) للبرميل الواحد وأن عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات سيبلغ (9%) وأن عجز الموازنة العامة سيبلغ (1027) مليون دينار أو ما نسبته (4.6%) وأن عجز موازنات الوحدات الحكومية سيبلغ (1161) مليون دينار أو ما نسبته (5.3%) إتضح ما يلي:

أولاً: إن معادلة الإنضباط المالي والنمو الإقتصادي لا يلتقيان في ظل الوضع الإقتصادي الحالي، وإن التوفيق بين الأولويات الأمنية والإجتماعية الملحة وبين الضغوطات المالية والإقتصادية هو المطلوب لآن، وإذا كان المقصود من الإنضباط المالي هو تثبيت الإنفاق بما يعادل موازنة إعادة التقدير لعام 2011 فقد كان الأولى إعادة توزيع المخصصات المتاحة بين الأجهزة الحكومية المختلفة وصندوق تنمية المحافظات والأخذ بعين الإعتبار تأثير إرتفاع الأسعار المتوقع بنسبة (5.5%) كأن يتم تخصيص جزء من مخصصات المشاريع الجديدة البالغة (55) مليون دينار والمرصودة في موازنة وزارة المالية لصندوق تنمية المحافظات والجزء الآخر لإحتياجيات الأجهزة الحكومية مثل هيئة تنشيط السياحة على سبيل المثال لا الحصر والعمل على فك التشابك بين صندوق التأمين الصحي والمستشفيات الجامعية التحويلية، ومن ثم إعادة النظر في برنامج إعادة الهيكلة من خلال دمج المؤسسات المتشابهة لتخفيف فاتورة الدعم المقدمة للوحدات الحكومية المستقلة من الموازنة المركزية، وعليه فإن عنوان السياسة الإصلاحية المالية الحالية تحتاج إلى إعادة النظر.

ومن جهة أخرى كيف سيتم المحافظة على عجز الموازنة العامة المتوقع في حال لم يتم التأكد من المنح المنتظرة والواردة في مشروع القانون، وفي حال أن النمو المتوقع من الإيرادات المحلية البالغ (12.6%) لم يتحقق، وكيف سيتم المحافظة على إستقرار الإحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي وتقليص عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات في حال استمرار الإنخفاض في تحويلات العاملين، والدخل السياحي وإنخفاض الإستثمارات الأجنبية المباشرة إلا بالإقتراض الداخلي والخارجي في ظل تخفيض التصنيف الإئتماني المتوقع للمملكة.

أسئلة تطرحها اللجنة المالية والإقتصادية مع علمها بشدة وطأة الحالة الإقتصادية الراهنة والتي كانت نتائج لسياسات الإنفاق غير المنضبطة خلال الستة أعوام الماضية.

ثانياً: بلغ إجمالي الإنفاق المتوقع (8657) مليون دينار لعام 2012 منها (6838) مليون دينار للموازنة العامة ومبلغ (1819) مليون دينار لموازنة الوحدات الحكومية، بعجز إجمالي يبلغ (1965) مليون دينار متضمناً المنح ومبلغ (2931) مليون دينار بإستثناء المنح أي بنسبة (13.3%) من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2012 والبالغ (22070) مليون دينار وبنسبة نمو (8.5%) بالأسعار الجارية أيضاً، وإذا ما تم إضافة موازنة البلديات وأمانة عمان الكبرى والجامعات الرسمية الأردنية يصبح إجمالي الإنفاق ما نسبته (42.4%) من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، وهو ما ذهبت إليه اللجنة المالية والإقتصادية في مقدمة هذا التقرير أنه لم يعد بإمكان القطاع العام التوسع أكثر من ذلك ومن أن قدرته على توفير الموارد المالية لتعزيز وتحفيز النمو الإقتصادي أصبحت محدودة، خاصة إذا ما تم إحتساب الإلتزامات المنتظرة لبناء الميناء التجاري الجديد، وميناء النفط، وتكاليف تعديل خطوط النقل التابعة لها، والديون المستحقة التي لم تُدفع بعد، وعدم كفاية المخصصات لبعض الأجهزة الحكومية.

** ثالثاً : الدين العام :

بلغ إجمالي الدين العام كما هو وارد في خطاب الموازنة العامة (13260) مليون دينار كما هو في نهاية عام 2011 بما في ذلك مديونية شركة الكهرباء الوطنية، وإذا ما تم إضافة العجز المتوقع لعام 2012 لكل من مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع موازنات الوحدات الحكومية، فإن الدين العام سيبلغ (15448) مليون دينار أي بنسبة (70%) من الناتج المحلي الإجمالي بإستثناء الدين المتوقع على قطاع الكهرباء لعام 2012، وعدم تحقق المنح المعتمدة في مشروع الموازنة، وعندها فإن نسبة الدين العام المتوقعة ستتجاوز النسبة المشار إليها أعلاه لتصل إلى (79%).

** رابعاً:  مشروع قانون الموازنة العامة :

بلغ إجمالي الإنفاق المتوقع لعام 2012، (6838) مليون دينار بإنخفاض نسبته (0.2%) عن إعادة التقدير لعام 2011، ولكن مكونات النفقات العامة تتفاوت بنموها، ففي حين انخفض دعم المواد التموينية والمحروقات بنسبة (38%) إرتفع انفاق الفوائد بنسبة (11.5%) وإنفاق الدفاع والأمن بنسبة (9.6%) والتقاعد بنسبة (18.5%) ودعم المؤسسات الحكومية بنسبة (6.2%) وانخفضت النفقات الإستثمارية في الوقت نفسه بنسبة (1.3%) مما يدل على عدم توازن السياسة المالية في إعادة توزيع المخصصات بين بنود الإنفاق العام.

بلغ إجمالي الإيرادات والمساعدات العامة لسنة 2012 (5810) مليون دينار بنسبة نمو (4%) عن موازنة إعادة التقدير لعام 2011. علماً بأن الإيرادات المحلية ستنمو بنسبة (12.6%) والإيرادات الضريبية بنسبة (14%) والإيرادات غير الضريبية بنسبة (6.3%) وإذا ما تم مقارنة ذلك بأداء موازنة عام 2011 فإن إجمالي الإيرادات والمساعدات قد إنخفضت بنسبة (3.6%) وكذلك الأمر لكامل مكوناتها التي انخفضت هي الأخرى بنسب متفاوتة في حين أن نسبة النمو الإقتصادي لكلا العامين بقيت ثابتة تقريباً في حين أن المنح الخارجية لعام 2012 قد إنخفضت بنسبة (27.3%) بالرغم من وجود منح منتظرة بمبلغ (700) مليون دينار قد لا تتحقق، مما يؤكد للجنة المالية والإقتصادية أن نسب النمو المتوقعة للإيرادات المحلية والإيرادات العامة لن تتحقق، مما سيكون له أكبر الأثر على عجز الموازنة العامة المقدر لعام 2012.

** العجز :

في ضوء ما تقدم فإن عجز الموازنة العامة سيبلغ (1028) مليون دينار متوقع لعام 2012 أي بنسبة (4.7%) من الناتج المحلي الإجمالي مقابل (1265) مليون دينار أي بنسبة (6.2%) لعام 2011 وسيبلغ العجز ما نسبته (8.6%) مقابل (12.1%) لعام 2011 قبل المنح، وفي هذا المجال فإن اللجنة المالية والإقتصادية تعي أن هندسة السياسة المالية لأرقام عجز الموازنة العامة لا تُغني عن تحليلها، وأن الأسس والمرتكزات التي بنيت عليها الموازنة العامة لم تكن موفقة.

خامساً:  مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية :

لقد تم دراسة وتحليل مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2012 بالتزامن مع مشروع قانون الموازنة العامة لنفس العام وفقاً لتوصيات اللجنة وإجراء الحوارات اللازمة مع الأجهزة التنفيذية المختصة وذلك وفقاً لما يلي:

قُدّر الدعم المتوقع تقديمه لبعض الوحدات الحكومية لعام 2012 بمبلغ (370) مليون دينار، ومنه (274) مليون دينار من الخزينة العامة و(96) مليون دينار منح مختلفة، ويُقّدم الدعم الحكومي إلى (28) وحدة حكومية، والمنح الخارجية إلى أربع وحدات حكومية أخرى.

ومما يجدر ذكره، فإن بعض الوحدات الحكومية التي يُقّدم لها الدعم تُحقق وفراً في موازنتها المتوقعة مثل هيئة المناطق التنموية ومؤسسة تشجيع الإستثمار، إلا أن البعض الآخر منها تُحقق عجزاً بالرغم من الدعم الحكومي المقدم لها مثل سلطة المياه، وهيئة الطاقة الذرية، ومؤسسة التدريب المهني؛ أضف إلى ذلك أن (21) وحدة حكومية أخرى تُحقق توازناً في موازناتها بسبب تقديم الدعم لها من الحكومة المركزية، وإذا ما تم رفع الدعم عنها فإنها لن تستطيع الإستمرار في تقديم مهامها وواجباتها بالرغم من تمتعها بالإستقلال المالي والإداري.

إستناداً للجداول المرفقة؛ فإن (14) وحدة حكومية سوف تُحقق عجزاً مقداره (1161) مليون دينار، يرتكز معظمه في كل من سلطة المياه، وهيئة الطاقة الذرية، وشركة الكهرباء الوطنية، والبنك المركزي، وشركة تطوير العقبة وشركة السمراء لتوليد الكهرباء وشركة مياه اليرموك بمبلغ (181)، (17)، (731)، (33) ، (114)، (50)، (24) مليون دينار على الترتيب.

يتضح أيضاً من الجداول المرفقة أن (27) وحدة حكومية سوف تُحقق وفراً بمبلغ (224) مليون دينار أهمها؛ هيئة تنظيم قطاع الإتصالات التي ستُحقق وفراً بمبلغ (117) مليون دينار وبالتالي فإن المتوقع تحويله للخزينة سيبلغ (173) مليون دينار، وسيتم تدوير مبلغ (51) مليون دينار وهو المبلغ المتوفر في موازنة مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري، حيث أنه ليس وفراً وإنما ورد خطأ في تلك الموازنة يعود إلى مشروع سكن كريم لعيش كريم وكان يجب استبعاده منها.

في ضوء ما تقدم؛ فإن إجمالي الإنفاق المتوقع لكامل الوحدات الحكومية هو (1819) مليون دينار، وإجمالي الإيرادات المتوقعة هو (882) مليون دينار بعجز مقداره (1161) مليون دينار أي بنسبة (5.3%) من الناتج المحلي الإجمالي الـمُقّدر بمبلغ (22070) مليار دينار لعام 2012، وهو أكبر من عجز الموازنة العامة للحكومة المركزية البالغ نسبته (4.7%) ويتركز عجز الوحدات الحكومية في قطاع المياه والكهرباء والبنك المركزي.

وعليه؛ فإن اللجنة المالية والإقتصادية تُؤكد على ما جاء في تقاريرها السابقة من أن برنامج إعادة الهيكلة لم يُقّدِم ما كان متوقعاً منه، حيث كان من المأمول من هذا البرنامج أن يُحقق وفراً قدره (23) مليون دينار إلا أنه حمّل الموازنة العامة بمبلغ إضافي قدره (188) مليون دينار منها (53)مليون دينار لعام 2013، مع التأكيد على عدالة ما تم إنجازه من هذا البرنامج لتاريخه من توحيد مظلة الرواتب والأجور وفقاً لنظام مُوّحد هو نظام الخدمة المدنية إلا أن نتائجه الأولية أصبحت عبئاً على الموازنة العامة لتاريخه.

سادساً: القطاعات الإقتصادية :

قامت اللجنة المالية والإقتصادية بدراسة وتحليل بيانات الموازنات القطاعية في كل من مشروع الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية وخاصة ما يتعلق منها بالإنفاق الرأسمالي والإستثماري والبالغ (1819) مليون دينار أي بنسبة (8.3%) من الناتج المحلي الإجمالي إضافة لتكلفة تشغيل الإدارة العامة أي النفقات الجارية والبالغة (6838) مليون دينار أي بنسبة (31%) من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية وبمجموع (39.3%) لكامل الإنفاق الجاري والرأسمالي لعام 2012 مع إهمال أثر الإزدواجية فى الإنفاق والدعم بين الحكومة المركزية والوحدات الحكومية وذلك كما يلي:

قطاع المياه

يبلغ الإنفاق المتوقع على قطاع المياه لعام 2012 مبلغ (572.7) مليون دينار؛ منه (68.6) مليون دينار للموازنة العامة، ومبلغ (504.1) للوحدات الحكومية. في حين بلغت ايرادات هذا القطاع (293) مليون بعجز مالي قدره (211) مليون دينار في كل من؛ سلطة المياه، وشركات المياه الثلاثة (مياهنا، العقبة، واليرموك)، بالرغم من الدعم الحكومي المقّدر بمبلغ (15) مليون دينار والمنح الخارجية المقّدرة بمبلغ (84) مليون دينار، ويُضاف إلى المبالغ أعلاه مبلغ (275) مليون دولار سوف تنفق منحة من "برنامج تحدي الألفية لأعمال تأهيل المياه الصحية" في محافظة الزرقاء هذه السنة والسنوات اللاحقة .

ويُشّكل قطاع المياه وفقر الموارد المتاحة هماً وطنياً؛ وذلك في ظل إرتفاع الطلب على المياه مقارنة بزيادة عدد السكان، والاستعمالات المتعددة للشرب والزراعة والصناعة؛ حيث يُشّكل العجز المائي في المملكة بأكثر من (600) مليون متر مكعب سنوياً، علماً بأن الفاقد يُشّكل ما نسبته (43%) وهي نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بالمعيار العالمي المقّدر بنسبة (15%) كحد أعلى، إضافة إلى مشاكل الصرف الصحي وتلوث المياه في مناطق مختلفة من المملكة.

ومما يجدر ذكره أن كلفة متر المياه يبلغ دينار و(150) فلساً في حين ما يتم تقاضيه من المواطن (76) قرشاً أي بعجز مالي في المتر المكعب الواحد يعادل مبلغ (39) قرش تُشّكل بمجملها (79) مليون دينار عجزاً في القطاع.

وعليه؛ فإن اللجنة المالية والإقتصادية تُؤكد على ضرورة إيلاء المشاريع الحيوية ذات البعد الإستراتيجي؛ مثل مياه الديسي، وقناة الخط الناقل. والحصاد المائي الأهمية الكبرى.

وفي الوقت نفسه لابد من العمل على رفع الكفاءة الإدارية واللوجستية؛ وذلك لتخفيض كلفة المتر المكعب من المياه من جهة، والعمل على وقف الإعتداءات على شبكات المياه والآبار الجوفية غير المرخّصة، ومتابعة حُصة المملكة في حوض اليرموك، وحل مشكلة التلوث والطمي في سد الملك طلال من جهة أخرى.

حيث تؤكد اللجنة أنه لم يعد من المقبول الحديث عن فاقد المياه البالغ (43%) في حين أن الإعتداءات لاتزال مستمرة على قطاع المياه من بعض المواطنين؛ الأمر الذي من شأنه أن يُحمِّل المواطنين الآخرين كلفة هذا الفاقد، ويجب إعتبار ذلك جزءاً من عملية الإصلاح الإقتصادي الذي يتم الحديث عنه صباح مساء.

قطاع الطاقة

يبلغ الإنفاق المتوقع لقطاع الطاقة مبلغ (292.4) مليون دينار؛ منه (32.4) مليون دينار من موازنة الحكومة المركزية، ومبلغ (260) مليون دينار للوحدات الحكومية. في حين بلغت ايرادات القطاع (78) مليون دينار وبنفس الوقت فإن الخسارة في إيرادات شركة الكهرباء الوطنية ستبلغ (612) مليون دينار؛ كما وأن الدعم الحكومي المقّدم للقطاع سيبلع (18.7) مليون دينار قُدمت لهيئة الطاقة الذرية.

ومما يجدر ذكره هُنا؛ فإن ما نسبته (97%) من الطاقة يستورد من خارج المملكة، كما وأن الطلب يرتفع بنسبة نمو (7.4%) سنوياً، ويحتاج القطاع إلى إنفاق (14) مليار دينار لغاية عام 2020، وأن تذبذب أسعار النفط ومشتقاته عالمياً تُسبب إرباكاً في التخطيط قصير ومتوسط الأجل.

فإن شركة الكهرباء الوطنية قد تتحمل خسائر متوقعة لعام 2012 تبلغ (731) مليون دينار إضافةً إلى أن الإتفاقيات المعقودة مع شركات التوليد وشركات التوزيع والتي تنص "على حد أدنى للربحية بمُعّدل (10%) لشركات التوزيع، و(7%) لشركات التوليد كأرباح صافية "، قد ساهمت في تحميل فرق التعرفة على شركة الكهرباء الوطنية.

ناهيك عن تأثير كلفة انقطاع الغاز المصري المتكرر على القطاع، وكلفة توفير خزانات عائمة للغاز المسال إذا ما تم إستيراده من مصادر أخرى.

وعليه؛ ترى اللجنة المالية والإقتصادية ضرورة قيام الحكومة بالإيعاز لهيئة تنظيم قطاع الكهرباء بضرورة إجراء الدراسات اللازمة لغايات حساب كلفة المنتج النهائي، وكلفة توزيعه، إضافة إلى تصميم الأسعار العادلة لمعرفة قيمة الدعم الكلي لهذا القطاع. علماً بأن فرق التعرفة يبلغ (62) فلس وهو الفرق بين سعر الشراء البالغ (118) فلس وسعر البيع البالغ (56) فلس، كما وأن إعادة تأهيل مصفاة البترول الذي إنتهى الإمتياز الممنوح لها في شهر (آذار /2008) أصبح أمراً ضرورياً إضافة إلى أن توحيد ودمج الهيئات العاملة في القطاع تحت مظلة هيئة واحدة لتوحيد المرجعية في تطوير هذا القطاع يُعد أمراً صحياً.

قطاع الصحة

يبلغ الإنفاق المتوقع لعام 2012 على قطاع الصحة (837) مليون دينار؛ منه (177) مليون دينار للخدمات الطبية الملكية، و(430) مليون دينار لوزارة الصحة، و(229) مليون دينار للوحدات الحكومية. في حين بلغت ايرادات هذا القطاع (230) مليون دينار؛ منه (110) مليون دينار تُمثّل الدعم الحكومي وكلفة المعالجات الطبية.

وإذا ما تم إضافة العجز المتوقع والذي لم يتم توفير المخصصات اللازمة له سواء كان ذلك ديون المستشفيات التحويلية أو ديون القطاع الخاص؛ فإن عبء الإنفاق يُنذر بضرورة العمل على تصحيح مسار الإدارة الصحية، وفك التشابك والتداخل بين قطاعات التأمين الصحي الفرعية بعضها ببعض.

وتوضح أبرز مؤشرات الحسابات الصحية الوطنية المتاحة للسنة المالية 2008 إلى اللجنة المالية والإقتصادية؛ أن إجمالي الإنفاق في كلا القطاعين العام والخاص قد بلغت (1382) مليون دينار أي بنسبة (8.9%) من الناتج المحلي الإجمالي مُوزّعة على القطاع العام بنسبة (61%) والقطاع الخاص (38%) و(0.7%) على وكالة غوث اللاجئين؛ وبالرغم من عدم توفر الإحصاءات الرسمية للأعوام اللاحقة إلا أن الدلائل تُشير إلى عبء الإنفاق على القطاع الصحي الكلي على الاقتصاد الوطني.

وعليه؛ فإن اللجنة المالية والإقتصادية تُؤكد على ضرورة وضع إستراتيجية صحية ملزمة؛ وذلك بهدف توحيد مصادر شراء الأدوية تحت مظلة واحدة لغايات ضبط الجودة والسعر والمخزون والقضاء على الإزدواجية في المعالجات الطبية، والتداخل في مظلة التأمين الصحي، والعمل على توحيد الأسعار في كافة المستشفيات الرسمية والجامعية.

قطاع النقل

يبلغ الإنفاق المتوقع للقطاع (105) مليون دينار؛ منه (58) مليون دينار لوزارة النقل، و(47) مليون دينار للوحدات الحكومية. وتبلغ الإيرادات المتوقعة لنفس العام (55) مليون دينار؛ منه (11) مليون دينار دعم حكومي لهيئة تنظيم قطاع النقل البري، في حين يبلغ الوفر المتوقع (8) مليون دينار.

ومما يجدر ذكره هنا؛ فإن المشاركة مع القطاع الخاص من أهم التوجهات الحالية والمستقبلية للإستثمار في هذا القطاع، حيث لا يمكن للقطاع العام توفير الموارد المالية للإنفاق عليه؛ فتكلفة الشبكة الوطنية للسكك الحديدية المتوقعة تبلغ (2.8) مليار دينار، وكلفة الإستثمار الكلي لمطار الملكة علياء الدولي (550) مليون دينار على سبيل المثال لا الحصر.

وعليه؛ فإن اللجنة المالية والإقتصادية ترى ضرورة قيام الحكومة بإجراء الدراسات اللازمة بكل شفافية من أجل تحديد معالم المشاركة الفعّالة بين القطاع العام والخاص خاصة بما يتعلق بالمشاريع تحت التنفيذ أو المشاريع المستقبلية مثل الموانئ الجديدة، ووسائل النقل المؤدية لها؛ ولابد من وضع الأطر المالية والقانونية لتنظيم التعاقد الإستثماري بين كل من القطاع العام والخاص في المشاريع الإستراتيجية المستقبلية وذلك من أجل بيان الأعباء والالتزامات المنتظرة والتي قد تتحملها الخزينة العامة والمواطنين بما يكفل العوائد المالية للشركات الإستثمارية المشاركة وصولاً بذلك إلى إيجاد بيئة إستثمارية عادلة لكلا الطرفين؛ وبما يساعد على جلب الإستثمارات لتلك المشاريع الكبرى لعدم قدرة القطاع العام الإنفاق عليها لوحده.

كما وتؤكد اللجنة على ضرورة وضع وتحديد الأسعار العادلة لوسائط النقل البري سواء كانت للبضائع أو الأفراد على حد السواء، ناهيك عن ضرورة إجراء الدراسات اللازمة لتحديد السعر العادل لنقل الفوسفات.

قطاع الإتصالات

يبلغ الإنفاق المتوقع لهذا القطاع (37) مليون دينار لعام 2012؛ ومنه (13) مليون دينار لوزارة الإتصالات، و(24) مليون دينار للوحدات الحكومية التابعة لها. في حين أن الإيرادات المتوقعة لهذا القطاع تبلغ (143) مليون دينار ترتكز معظمها في هيئة تنظيم قطاع الإتصالات، وعليه فإن الوفر المتوقع يبلغ (119) مليون دينار.

وتعتبر اللجنة المالية والإقتصادية أن هذا القطاع واعداً ومساهماً بفعالية في تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية، ويعتبر محركاً رئيسياً لبعض القطاعات الأخرى وركيزة أساسية لتحفيز نمو الصادرات الوطنية ومن ثم النمو الإقتصادي.

إلا أن اللجنة توصي بأن على الحكومة التأكد من حصولها على أفضل العوائد المالية في حال الترخيص للجيل الرابع والخامس من خلال اتباع الأسلوب الأنجع سواء كان ذلك من خلال رخصة عالية القيمة كدفعة واحدة، أو من خلال النموذج الآخر من خلال الحصول على رسوم ترخيص وعوائد أخرى كضرائب على مجمل المبيعات، كما وتوصي اللجنة بإيلاء الأهمية القصوى لقطاع تكنولوجيا المعلومات وإتباع أنجع السبل لتسويق المنتجات التكنولوجية؛ حيث يعمل في هذا المجال (470) شركة.

وتوصي اللجنة أيضاً بمساعدة شركة البريد الأردني في الحصول على الحق الحصري للخدمات البريدية للرسائل التي تزيد (500) غرام من كافة أجهزة القطاع العام.

قطاع السياحة

يبلغ الإنفاق المتوقع لهذا القطاع (31) مليون دينار بما في ذلك ما هو مرصود فى موازنة وزارة التخطيط ومتضمناً الدعم المقدم لهيئة تنشيط السياحة.

وبالرغم من أن هذا القطاع يمثل خمس قطاعات فرعية هي الفنادق، والمطاعم، والمكاتب السياحة، والآثار، والأدلاء، ويعتبر كذلك قطاعاً ريادياً في تنمية الإقتصاد الوطني من حيث المساهمة في حل مشكلتي الفقر والبطالة، وتوفير العملات الصعبة، كما وأنه يعمل في ظل تنافسية إقليمية حادة؛ إلا أنه لا يتلقي من المخصصات المالية ما يكفي للمساهمة في نمو هذا القطاع، حيث أنه لا يمثل سوى (0.3%) من حجم القطاع العام.

وقد أشار لذلك جلالة الملك المعظم في إحدى لقاءاته مع بعض الفعاليات الرسمية مما يُدل على عدم عدالة توزيع المخصصات المالية على معظم القطاعات الإقتصادية.

وعليه؛ فإن اللجنة المالية والإقتصادية توصي بإعطاء الرعاية والأهمية لهذا القطاع، ووضع إستراتيجية حكومية شاملة له بحيث تشمل مجالات سياحية متنوعة؛ مثل سياحة المؤتمرات، والسياحة الثقافية، والسياحة التاريخية والعلاجية، والإستغلال الأمثل لنجومية البتراء كأحد عجائب الدنيا السبع، وتسويق المناطق السياحية النادرة الأخرى كالبحر الميت، وكل ذلك يحتاج إلى رعاية المنتج السياحي الأساسي في دائرة الآثار العامة ودعم هيئة تنشيط السياحة.

معالي الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

لقد قامت اللجنة المالية والإقتصادية بدراسة المؤشرات الإقتصادية الكلية، وتحليل الموازنات العامة، والموازنات القطاعية، كما ورد في صلب هذا التقرير.

وهنا تود اللجنة أن تُذّكر في هذا المجال بأن التشخيص للمشاكل الإقتصادية المزمنة، كانت تعزى أسبابه فيما مضى من قبل بعض الحكومات المتعاقبة تارة إلى الشح في الموارد الطبيعية المتاحة في المملكة، وتارة أخرى إلى أثر حرب الخليج وأثر الصراع العربي الإسرائيلي، ومرة أخرى إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية وآثارها، إلى ما هنالك من الآثار الخارجية على الوضع الإقتصادي في المملكة.

وحيث كانت الحكومات المتعاقبة تدعي قيامها بوضع الخطط الإقتصادية والتنموية، لمعالجة تلك الإختلالات الكلية وأثرها سواء كان ذلك على عجز الموازنة العامة، والمديونية وخدمتها، أو إلى النقص في الإحتياطي من العملات الإجنبية أو لإنحسار الإستثمارات الخارجية وأثرها على عجز الحساب التجاري والحساب الجاري في ميزان المدفوعات.

إلا أن جل ما تخشاه اللجنة هو أن تقوم الحكومة الحالية بإضافة أثر "الربيع العربي" على الحالة الإقتصادية الأردنية.

وبالرغم من أن اللجنة تعي وتعلم مسبقاً، الآثار البالغة لكل تلك الأسباب المذكورة آنفاً، إلا أن تغييب "مبدأ الاعتماد على الذات" عن السياسات الحكومية المتبعة حينئذ، ناهيك عن منهج الإدارة العامة المتبع من الحكومات المتعاقبة لمعالجة الإختلالات الهيكلية لم يسعفاها على إدارة الموارد الاردنية المتوفرة سواء كانت مالية أو بشرية أو معلوماتة.

وعليه فإن اللجنة المالية والإقتصادية وبالرغم من عدم الإستجابة لتوصياتها الواردة في تقاريرها السابقة لتؤكد على ما يلي:

أولاً:

تدرك اللجنة المالية والإقتصادية أن الأوضاع الحالية التي تواجهها الحكومة حالياً هي نتائج تراكمية لأداء الحكومات المتعاقبة، وأصبح من الضروري لآن التركيز على المصارحة والشفافية حول الوضع الإقتصادي والمالي الذي تعكسه هذه الموازنة.

ثانياً:

لقد ملّت اللجنة المالية والإقتصادية من الإشارة إلى الإختلالات الهيكلية المزمنة؛ سواءً كان ذلك يخص عجز الموازنة العامة، أو إرتفاع المديونية وخدمتها، أو العجز في الميزان التجاري، ومن ثم العجز في الميزان الجاري، أو الإنخفاض في الإحتياطي من العملات الأجنبية، وما إلى ذلك من اختلالات أصبح المسؤول والمواطن العادي يدركها.

ثالثاً:

لقد أصبح لزاماً على الجميع لآن أن يدرك أنه يجب الإستجابة للمطالب الشعبية؛ فالمدارس مغلقة، والجامعات معّلقة، والقوى البشرية العاملة في الأجهزة الحكومية (والتي لا حاجة لذكرها هنا) تتظاهر لا بل وتحتج على نتائج إعادة الهيكلة لشعورهم بعدم عدالتها، كما وأصبح القطاع الخاص أيضاً يتظاهر ضد قانون المالكين والمستأجرين وأثره على طرفي المعادلة على حد سواء.

وعليه؛ فإن اللجنة المالية والإقتصادية تسأل عن؛ برامج الإصلاح المتكاملة ذات الإهداف المحددة في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمتفق عليها من قبل كل الفعاليات الرسمية وغير الرسمية، كما وتسأل عن الخطوات الإجرائية اللازمة لتحقيقها، ومن هي الجهات التي يجب أن تنفذها، وأين هي الجداول الزمنية الملزمة لها، وما هي الحوافز والعقوبات المرافقة لكل منها.

معالي الرئيس ،،،

حضرات النواب المحترمين ،،،

ان لجنتكم المالية والاقتصادية تشعر بعمق الازمة الاقتصادية الراهنة ، والظروف السياسية التي تؤثر على دول وشعوب المنطقة ، وعلى الرغم من تفهمنا بضرورة اتخاذ حكمة الموقف ، في ظرفنا الصعب لكافة مناحي حياتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وان التعبير عنها وإبقائها ضمن التحليل والتنوير لم يعد ابدا كافيا ، وان قناعة اللجنة بوضعكم بتوصياتها عاما بعد عام في كل معرض لدراسة مشروع قانون الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية ، ايضا لم يعد كافيا ، وعليه نطالب الحكومة بالبدء فورا باتخاذ اجراءات حاسمة اهمها البدء بحوار وطني مع كافة القطاعات الاقتصادية ، تكون مهمته وضع خطة سريعة التطبيق وافرة النتائج تمكننا من النهوض مجددا بالقطاع الاقتصادي الوطني ، على ان يكون ذلك مباشرا وان يضع خطة عمل تنفيذية مشتركة بين القطاع العام والخاص تكون فيه المسؤولية مشتركة بين كافة الاطراف المشاركة ، وانه آن الاوان بان لا نقف ونراقب الظروف ونامل بتحسنها ، بل بمبادرات تسهم بشكل فاعل ومباشر في تحسن الاقتصاد الكلي الذي يواجه تحديات مباشرة وغير مباشره عاما بعد عام ، آملة لجنتكم المالية والاقتصادية ومن خلال مجلسكم الكريم ، العمل فورا على اطلاق هذا الحوار ليكون نواة عمل مشترك يعود بالمصلحة على بلدنا وشعبنا العزيز.

وفي الختام ، تؤكد اللجنة المالية والاقتصادية ، باننا بامس الحاجة الى تكاتف الجهود المخلصة الصادقة والالتفاف حول قيادتنا الهاشمية المظفرة ، التي تبث فينا امل الوجود بالرغم من الظروف المحبطة وشح الامكانيات.

وعليه قررت لجنتكم المالية والاقتصادية الموافقة على مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2012 كما ورد من الحكومة ، وتوصي مجلسكم الكريم بالموافقة على قرارها وما ورد فيه ، ورفع نتائج تحليلها للحكومة لاخذها موقع التنفيذ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،