ماذا قالوا في رحيل فركوح؟
نعى أدباء وكتاب وصحفيون ومثقفون الروائي والمترجم الأُردني إلياس فركوح الذي رحل عصر الأربعاء في العاصمة عمان إثر إصابته بنوبة قلبية حادّة، تاركاً وراءه عدداً من الأعمال الأدبية. واستذكر وزير الثقافة د. باسم الطويسي سيرة الراحل وحضوره في المشهد الثقافي الأردني والعربي، ودوره في إغناء المكتبة العربية ودوره الريادي في حمل مسؤولية النشر. وعد د. الطويسي رحيل فركوح خسارة لقامة كبيرة للحركة الثقافية وصناعة النشر وحقل الترجمة التي قدم فيها العديد من العناوين المهمة للقارئ العربي.
الصحفي باسم سكجها، استذكر بداية علاقته مع الراحل فركوح، وكتب "مؤنس هو الذي عرّفني على إلياس، صديقه التاريخي منذ الطفولة، وكان يسمّيه "أبو اللوس" تحبباً، وحين رحل الأوّل بكيت على كتف الثاني، وها هو الحبيب يرحل بدوره ليذكّرني بالحبيب الثالث جمال أبو حمدان، وغيرهم من أجزاء القلب الذي يتشظى يوماً بعد يوم". "فُجعت، قبل لحظات، بالخبر المشؤوم، وكُنتُ أظنّ أنّ إلياس فركوح سيعمّر طويلاً طويلاً، فلم أشاهده في يوم يُدخّن أو يشرب، ومواقيت نومه وصحوه وكتابته ظلّت طوال عمره مُقدّسة، ولكن الرحيل هو آخر الإرتحال، وللحديث بقية بعد: إنّا لله وإنّا إليه راجعون".
وقال الصحفي المتخصص بالشأن الفني والثقافي في صحيفة الدستور، طلعت شناعة "مثل صخرة كبيرة وقعت فوق رأسي ، كذلك جاء خبر وفاة الكاتب الصديق المهذّب الياس فركوح الذي عرفته بداية الثمانينات في رابطة الكتاب وفي في دار منارات مع صديقنا المشترك وشريكه في الدار الشاعر طاهر رياض.. وكنا " مجموعة من الأدباء وانا أصغرهم سنا وأقلهم شهرة نلتقي كل صباح في مقر " منارات " في " جبل الحسين " عمارة الجقّة.. ونتحدث حول الكتب الجديدة واستمع لأفكارهم عن منشوراتهم وتوجهاتهم التي ينوون نقلها العربية." "كان الياس فركوح حنونا ومشجّعا لنا " نحن الناشئين " وقد نشر لي كتابي النثري " خارج حدود عينيكِ " عن دار " أزمنة " وسافرنا معا إلى بغداد ولنا ذكريات في العديد من الأماكن في " جبل اللويبدة " وغيره".
وُلد فركوح (1948 - 2020) في عمّان ؛ حيث تلقّى تعليمه حتى الثانوية متنقّلاً بينها وبين القدس، وحصل على درجة البكالوريوس في الفلسفة وعلم النفس من جامعة بيروت العربية، قبل أن يعمل في الصحافة الثقافية بين 1977 و1979، ويشارك خلال الثمانينيات في تحرير مجلّة "المهد" الثقافية طيلة فترة صدورها. يُعدّ إلياس فركوح من أبرز الكتّاب الذين جدّدوا في كتابة القصة القصيرة الأردنية إلى جانب جمال أبو حمدان.
وقد صدرت له في هذا المجال: "الصفعة" (1978)، و"طيور عمّان تحلّق منخفضة" (1981)، و"إحدى وعشرون طلقة للنبي" (1982) التي منحتها "رابطة الكتّاب الأردنيّين" جائزة أفضل مجموعةٍ قصصية في العام نفسه، و"مَن يحرث البحر" (1986)، و"أسرار ساعة الرمل" (1991)، و"الملائكة في العراء" (1997)،
وقد صدرت هذه المجموعات الستّ ضمن مجلّد بعنوان "من رأيتُه كان أنا" عام 2002، وهي السنة ذاتُها التي أصدر فيها مجموعتيه القصصيتين "شتاءات تحت السقف" و"حقول الظلال". وحاز فركوح على مجمل مجموعاته تلك "جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصّة القصيرة" و"جائزة الدولة التقديرية". وصدر له في الرواية: "قامات الزبد" (1987) التي حازت "جائزة الدولة التشجيعية" عام 1990، و"أعمد الغبار" (1996)،
و"أرض اليمبوس" (2007) التي حازت "جائزة تيسير سبول للرواية" من "رابطة الكتّاب الأردنيّين" ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الأولى عام 2008، و"غريق المرايا" (2012)، إلى جانب أعمالٍ أُخرى توزّعت بين النصوص والمقالات والشهادات؛ من بينها: "ميراث الأخير" (2002)، و"بيان الوعي المستريب: من جدل السياسي - الثقافي" (2004)، و"أشهد عليّ، أشهد علينا" (2004)، و"النهر ليس هو النهر: عبور في أسئلة الكتابة والرواية والشعر" (2004). ومن إصداراته في الترجمة: "موسيقيو مدينة بريمن" (1984) للأخوين غريم، و"الغرينغو العجوز" (1990) لـ كارلوس فوينتس، و"قطار باتاغونيا السريع" (2008) لـ لويس سبولفيدا. وفي مجال النشر، شارك فركوح الشاعرَ طاهر رياض في "دار منارات للنشر" حتى عام 1991، قبل أي يؤسّس سنة 1992 "دار أزمنة للنشر والتوزيع" التي استكملت مشروعه في الترجمة؛ حيث قدّمت للمكتبة العربية العديد من كتّاب أميركا اللاتينية إلى جانب إصدارها سلسلة "تباشير" التي نشرت أعمالاً أولى لقرابة عشرين قاصّاً وشاعراً أردنياً في التسعينيات لا يزال معظمهم يواصل الكتابة إلى اليوم، وقد عمل مديراً لها حتى رحيله.