لمواجهة حرب التجويع.. حملة أردنية لإعادة بناء القطاع الزراعي في غزة
بعد التواصل مع العديد من المزارعين في قطاع غزة، تجدد المنظمة العربية لحماية الطبيعة حملتها المتخصصة الجهود التي تبذلها في إعادة تأهيل القطاع الزراعي بعد التدمير الواسع الذي خلفه العدوان الإسرائيلي في حربه على القطاع مستهدفا مساحات كبيرة من المزارع والأراضي منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي
يشير آخر تقرير مسح جوي صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، إلى أن نسبة الانهيار الكامل في هذه الأراضي بلغت حوالي 42 %، وفي منطقة شمال غزة فقط، نسبة الضرر تبلغ 45 % تقريبا في هذه الأراضي.
ومن خلال تقديرها للأوضاع الحالية، تؤكد المنظمة أن قطاع الزراعة في غزة يواجه خطر الانهيار التام، وتعمل على تعزيز الجهود وتوفير الموارد اللازمة للتعافي عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك وتتوقف العمليات العسكرية.
مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، أصبحت هذه المناطق غير صالحة للزراعة نتيجة لكميات الذخائر التي استخدمت، ونتيجة لذلك، بات يعتمد سكانها بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى ارتفاع حالات سوء التغذية.
زراعة 110 دونمات في القطاع
الأمر الذي دفع المنظمة العربية لحماية الطبيعة إلى تنفيذ حملة لإعادة تأهيل القطاع الزراعي، والمشاركة في مواجهة حرب التجويع المستمرة، استجابة لنداءات مزارعي غزة.
وتؤكد المديرة العامة للمنظمة مريم الجعجع لـ عمان نت ، أن القطاع الزراعي لديه الإمكانية لاسترجاع حيويته إذا تم إمداده بمدخلات اللازمة للإنتاج، موضحة أن مبدأ السيادة الغذائية يركز على تعزيز النظم الغذائية المحلية مما يعينني إنتاج الغذاء المحلي دون الاعتماد على المساعدات والمعونات الغذائية.
وتشير الجعجع إلى أن الحرب الحالية تعد مختلفة بكل مقاييسها عن السابق، حيث تم توقف المساعدات الغذائية الطارئة بسبب تجويع سكان غزة، وتعطيل المشاريع التي كانت قيد التنفيذ بسبب الحرب.
وتقوم الحملة حاليا على إحياء القطاع الزراعي المحلي من خلال زراعة 110 دونمات من الخضروات، في مختلف المناطق بالقطاع.
تتضمن المرحلة الأولى من الحملة إعادة تأهيل مزارع الخضراوات المتضررة بزراعة البذور والأشتال ومد شبكات الري بدل التالفة وخلافه، لتتوسع فيما بعد لتعيد بناء البيوت البلاستيكية، وزراعة الأشجار المثمرة وتشييد وترميم البرك الزراعية ومعدات الصيد، إضافة لإعادة تأهيل مزارع الدجاج اللاحم ومناحل العسل، كل ذلك بالاستفادة بشكل مباشر من الموارد الموجودة داخل القطاع نفسه.
وتواجه الحملة العديد من التحديات، بما في ذلك صعوبة الحركة وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية بشكل كبير، بالإضافة إلى احتكار تلك المنتجات.
وتشير الجعجع إلى أن هذه التحديات لا تقتصر على قطاع غزة فحسب، بل تشمل أيضا الضفة الغربية، حيث يستمر الاعتداء المستمر من المستوطنين بدعم من الحكومة، مما يؤدي إلى استهداف المزارعين والمزارع وحرق المزارع والأراضي. وتواصل الحملة جهودها لإحياء هذه الأراضي من جديد رغم هذه التحديات.
جهود كبيرة لإعادة قطاع الزراعة
هذه الحملة الجديدة ليست الأولى التي تطلقها المنظمة العربية لحماية الطبيعة في غزة منذ تأسيسها قبل عقدين، وسبقها حملات مماثلة في العام 2008 و2009 و2014 و2021 وأسفرت عن زراعة 460,000 شجرة وتأهيل بيوت بلاستيكية وبرك زراعية وشبكات ري ومزارع دواجن وأغنام ومناحل ومعدات صيد وغيرها.
وتؤكد رئيسة المنظمة رزان زعيتر "بأن علينا التركيز على موضوع السيادة على الغذاء في القطاع لا الأمن الغذائي وحده، وخصوصا مع الحصار المميت الذي فرضه الاحتلال، إضافة لدعم مشاريع التنمية الإغاثية القادرة على مساعدة الغزيين بزراعة وإنتاج وتثبيت النظم الغذائية المحلية، وعدم الاعتماد على المساعدات الإغاثية التي على ضرورتها تبقى هشة في ظل الحصار وإغلاق المعابر".
ودعت المنظمات الأممية والدولية والإقليمية المعنية بالغذاء والزراعة للمشاركة في دعم مثل هذه الحملات وتسهيل عملها وتمويلها فهذه مسؤولية كبيرة ولا يستطيع أفرادا فقط إنجازها. كما دعت زعيتر الجميع للمشاركة في دعم الحملة ونشر فكرتها لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
بحسب تقديرات منظمة الفاو العالمية فإن إعادة الإعمار وبناء قطاع الزراعة "ستتطلبان مجهودا كبيرا جدا"، يبدأ من عودة القدرة البشرية القادرة على إعادة قطاع الزراعة، وإمداد هذه القدرة بالمدخلات الضرورية، فضلا عن وجود حاجة كبيرة إلى تأهيل ما تم تدميره وفقدانه من البنية التحتية التي تخدم قطاع الزراعة بشكل مباشر...