لماذا الاعتراف بفلسطين هو مفتاح إنهاء الحرب في غزة؟

الرابط المختصر

أعلن الرئيس بايدن مؤخرًا رغبته في رؤية حكومة فلسطينية متنشطة “revitalized” يمكنها الجمع بين غزة والضفة الغربية تحت إدارة حكم واحد “هذا هدف جدير بالاهتمام، ومن المؤكد أن بايدن يستحق نقاطًا لإعلانه.

لكن يمكن أن يغفر للفلسطينيين التساؤل: هل كان الرئيس الأمريكي جادًا حقًا بشأن هذا الاعلان؟ إذا كان الأمر كذلك، فهناك خطوة واحدة يمكنه اتخاذها الآن نحو تحقيق هدفه: الاعتراف بفلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة.

اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012، بفلسطين كدولة مراقبة غير عضو. حتى الآن، اعترفت 139 دولة بدولة فلسطين ضمن حدود 4 يونيو 1967. ودعت الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية مرارا إلى حل الدولتين لكنها رفضت الاعتراف بدولة فلسطينية. حتى أن إدارة بايدن رفضت الاعتراف بفلسطين كدولة تحت الاحتلال.

على مدى العقد الماضي رفض كبار المسؤولين الإسرائيليين، الذين يفهمون هذه الإشارات من واشنطن، التعامل مع القيادة الفلسطينية.

رفض واشنطن الاعتراف بدولة فلسطينية يوفر لإسرائيل التهرب من أي سبب لأخذ الفلسطينيين على محمل الجد. لقد ساعد هذا النقص الفادح للأمريكان في توفير الأفق السياسي للشعب الفلسطيني في ايصالنا إلى الكارثة التي تجتاح المنطقة الآن.

إن الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية سيكون له عدد من الآثار الإيجابية. ومن شأنه أن يثبت أن بايدن جاد حقًا بشأن هدفه المعلن المتمثل في حل الدولتين. كما ومن شأنه أن يقوض مواقف الراديكاليين من كلا الجانبين — المتطرفين الفلسطينيين الذين يرفضون الاعتراف بإسرائيل، وكذلك أولئك في اليمين المتطرف في إسرائيل، الذين يريدون ضم جميع الأراضي الفلسطينية غرب نهر الأردن.

بايدن محق في القول إن الفلسطينيين بحاجة ماسة إلى هيكل سياسي متنشط يفترض أنه قائم على إرادة الشعب الفلسطيني كما يتم التعبير عنه من خلال الانتخابات الحرة. لكن إجراء مثل هذه الانتخابات سيكون شبه مستحيل ما لم يتأكد الناخبون الفلسطينيون من أن أصواتهم تقربهم من التحرر من الاحتلال والعنف الذي لا نهاية له. وبهذا المعنى، فإن الاعتراف والانتخابات الجديدة عنصران لا غنى عنهما في نفس الاستراتيجية.

بالتوازي مع اعتراف الولايات المتحدة بفلسطين، يمكن للمجتمع الدولي الإشراف على انتخابات القيادة الفلسطينية الجديدة التي ستتفاوض مع إسرائيل حول جميع القضايا التي يجب أن تتفق عليها الدولتان المتجاورتان. هنا أيضًا، يمكن لبايدن والقادة الفلسطينيين الحاليين البدء بالاعتراف بالأخطاء التي ارتكبوها في هذا الصدد.

في عام 2021، أعلنت الحكومة الفلسطينية مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وقد أدى احتمال إجراء تصويت حر إلى شعور حقيقي بالإثارة في الضفة الغربية وغزة، حيث أمضى الفلسطينيون 15 عاما دون فرصة اختيار قادتهم.

لكن الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، أصيب بتردد، خوفا من منافسة جيل جديد من الشخصيات الشابة والأكثر شعبية، مثل الزعيم المسجون مروان البرغوثي حيث قام الرئيس عباس بإلغاء الانتخابات — ولم يعترض بايدن. وفي يوليو 2022، خلال زيارة إلى بيت لحم في الضفة الغربية، أخبر بايدن عباس أن الوقت غير ناضج لمحادثات السلام!!

ومع عدم قدرة عباس على تحقيق نتائج ومع زيادة إسرائيل ضغطها على الفلسطينيين، طرح الجناح العسكري لحماس بأن إسرائيل والعالم لا يفهمان سوى منطق القوة. وفي ظل هذه الظروف، وجد العديد من الفلسطينيين صعوبة في الاختلاف مع هذا الرأي.

في ضوء كل ما حدث منذ ذلك الحين، يجب أن يكون واضحا أن الولايات المتحدة أضاعت فرصة كبيرة لتقويض المتطرفين. والآن، يجب على واشنطن أن تثبت أنها جادة في منح الفلسطينيين فرصة لتقرير مستقبلهم.

قد يبدو احتمال إجراء مفاوضات نحو إقامة دولة فلسطينية بعيد المنال في أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر، وعدوان إسرائيل الانتقامي المروع في غزة. ولكن مثلما أظهرت الدبلوماسية نجاحًا في قضية الرهائن، فإن اعترف بايدن بفلسطين — وهو ما يمكنه تحقيقه ببساطة من خلال توجيه سيرته في الأمم المتحدة لعدم استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن — يمكن أن يشكل اختراق.

قالت إسبانيا الأسبوع الماضي إنها قد تعترف بفلسطين بمفردها إذا فشل الاتحاد الأوروبي في ذلك. وفي حين أن هذه الإيماءات من جانب دول فردية جديرة بالترحيب، فإن تصويت مجلس الأمن الذي يؤكد الاعتراف بدولة فلسطينية، سيكون أمر ملزم في القانون الدولي، ستوجه رسالة قوية إلى جميع الأطراف بشأن جدية المجتمع الدولي.

ومن شأن هذه الخطوة أن تمنح الشعب الفلسطيني الأمل في أن يتمكنوا من تحقيق التحرر من الاحتلال وأن تعزز عملية وقف إطلاق النار من خلال توفير خريطة طريق سياسية واضحة.

على الصعيد الأمريكي الداخلي، من شأن الاعتراف بفلسطين أن يساعد بايدن أيضًا في تحسين علاقته مع الشباب الأمريكي، والتقدميين، والمسلمون الأميركيون والعرب الأميركيون في حزبه الذين يشعرون بخيبة أمل عميقة بسبب سياساته المنحازة للإسرائيلية.

فأي جهد جاد لإيجاد نهاية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يحتاج إلى تجاوز أفكار الحلول المجزأة التي جُربت حتى الآن. يجب أن يكون الهدف الاستراتيجي هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية. وبمجرد أن يتم ترسيخ هذا الهدف، يمكن للفلسطينيين والإسرائيليين العمل على ملء التفاصيل المتعلقة بالحدود والقدس واللاجئين والمستوطنين والأمن والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية المستقبلية.

هذا هو الطريق الوحيد الذي يوفر مخرجا قابلا للتطبيق من الأزمة الحالية. ولا ينبغي تفويت هذه الفرصة.

المقال الأصلي بالانجليزي هنا