لغة عربية مشوهة على واجهات المحال التجارية
جولة قصيرة في أي شارع أردني كفيلة بالكشف عن مخالفة قانون حماية اللغة العربية. ترى بوضوح أسماء أجنبية كتبت بلغة غير سليمة. يهدف أصحاب المحال للفت الانتباه، لاعتقادهم أن الأسماء غير المألوفة أكثر جذبا للزبائن، حتى وإن تعدت على اللغة. بل إن كثيرا من أصحاب المحال لا يعرفون أساسا بوجود قانون لحماية اللغة العربية. ولم يسألهم أحد من قبل عن أسماء منشآتهم التجارية، سواء عند إجراء معاملات الترخيص أو بعد نصب اللافتات على واجهات المحلات.
مالك الشناق، صاحب محل (وايت -شوز آند باج) للأحذية والحقائب في منطقة أبو نصير، كتب اسم محله بالإنجليزية. أرجع السبب لكون بضاعته تهم الشباب، ومن الضروري أن يكون الاسم أجنبيًا - كما يرى - لأنه يؤشر إلى رقي المحل ومستواه. واعتبر أن "التباهي بين هذه الفئة سبب مهم لدفعهم إلى الشراء، لأنهم يطلبون علامات تجارية بعينها، وأثناء التسوق يلتقطون بعض الصور للبضاعة ويأخذون رأي أصدقائهم".
الكتابة بالعامية أمر شائع أيضا. محمد سلامة مدير أحد محال بيع الحلويات والكوكتيل (جيت بوقتك)، أطلق على محله هذا الاسم لأنه سهل على اللفظ " حتى يكون الاسم منسابا في كلام الناس بسهولة، خصوصا أن الفصحى غير دارجة".
قانون دون آليات للتنفيذ
صدر قانون حماية اللغة العربية عام 2015. ويُلزم مؤسسات الدولة بالعمل على سيادة اللغة، وتعزيز دورها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني وفي الأنشطة العلمية والثقافية. ويشمل ذلك تسميات هذه الجهات ووثائقها ومعاملاتها وسجلاتها والوثائق والعقود والاتفاقيات التي تكون طرفًا فيها، والكتب الصادرة عنها، وأي إعلانات مرئية أو مسموعة أو مقروءة موجهة للجمهور، وأيّ منشورات دعائية وغير دعائية، وأيّ حملات إعلامية.
ولا يغفل القانون تسميةَ الشوارع والأحياء والساحات العامة وغيرها من المواقع، مع استثناء أسماء الأعلام غير العربية. وينطبق هذا على المؤسسات التجارية والمالية والصناعية والعلمية والاجتماعية والخدمية والترفيهية والسياحية.
لم يجد القانون طريقه نحو التطبيق الفعلي. ولم يصدر له نظام للتنفيذ. ولا توجد جهة محددة لتلقي الشكاوى. ورغم أن عقوبة الانتهاك ضد اللغة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار حسب القانون، إلا أن الأخطاء اللغوية تملأ الشوارع، ما يدلل على انعدام تطبيق القانون.
حسب الأمين العام لمجمع اللغة العربية محمد السعودي فإن نظام "موافقة الأسماء" ما زال بانتظار موافقة ديوان التشريع والرأي كما صرح لوكالة الأنباء العمانية. يهدف النظام إلى رسم آلية تنفيذية لتطبيق قانون اللغة، من خلال التأكد من توافق الأسماء التجارية مع قواعد اللغة العربية، وضبط أسماء المحلات، وضمان عدم تعدي العلامات التجارية المحلية على نظيرتها العالمية. هذا بحاجة إلى جهة تتمتع بصلاحيات الضابطة العدلية وتحرير المخالفات، وفق مجمع اللغة.
يقتصر دور مجمع اللغة العربية على التوعية ومخاطبة الجهات المختلفة ودعوتها للالتزام باللغة العربية الصحيحة في مراسلاتها وإعلاناتها. وحسب نبيل حريز رئيس قسم النشر والتحرير "يقوم المجمع بتوجيه كتب شكر للجهات الملتزمة بسلامة اللغة العربية ودقتها". يشير حريز إلى أن رسائل عدة تصل المجمع حول مخالفات للقانون يتم إرسالها إلى رئاسة الوزراء، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق تلك المؤسسات.
لا إجراءات بحق المخالفين
لم يسبق أن قامت أمانة عمان الكبرى - باعتبارها الجهة المسؤولة عن إصدار تراخيص المحلات – بوقف ترخيص أي محل تجاري بسبب مخالفته للغة العربية . تركز الأمانة في المقام الأول بشروط السلامة العامة والالتزام بالشروط المحددة للحصول على الترخيص بغض النظر عن اسم المحل، كما أوضح عمر أبو السندس رئيس شعبة المهن في أمانة عمان الكبرى – منطقة أبو نصير. . وقد أشار بعض أصحاب المحلات بأنه لم يحدث أن توقف ترخيص المحل بسبب الاسم.
تسمح تعليمات تسجيل أسماء المحلات بأن يكون 75% من مساحة اللوحة الإعلانية باللغة العربية، و25% باللغة الإنجليزية، باستثناء العلامات التجارية العالمية يسمح لها أن تكون كلها بالإنجليزية. ونفذت أمانة عمان 13 ألف جولة تفتيشية خلال عام 2020 تركزت على فحص شروط الصحة والسلامة ولافتات المحال التجارية وفق مرسل المناصير من مديرية المهن في إقليم شمال عمان التابع لأمانة العاصمة. وأشار إلى أن مفتشي الأمانة أزالوا لافتة محل تجاري واحد بسبب مخالفتها شروط الترخيص. وعند سؤاله عما إذا ما قامت أمانة عمان بمخالفة محلات لم تلتزم بالتعليمات، أفاد بأن: "مفتشي الأمانة ينفذون جولات تفتيشية، ويتخذون إجراءات بحق المخالفين، إضافة إلى ما يردهم من مخالفات من وزارة الصناعة والتجارة". لكن سجلات المحاكم الأردنية تخلو من أي قضية مرتبطة بمخالفة قانون اللغة العربية، حسب تأكيد المحامين عمر أبو ناموس ومحمد سعيد وأنس جوهر. حالة من شأنها إبقاء القانون بلا وجود فعلي على الأرض.
* نفذ هذا التقرير بالتعاون مع شبكة أريج