كيف يضمن العمال تطبيق الحد الأدنى للأجور؟
مطلع العام الحالي، بدأ تلقائياً تطبيق قرار اللجنة الثلاثية للأجور بالعمل في الحد الأدنى المتفق عليه في بدايات 2020 بمبلغ 260 ديناراً للعامل أو العاملة، الّا أنّ قراراً آخر من اللجنة ذاتها في نهاية العام الماضي، أجل شمول القطاعات الأكثر تضرراً من الجائحة حتى الأول من حزيران.
تعرف القطاعات الأكثر تضرراً على أنها قطاعات لحقت بها خسائر اقتصادية فادحة جراء جائحة كورونا وتصدر بشكل شهري ودوري من الحكومة بعد توافق عدة وزارات منها العمل والصناعة والتجارة، الّا أنّ بعضها اعتبر نفسه مشمولاً فيها كعيادات التجميل والجلدية مثلاً بحسب رصد المرصد العمالي.
تقول رنا (اسم مستعار) إنّ ّ عيادة التجميل التي تعمل بها في محافظة إربد ما زالت تعمل بنظام الحد الأدنى للأجور القديم وهو 220 ديناراً رغم صدور قرار واضح بتعديله، لم تتبعه الإدارة واستمرت بدفع الأجور القديمة رغم تذكير العاملات فيه.
رنا التي تعمل في العيادة منذ أكثر من عام تتفاجأ شهرياً براتبها غير الثابت فإما أن يزيد عن 230 ديناراً أو ينقص علماً أنّها تعمل بساعات إضافية تصل في بعض أيام الشهر إلى ساعتين يومياً، غير عملهم الإجباري خلال أيام العطل الرسمية كعيد الاستقلال أو يوم العمّال أو حتى الانتخابات النيابية.
يصر الطبيب المختص وصاحب العيادة التي تعمل فيها على أنّ قرار الاستثناء من الحد الأدنى للأجور يشملهم أيضاً علماً أن قطاعهم طبيّ ولم يرد ذكره في قائمة القطاعات المتضررة والأكثر تضرراً منذ اعتمادها رسمياً.
في هذا السياق صرحت وزارة العمل، أمس الأحد، على لسان ناطقها الإعلامي بأنّ الحكومة لم تصدر أي قرار جديد يؤجل شمول القطاعات الأكثر تضررا من الحد الأدنى للأجور، وهو 260 ديناراً.
يأتي ذلك بعد مرور خمسة أشهر على تطبيق الحد الأدنى الجديد للقطاعات غير المصنفة بالمتضررة أو المغلقة جراء الجائحة، علماً أنّ اللجنة الثلاثية المكونة من وزارة العمل وممثلي العمال وأصحاب العمل توافقت على بدء العمل بالحد الأدنى الجديد مطلع عام 2021.
وتعليقاً على ذلك يؤكد رئيس اتحاد نقابات العمال المستقلة سليمان الجمعاني، أنّ الحكومة ملزمة في الوقت الحالي بتكثيف التفتيش على المنشآت لضمان تطبيق الحد الأدنى الجديد خاصة وأنّ منشآت غير متضررة ما زالت تعمل في الحد الأدنى القديم.
ويقول الجمعاني لـ"المرصد العمالي الأردني" إنّ القطاعات سواءً متضررة وغير متضررة لم تلتزم أصلاً في الحد الأدنى الجديد، حتى أنّ المتضررة لم تعط نسبة 37.5% من الـ 70% التي تقاسمتها الحكومة والضمان الاجتماعي وصاحب العمل، كما حددها برنامج استدامة.
ويبين أنّ الحكومة تجاهلت حاجة العمال واكتفت بدعم القطاعات من خلال تخفيض الأجور وهو ما يتنافى مع الحقوق ابسط الحقوق العمالية، فالعمال متضررون أكثر من أصحاب العمل، ذلك لأن دخلهم قبل الجائحة لم يكن بالمستوى المطلوب أصلاً فحتى الحد الأدنى الجديد لا يرقى للحاجات الأساسية لهم.
ويطالب الحكومة بتفعيل التفتيش أكثر من الأيام العادية، لأنّ وزارة العمل لم تنجح في إدارة مشكلة معلمات القطاع الخاص بعد أن أصبحن يعطين جزءاً من أجرهن لأصحاب المدارس، ولا تصل أجور بعضهن إلى 100 دينار رغم أن آلية العمل باتت أكثر إرهاقاً من ذي قبل، بحكم التعليم عن بعد الذي فرضته الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
أما مدير جمعية بيت العمال حمادة أبو نجمة يقول إن القانون يعاقب صاحب العمل المتخلف عن إعطاء الحد الأدنى للأجور بغرامة تتراوح بين 300-400 دينارٍ عن العامل الواحد والمرة الواحدة، وتتضاعف الغرامة في حال تكرارها.
ويضيف أبو نجمة لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ الوزارة ألزمت نفسها بضرورة التفتيش ومتابعة مكاتبها في مختلف المحافظات، داعياً العمال إلى عدم التردد بالتوجه للشكوى مع حقهم في التحفظ على أسمائهم دون كشفها.
ويوضح أنّ وزارة العمل بإمكانها طلب كشوفات الأجور التي يدفعها صاحب العمل حتى تتأكد من دفع الأجور كاملة للعاملين والعاملات.
وحول تعويض العامل في حال حصوله على أجر أقل من الحد الأدنى للأجور، يشير إلى أنّ الوزارة لا تلزم صاحب العمل بالتعويض وإنما الغرامة وإعطاء الحد الأدنى في حال دفع صاحب العمل أقل من ذلك، مستدركا حديثه بأنّ القضاء قادر على الحكم بالتعويض بمبلغ يعادل المبلغ نفسه المقتطع من الأجر الأصليّ.
وبحسب أبو نجمة، فإنّ الاتفاق مع العامل على أجر يقل عن الحد الأدنى هو بحد ذاته مخالف للقانون ويستحق العقوبة عليه.
ويبدأ اعتباراً من يوم غد الثلاثاء الأول من حزيران شمول القطاعات الأكثر تضرراً بالحد الأدنى للأجور الجديد حيث صدر قرار من اللجنة الثلاثية باستثنائها مع القطاعات المغلقة حتى الحادي والثلاثين من أيار.
وأقرت اللجنة الثلاثية للأجور المشكلة من ممثلي العمال وأصحاب العمل والوزارة، برفع الحد الأدنى للأجور إلى 260 ديناراً.