كورونا يزيد تحديات العمال في قطاع الزراعة

الرابط المختصر

على ما يبدو أنه ومع جائحة كورونا، تلك التي اجتاحت العالم وتسببت بعشرات الضحايا ومئات الاصابات، تفشى معها "تحديات" عديدة عصفت بالعمالة في الأردن، فلم يعد الخوف يقتصر من الاصابة بالفيروس بقدر ما أصبح من تلك الأبعاد والآثار القاسية التي تخلفها الجائحة والتي تتمثل بالخوف من فقدان لقمة العيش وتفاقم التحديات وغيرها من مجالات حقوق الإنسان، فبتنا نشهد حلقة مفرغة من الانتهاكات بحسب منظمات حقوقية.  

والبيئة العمالية ليست بمعزل عن تلك الانتهاكات، فقد اعتبرها حقوقيون بيئة خصبة لتأجيج الانتهاكات نتيجة للصعوبات الاقتصادية التي تعيشها المؤسسات وهو ما فتح الباب واسعاً أمام تزايد انتهاكات حقوق العمال سواء من الأردنيين أو اللاجئيين . 

وهذه ما يعيشه "أبو سامي" 51 سنة، لاجئ سوري و"عامل مياومة " في أحد المزارع في شمال المملكة، يتقاضى راتب "140 " دينار شهريًا وهو مصدر الدخل الوحيد الذي يعيل به عائلته المكونة من 15 فرد . 

أبو سامي يروي معاناته مع صاحب العمل في الحصول على راتبه، وطول الفترة ما بين إنجازه لعمله واستلامه لمستحقاته والتي لا يتقاضاها كاملةً في بعض الأحيان، يقول "الي أشهر بطالب صاحب المزرعة براتبي وما في استجابه بحجة إنه الوضع الاقتصادي صعب، واحنا كمان الوضع صعب علينا ومديونين" . 

أما أم محمد (60) سنة فهي أردنية تعمل في الزراعة ولكنها توقفت عن العمل منذ أشهر لعدم وجود موسم وقلة الطلب على الأيدي العاملة، فتقول "كورونا أثرت علينا كثيرا، عدد العاملين قل عن أول وهذه خلا قدامنا تحديات وصعوبات اقتصادية كثيرة".

أم محمد ترى أن أصحاب العمل لا يرضخون لقانون العمل ولا يطبقونه نتيجة غياب الرقابة وخاصة على قطاع الزراعة، وبالتحديد فيما يتعلق بالأجر وساعات العمل فتقول "150 دينار شو بدهم يأمنو متطلبات عيلة في ظل غلاء الأسعار".

هيام لاجئة سورية 41 سنة، تعمل في الزراعة "مياومة"، تعيش في أحد المخيمات العشوائية شمال المفرق، تتقاضى راتب 130 دينار شهرياً، مقابل 6 ساعات عمل يومية باستثناء أيام الحظر.   

هيام تعمل هي وشقيقتها لإعالة اثنيين من أخويها من ذوي الاعاقة ووالدتها الكبيرة في السن وتقول "بظطر اشتغل أنا واختي حتى اقدر أمن علاجهم، بدي شهرياً 200 دينار حق علاجات، كثير اشياء ناقصيتنا ومش قادرة أمنها".

هيام تعلم أن الحد الأدنى للأجور أصبح 260 دينار الا أن لا حل أمامها سوى أن تقبل بذلك الأجر، لتأمين أدوية عائلتها، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.

بدوره، قال الناطق الاعلامي في وزارة العمل محمد الزيود "تلقينا أكثر من 5 آلاف و 786  شكوى تخص عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور بعدد من القطاعات، هذه الشكاوى يتم التعامل معها من قبل فرق التفتيش واتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين وإلزام والزام صاحب العمل بتعويض العامل عن الأجر الذي لم يتقاضاه بعد إعطائهاعطائه مهلة لتصويب أوضاعه".  

"كورونا أثرت اقتصادياً على كافة القطاعات، وأوامر الدفاع ألزمت أصحاب العمل بعدم تسريح العمالة التي مضى عليها أربع عقود متواصلة، ووزارة العمل تتابع تطبيق وأمروامر الدفاع والالتزام بها في كافة المنشآت" يقول الزيود.

وأوضح الزيود بأنه قد تم إنشاء منصة "حماية" للعمال في القطاع الخاص سواء للمواطن أو الوافد أو اللاجئ، لغايةلغايه استقبال الشكاوى العمالية متعلقه بإنهاء الخدمات وخفض الأجور، وتم فرض إجراءات مشددة حيث وصلت مخالفة بعض المنشآت إلى ثلاثة آلاف دينار.   

ويستطيع أي عامل التقدم بالشكوى عبر المنصة "حماية "؛ حيث يتم التعامل بسرية أو علنيةبعلنية معها حسب ما يرغب المشتكي، وفق الزيود. 

في دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية عام 2020 حول مناعة العمل غير الرسمي بين اللاجئين السوريين في الأردن أوضحت أن 69% من اللاجئين يعملون بشكل غير مستقر، و39% من اللاجئين يبرمون اتفاقيات شفهية مع أصحاب العمل و 4%  لا يبرمون اتفاقيات شفهية ولا مكتوبه، وأثبتت الدراسة أن العمالة غير الرسمية أعلى بين السوريين، منهم 52 % لم يبرموا عقود عمل اطلاقا و35% عملوا دون عقود. 

أما قانونياً، المحامي زياد شواقفه بين أنه ومع بداية هذه العام تم إصداراصدار قرار بالتعديل على قيمة الحد الأدنى للأجور من 220 دينار إلى 260 دينار ويُستثنى من هذه القرار القطاعات المتأثرة من جائحة كورونا لغاية تاريخ 30 /5 .  

"فيما يتعلق بقطاع الزراعة فإن بعض أصحاب العمل أخفضوا الأجور أو قاموا بقطعها عن العمال، فواجهنا خلال الأيام الماضية العديد من المشاكل والقضايا تخص بالتحديد عمال الزراعة، ونضطر في هذه الحالة  إلى اللجوء للمحكمة للمطالبة بالأجور المستحقة" يقول الشواقفة.

ويوضح الشواقفة أن اللاجئين والوافدين والمهاجرين يسري عليهم قانون العمل الأردني، ومن المفترض أن يكون هناك نظام خاص ينظم عمل الزراعة ولا بد من تفعيله، أما الآن فالعامل يبقى تحت مظلة قانون العمل لحين صدور ذلك النظام. 

مؤكدًا أن قطاع الزراعة يشهد انتهاكات ما قبل كورونا وخاصة فيما يتعلق بعمل الأحداث والأجور،  والاتفاقيات الدولية نصت على احترامهم وعدم متاجرة بهم وعدم بيع العقود أو شرائها وعدم بيع تصاريح العاملين والذي يندرج تحت عنوان الاتجار بالبشر.  

من جانب آخر، قالت مديرة البرامج في منظمة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان ياسمين إشتي، "بسبب كورونا تم ايقاف الكثير من القطاعات، والقطاعات الحيوية محصورةمحصوره بالزراعة والاغذية والقطاع الصحي، واعتبارها قطاعات حيوية لا يعني ذلك أنها تخلو من الانتهاكات".  

"قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي تتعرض للانتهاكات، لأنه موسمي ويعتمد على مزاجية صاحب العمل وهذه القطاع أغلب الاتفاقات بين الطرفين غير رسمية" تقول إشتي. 

وتتابع "العاملين كانو يحملون شعار (إذا ما متنا من كورونا راح نموت من الجوع) فكان لديهم مخاوف كبيرة  من فقدان فرص عملهم وأن تسوء أوضاعهمأوضاعم أكثر مما هي عليه، بالرغم من ظروف العمل غير اللائقة، وهذا يزيد من خطر الاصابة بالفيروس، فضلا عن عدم تزويدهم بمستلزمات السلامة العامة، وهناك الكثير من الحالات كان يتعذر عليها الوصول لأماكن عملهم". 

وفيما يتعلق بوقف دفع الأجور، تعزو إشتي السبب وراء ذلك إلى أن الإستيراد والتصدير توقف خلال جائحة كورونا، وعند فرض الحظر الشامل، بعض المحاصيل الزراعية تعرضت للتلف وبعض المواشي نفقت، وهذه خسائر فادحة وقعت على عاتق صاحب العمل، وفي النهاية كل أطراف المعادلة تقاسمت الخسائر. 

في نتائج استبيانلاستبيان أعدته منظمة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسانالانسان في شهر نيسان عام 2021 حول إجراءات السلامة والصحة المهنية في الزراعة في جنوب وشمال ووسط المملكة لعينة من العاملين من عدة جنسيات وأردنيين، أوضح الاستبيان أن نسبة 78.3% من العاملين لا يُزودن بأدوات السلامة والصحة العامة بينما 14،16% زودوا فيها، وشكل ما نسبته 67،34% منهم أنه سيخصم من أجورهم في حال جرى توزيع أدوات السلامة والصحة العامة .

ويذكر أن منظمة العمل الدولية كانت قد أعربت عن استيائها من تزايد حالات انتهاكات حقوق الإنسانالانسان في الأردن في عدة مجالات ضمن تقريرها السنوي 2020؛ حيث أشار التقرير إلى وقوع عدد كبير من الانتهاكات بحق العمالة المهاجرة من بينها حالات الطرد التعسفي وعدم سداد الأجور وبأن العديد من العاملين فقدوا وظائفهم .